كشفت تداعيات الهزة الأرضية التي تعرضت لها الكويت، مساء أول من أمس، بدائية التعامل الحكومي مع الأزمات من جهة، ومن جهة ثانية ضياع التنسيق بين الجهات المعنية بالأمر، حتى بات كلٌّ يغني على «مقياسه» في التعاطي مع الهزة التي بلغت قوتها من 4 الى 5 درجات على مقياس ريختر، وهي توابع زلزال ضرب الحدود العراقية الإيرانية بقوة 7.2.الحدث، أسقط «ورقة التوت» عن الضعف الحكومي تجاه الأزمات، فلم يكن رد الفعل على الهزة ضمن الحد الأدنى من التعاطي الصحيح، الأمر الذي انعكس صبيحة أمس انتقادا واسعا لما صدر بعد سويعات قليلة من حدوث الهزة، من تصريحات وبيانات تؤكد عدم دراية الجهات التي أصدرتها بالتصرف الصحيح حيال الحدث، فليس من المعقول أن تصدر تصريحات من عدد من الجهات تؤكد عدم تأثير الهزة، قبل معاينة الواقع والتأكد من ذلك، بينما رأينا كيف تأخرت البيانات الرسمية في العراق وإيران «مركز الزلزال» حتى صبيحة أمس مع أن خسائرها كانت كبيرة.وبعيدا عن التنبيه بالهزة، التي لا يستطيع أحد التنبؤ بها، فإن من غير المعقول عدم استعداد الجهات المختصة لمثل هذا الأمر، فإدارة الكوارث والأزمات لا تنتظر وقوع الكارثة، بل يسبقها تدريبات ومحاكاة ليتدرب كل مسؤول على القيام بدوره ومسؤولياته، بما فيها التواصل مع الإعلام ونقل الحقائق للجمهور، ليصار إلى بث الطمأنينة لديه، إذ إن ترك الأمور بلا ذلك ستدفع باتجاه اضطراب السكان وحدوث الازدحام وسوء التعامل مع الأزمة إلى المزيد من الخسائر التي يمكن تجنبها بالإدارة السليمة.وأمام ما جرى ارتفعت الأصوات منادية بضرورة وجود هيئة مستقلة مسؤولة عن رصد الزلازل، التي أصبحت اليوم ضرورة ملحة للتنبؤ وجمع البيانات والمعلومات والمعطيات الخاصة بالأنشطة الزلزالية في المناطق المحيطة بنا، وخصوصا وأنه من غير المنطقي ان يكون الإعلان عن مكان وقوع الزلزال صدر أولا من مراكز رصد بعيدة جدا عن منطقتنا.فبعد «الهلع» الذي أصاب السكان ليل أمس الأول، قامت كل جهة حكومية منفردة بالإعلان عن وضعها وعدم تأثر جهاتها بتبعات ذلك الزلزال، قابله فى الطرف الآخر عدم وجود توجيهات الى كيفية التعامل مع الحدث من قبل جهة واحدة رسمية، الأمر الذي أثار حفيظة عدد من الجهات التي عبرت عن ذلك في بيانات صحافية.فقد انتقدت جمعية المهندسين غياب الموقف المطلوب من بعض الجهات الحكومية المعنية إزاء الهزة الأرضية، مشيرة إلى أن عدم وجود هذا الموقف الرسمي وإطلاع السكان على الحالة التي شهدتها البلاد فور وقوعها، يؤكد الحاجة الماسة الى التفعيل الدائم لخطط الاستجابة للطوارئ والكوارث والأزمات التي قد تقع في أي وقت.وقال أمين سر الجمعية المهندس فهد العتيبي، إن حالة الهلع التي شهدتها شوارع البلاد كشفت الغطاء عن القصور الكبير الموجود في تنسيق الجهود بين مختلف الجهات المعنية، مؤكدا أن الحاجة باتت ملحة جدا لوجود جهة توحد الجهود الرسمية وتفعل خطط الاستجابة للطوارئ والتي ثبت وجودها على الورق فقط وفي العمليات الوهمية الشكلية التي تقوم بها بعض الجهات هنا أو هناك وفق سيناريوهات معدة مسبقا.وأشار أمين السر الى أنه على الجهات المعنية التفاعل السريع مع مثل هذه الحوادث من خلال اطلاع الجمهور أولا بأول على حقيقة الأوضاع وتوجيههم للتصرف السليم والمطلوب في مثل هذه الحالات، مضيفا أن يجب على هذه الجهات القيام بحملات توعوية – دائمة للحد من أي تبعات قد تحدث إزاء مثل هذه الحالات الطارئة.وأكد العتيبي أن الكويت تتميز بوجود كوادر وطنية عاملة ومتطوعة في مختلف المجالات وخاصة مجالات الحد من آثار الكوارث والحالات الطارئة، لافتا الى عضوية الجمعية في اللجنة العالمية للحد من آثار الكوارث ومناطق النزاعات التابعة للاتحاد الدولي للمنظمات العالمية الهندسية ومشاركة أعضاء اللجنة الكويتيين في أنشطتها بشكل فاعل حول العالم.وبالعودة إلى البيانات الرسمية التي صدرت، وفي ظل عدم وجود جهة واحدة تنسق بين الجهات المعنية، تسارعت البيانات الصحافية، بدءا بالشبكة الوطنية الكويتية لرصد الزلازل في معهد الكويت للأبحاث العلمية التي قالت انها رصدت في تمام الساعة 9.18 مساء الاحد زلزالا بقوة 7.2 درجات على مقياس ريختر على الحدود الإيرانية - العراقية.