علمت «الراي» من مصادر ذات صلة، أن «هيئة أسواق المال» خالفت مكتبي تدقيق حسابات، ووجهت إليهما تنبيهاً، على اعتبار أنهما استمرا في تدقيق ميزانيات بنوك لأكثر من 4 سنوات، مخالفين بذلك تنظيماتها المحددة لفترة التدقيق المسموح بها على الشركات المدرجة.وطالبت «الهيئة» المدققين التعهد بعدم تكرار المخالفة وتعديل أوضاعهما، ما أشاع مخاوف واسعة لدى عموم مراقبي الحسابات تحسباً للخطوة الرقابية المقبلة، خصوصاً إذا استمروا عالقين في «شرباكة» الجهة الرقابية المعنية باعتماد تعيينهم للتدقيق على ميزانيات البنوك.وتستدعي تعليمات «الهيئة» تغيير مدقق حسابات الشركات المدرجة كل 4 سنوات، ولا يسمح له التدقيق على الشركة نفسها مجدداً إلا بعد مرور عامين على توقفه، بينما كانت البنوك تعتقد أنها غير معنية بتطبيق هذه التعليمات، علماً بأنه يستثنى صراحة من هذه التعليمات الشركات تحت التصفية.واعتبرت «الهيئة» أن المدققين معنيون بتطبيق تعليمات تدويرهم في الشركات المدرجة، ومن ضمنها البنوك وأن عليهم المغادرة بعد مرور 4 سنوات، وإلا سيكونون شركاء في المخالفة، دون أن توضح الحد الأعلى للعقوبة المتوقعة.لكن مراقبا الحسابات المخالفان يريان أنهما لم يخالفا التعليمات، حيث تظلما لدى لجنة المعنية في «الهيئة»، مؤكدين أنهما التزما بالمعايير الرقابية المعمول بها منذ سنوات في ما يتعلق بتعيين مدققي حسابات البنوك، وأن ذلك كان يتم بالتنسيق مع بنك الكويت المركزي، وأن هناك مذكرة تفاهم بين الناظمين تعزز موقفهما.ولفتا المكتبان في تظلمهما إلى أنهما لا يعدان مخالفين للتعلميات، وانهما فهما اعتماد «الهيئة» لميزانيات البنوك خلال السنوات الماضية رغم تجاوز الفترة المحددة في أكثر من بنك، دون توجيه أي مخالفة للمصرف أو إلى المدقق، بأن البنوك مستثناة من هذه التعليمات، بحكم أن تبعيتها في ما يتعلق بإجراء تعيين مراقب حساباتها لـ «المركزي» وليس «الهيئة».ومقابل ذلك، طلبت لجنة التظلمات من مكتبي التدقيق المخالفين ما يفيد بصحة وجهة نظرهما من الناحية القانونية، بمعنى أنه لتصحيح المخالفة عليهما توفير أي مستندات تؤكد أن اعتماد تعيين مراقب حسابات البنوك تابع لـ «المركزي» وليس لـ «الهيئة».وبالتالي فقد تم التوجه إلى «المركزي» وطلب الإفادة منه تفادياً للمخالفة، أو حتى يتمكن المدققان من تعديل أوضاعهما بما يستقيم مع النهج الرقابي الجديد.وسبق المدققين في التوجه إلى «المركزي» البنوك نفسها، حيث علم أنها فتحت معه نقاشاً حول مسار تعيين مدققيها في الفترة المقبلة، حيث أبدت البنوك مخاوفها من المواجهة الرقابية، فالالتزام بالصيغة الرقابية المعمول بها مع «المركزي» يعرضها لمخالفة «الهيئة»، وعدم التزامها بها يؤدي إلى تخليها عن بعض المعايير المحاسبية العالمية التي يشترطها «المركزي» على تعيين مكاتب التدقيق.ومن الواضح أن البنوك أودعت مخاوفها لدى «المركزي» مع احتمالات الكلفة عليها في الحالتين، على أمل أن يجلس الناظمان معاً على مائدة الحوار، وفك التشابك بينهما، من خلال إعادة صياغة تفاهمهما حول الجهة الرقابية التي يتبع إليها مدقق حسابات البنوك.ولفتت المصادر إلى أن البنوك سبق وأن دخلت في خلاف مع «الهيئة»، للسبب نفسه، لدرجة أن الأخيرة رفضت عقد الجمعية العمومية لأكثر من بنك عن 2016، إلا أنه تم احتواء الخلاف وسمح لهذه البنوك بعقد عمومياتها، مشيرة إلى أن هذه الموافقة قبلت القسمة على اثنين، لجهة أنها لم تؤكد ما إذا كانت موافقتها بهذا الشأن تعني إعفاء البنوك نهائيا من هذا القيد.وحتى الآن يبدو أن لدى «الهيئة» و«المركزي» رأيين متناقضين في شأن تبعية مدقق الحسابات وآلية تعيينه، فـ «الهيئة» ترى أن تطبيق مفهوم تدوير مراقب الحسابات على الشركات المدرجة كل 4 سنوات، يشمل البنوك، وأن ذلك يدعم بقوة عامل حياديتهم، ويسهم في الحد من حالات التلاعب في تدقيق الحسابات وتحسين نوعية التدقيق المحاسبي.كما تعتبر أنه لكي يكون مراقب الحسابات مستقلاً يفترض أن يكون حراً من أي التزام تجاه العميل، أو أن تكون له مصلحة في إدارته أو في ملكيته، ومن هنا جاءت تعليماتها بخصوص تدوير مراقبي الحسابات داخل الشركات المدرجة.أما «المركزي» فيرى أن ضوابطه بخصوص تعيين مدققي حسابات البنوك لا تركب عليهم جميعاً، ولذلك يمكن إعفاء المصارف من هذا الإلزام، على أساس أن آلية تدقيقه على ميزانيات البنوك تضمن ما تهدف إليه «الهيئة» من حيادية، وحرية للمدقق في تبويب ما يراه مناسباً وفقا لمعايير محاسبية عالمية، ولذلك يعتبر «المركزي» أن دور «الهيئة» بالتعيين يتجاوز دور تسجيل المدقق فقط، ويترك الاعتماد له.