لم يعد الأرجنتيني ليونيل ميسي مجرد أيقونة في عالم كرة القدم، بل غدا رمزاً للعبة الأكثر شعبية ومثالاً يحتذى به.مشكلة الضرائب التي عكّرت صفو صفحته خارج الملاعب لم تؤثر في صورة نجم هدّد «مقام» الأسطورتين البرازيلي بيليه والأرجنتيني دييغو مارادونا، من دون أن يتمكن من النيل من أحدهما نتيجة فشله في كأس العالم، على الرغم من تألقه المُبين مع برشلونة الاسباني.قيل بأن لاعباً كـ «ليو» لا تجود به الملاعب الا نادراً، ربما مرة كل 50 عاماً، بيد أن ثمة من يحلم بـ«إنتاج ميسي» وبأعداد وافرة: الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ-أون.فقد وعد بتقديم المساعدة الى «البراعم» في بلاده بغية تطوير موهبتهم ليصبحوا «أفضل من ميسي»، بعد أن جعل من كرة القدم إحدى أهم أولوياته.تحتل كوريا الشمالية مركزاً متأخراً في تصنيف الاتحاد الدولي ولم يحظَ منتخبها بشرف الظهور في كأس العالم سوى مرتين من أصل 20 نسخة، آخرها في 2010 عندما اهتزت شباكه 12 مرة في 3 مباريات ضمن الدور الاول.وأشارت صحيفة «ماركا» الاسبانية الى ان احد المدربين في مدرسة بيونغ يانغ الدولية لكرة القدم، أكد بأن بلاده تسعى الى «انتاج» لاعبين يحملون الصفات نفسها التي يتمتع بها ميسي.وأضاف: «نسعى حالياً الى السيطرة على آسيا، ومن ثم سنصوّب اهتمامنا نحو فرض سطوتنا على العالم».لا شك في ان السيطرة المفترضة على الكرة العالمية صعبة المنال، أقله في الوقت الراهن، بالنسبة الى كوريا الشمالية التي تبدو حظوظها الآسيوية اقرب الى الواقع، مع العلم انها ما زالت تحتاج الى سنوات كي تنافس جدياً جارتها كوريا الجنوبية التي نجحت في ولوج كأس العالم بصفة دائمة ابتداءً من 1986.وفي حال ارادت كوريا الشمالية حقاً «انتاج» ميسي أو أكثر، فعليها أولاً دراسة وتحليل اللاعب إذ لا يمكن الوقوف فقط عند روعة المراوغات التي يقوم بها، او الموهبة الخارقة المُسانِدة التي تتمثل في قدرته على تمرير كرات دقيقة لزملائه ضمن مساحات ضيقة ومن زوايا تبدو مستحيلة.عدد من الأكاديميين المولعين بكرة القدم في ألمانيا وهولندا أجروا بحثاً علمياً كجزء من دراسة حملت عنوان «مدى النظر وتنوعه في كرة القدم: دراسة تخصصية»، وتطرقوا فيها الى ميسي، حتى وصلوا الى نتيجة تشير الى ان هذا اللاعب يبدو وكأنه يحمل في رأسه صورة أكبر وأشمل عن اللعبة مقارنة بمن هم حوله في الملعب، أو أن لديه عينين في خلفية رأسه.يقول البروفيسور نوربرت هاغيمان من جامعة كاسل للرياضة والعلوم الرياضية والذي ساهم في الدراسة: «كنا مهتمين بالآليات الخفية التي يستخدمها اللاعبون الخبراء، وكرة القدم تمثل الأرض الخصبة لدراسة المركبات المستخدمة من اللاعب في اتخاذ القرارات».ويضيف: «يتحرك اللاعبون على ملعب يتميز بمساحة كبيرة، وعليهم التنبه الى تحركات عدد كبير من الاشخاص. اللاعب الأفضل هو من يتمكن من رؤية العدد الأكبر من اللاعبين في آن واحد».ووجد الباحثون بأن أفضل اللاعبين يتمتعون بحيّز نظري أوسع يمكِّنهم من رؤية أمور وأحداث أكثر من غيرهم. كما يمكن لهؤلاء تحديد مواقع خصومهم وزملائهم معاً.يتابع هاغيمان: «لم نتمكن من اثبات ان ثمة ميزة لدى الموهوبين تتمثل في اختلافهم عن غيرهم بفضل حيّز نظري أوسع وأشمل. اكتشفنا ان الموهوبين لا يأخذون معلومات اكثر بفضل قدرتهم على توزيع نظرهم على منطقة كبرى. وجدنا بأنهم يتمتعون بقدرة على الثبات في نظرهم على مكان واحد لفترة اطول من غيرهم، ما يمكنهم من اتخاذ القرارات السليمة».ويضيف: «قد يفتقد لاعب عظيم الى الرؤية الشاملة والواسعة مقارنة بلاعب متوسط المستوى، الا انه يبقى قادرا على نيل معلومات أكثر بلمحة بصر. بإمكان من لا يتمتع بموهبة ميسي التدرب على تفعيل مدة التركيز السريع بغية الحصول على معلومات أكثر».ويرى بأن «على اللاعبين الأقل موهبة أن ينطلقوا من الصفر ويتعلموا أسس كرة القدم وأسلوب التحركات، وكل ما له علاقة باللعبة. عليهم بناء مركز معلومات واسع يساعدهم على اكتشاف حقيقة موقف معين خلال المباريات».ويستطرد: «اذا كان افضل اللاعبين يتوقعون ما سيحدث بعد لعبة معينة، فإنهم بالتالي سيعرفون الى اين يوجهون اهتمامهم. لاعبون مثل ميسي، يعتبرون خارقين على صعيد محرك المهارة، بيد انهم جيدون ايضا في اتخاذ القرارات. لديهم مؤهلات استباقية تساعدهم على حل مشكلة معقدة بأفضل طريقة».الجزء الثاني من الدراسة حاول الغوص في الآلية غير المرئية التي تسمح لميسي بحل مسألة معقدة بسهولة، ويقول هاغيمان: «ثمة كيفية تكفل للاعبين ادراك موقف معين بمعلومات يستخدمها هؤلاء للتخلص أو مواجهة الموقف نفسه. وهنا استندنا الى حركة العين».لم تخفِ كوريا الشمالية يوماً اصرارها على استكمال اختبار ترسانتها من اسلحة الدمار الشامل، لكن يبدو أن عليها اقحام مشروع «إنتاج ميسي» في سياقها الحربي انطلاقاً من الحقيقة المدمرة لهذا اللاعب، وواقعه... تمهيداً لغزو العالم بعد آسيا.
رياضة - رياضة أجنبية
اطلبوا ميسي... ولو في كوريا الشمالية
بريشة الفنان المصري أحمد مصطفى
05:13 م