وقالت الشبكة ان الهزة الارضية التي شعر بها سكان البلاد بلغت قوتها بين 4 الى 5 درجات على مقياس ريختر، وهي توابع زلزال ضرب الحدود العراقية الإيرانية بقوة 7.2 على مقياس ريختر. واوضحت أن الزلزال وقع على بعد 200 كيلو متر شمال شرق العاصمة العراقية بغداد.أما التناقض في التصريحات، فقد شهدته الإدارة العامة للإطفاء التي سارعت ليل الأحد إلى إصدار بيان اكدت فيه عدم وقوع اي حادث يذكر نتيجة للهزة الأرضية التي شعر بها معظم السكان في البلاد، مشددة على أنها جاهزة تماما لمواجهة مثل هذه الحوادث بالتنسيق مع الإدارة العامة للدفاع المدني ومعهد الكويت للأبحاث العلمية وجميع الجهات المعنية بالدولة.ثم أصدرت الإدارة بيانا آخر صباح أمس عن إخلاء عمارة في منطقة صباح السالم من سكانها، لوجود شرخ في جزء منها مشيرة إلى احتمالية ان يكون السبب هو تأثير الهزة الارضية. وقالت ادارة العلاقات العامة والإعلام بالاطفاء في بيانها إن اخلاء العمارة تم وقت الفجر بعد تلقي بلاغ من احد سكانها يفيد بوجود الشرخ موضحة ان عملية الاخلاء جاءت لأسباب احترازية وشملت فقط ساكني الجزء الذي يحتوي على الشرخ.من جانبها، وقبل الكشف على مشاريعها القائمة، سارعت وزارة الاشغال ليل الأحد إلى التأكيد على أن تلك المشاريع لم تتعرض لأي أضرار جراء الهزة. وقال الناطق الرسمي وكيل الوزارة المساعد للهندسة الصحية عبدالمحسن العنزي انه لم تسجل اي أضرار في المشاريع عقب الهزة الأرضية.وكذلك فعلت وزارة التربية، حيث سارعت إلى الإعلان في الليل عن أن جميع المدارس، التي يبلغ عددها أكثر من 900 مدرسة، سليمة ولم تتعرض لأي أضرار، مشددة على أن يوم «غد» (أمس) يوم دوام رسمي، فهل استطاعت الوزارة الكشف على العدد الهائل من المدارس في غضون ساعات قليلة لتعلن ذلك؟!وكيل الوزارة الدكتور هيثم الاثري قال انه تم التواصل مع الجهات المعنية عقب الاعلان عن الهزة الارضية واتضح عدم وجود أضرار في المدارس.بدوره قال وكيل وزارة الكهرباء والماء محمد بوشهري ان جميع منشآت الوزارة تعمل بشكل طبيعي، مؤكدا عدم وقوع أضرار نتيجة الهزة الأرضية التي شعر بها السكان.واضاف بوشهري ان الوضع يسير بشكل طبيعي في جميع المنشآت والمرافق الكهربائية والمائية والعمل يسير فيها بشكله المعتاد. واشار الى ان الوزارة في تواصل وتنسيق مستمر مع الادارة العامة للدفاع المدني والجهات المعنية استعدادا لمواجهة اي احداث طارئة.أما وزارة الداخلية المعني الأول في التعاطي مع القضية، فقد تعاملت مع الموقف من خلال نشر الدوريات في المناطق السكنية التي بدورها أخذت تعطي التوجيهات والتعليمات للمواطنين والمقيمين عبر مكبرات الصوت في السيارات، دون ان يكون هناك إجراء أكبر، مثل استخدام مكبرات الصوت الخاصة بصافرات الإنذار التي سبق ان جربتها الوزارة الأسبوع الماضي لتكون التوجيهات موحدة للجميع بدل الاعتماد على الدوريات ومكبرات الصوت فيها.لكن مدير إدارة العلاقات والاعلام الامني في الوزارة العميد عادل الحشاش رد في تصريح خاص لـ«الراي»على عدم استخدام صافرات الانذار لتوجيه المواطنين والوافدين، بأن الوزارة لم ترد أن تزرع الخوف والهلع في نفوسهم، وخصوصا وأن الحدث كان بسيطا ولم يستغرق سوى ثوان معدودة، مضيفا «استخدام بعض الوسائل مثل مايكروفونات صافرات الإنذار فى غير محلها قد يكون له تبعات وانعكاسات سلبية كثيرة وقد تزرع المزيد من الخوف في نفوس افراد المجتمع»وقال الحشاش وذلك فى تعليقه على مقطع الفيديو الذى انتشر أمس والمتعلق بقيام إحدى دوريات الأمن بتوجيه بعض الوافدين الآسيويين عبر مكبر صوت الدورية بالدخول إلى منازلهم باللغة الإنجليزية، قال ان الكثير من الوافدين نزلوا من عماراتهم السكنية بعد شعورهم بالهزة وتجمعوا بالشوارع والطرقات خوفا، وأضاف ان رجال الداخلية قاموا بدورهم على أكمل وجه من خلال تواجدهم في تلك المناطق من أجل، أولا زرع الطمأنينة في نفوس الجميع، وتوجيه السكان بالعودة الى منازلهم ثانيا.
متفرقات - مناسبات
وزارات وهيئات تسابقت في إصدار بيانات منفردة قبل الوقوف على حقيقة الوضع في جهاتها ومرافقها
التفاعل الحكومي مع «الهزّة»... كلٌّ يغني على «مقياسه»!
09:40 م