إعداد: سهيل الحويككان الفوز ببطولة كأس العالم 2010 لكرة القدم التي اقيمت في جنوب افريقيا كفيلاً بتتويج جيل ذهبي من اللاعبين الهولنديين، بيد ان عدم التوفيق في المباراة النهائية امام اسبانيا والخسارة بهدف اندريس انييستا في الدقيقة 116 من الشوط الاضافي الثاني، اجل الحلم الى «يورو 2012» الذي تقاسمت استضافة منافساته بولندا واوكرانيا، غير ان الرياح جرت بعكس ما اشتهت سفن «الفريق البرتقالي»، فودّع من الدور الأول اثر تلقيه ثلاث هزائم متتالية امام الدنمارك بهدف وألمانيا 1-2 والبرتغال 1-2.بعد صحوة عابرة في كأس العالم 2014 في البرازيل حيث أنهى رجال المدرب لويس فان غال المهمة في مركز ثالث لا بأس به، تقهقرت هولندا بصورة دراماتيكية وفشلت في بلوغ «يورو 2016» في فرنسا ومن ثم مونديال روسيا 2018، فتأكدت «رسميا» نهاية جيل كامل من اللاعبين خصوصاً بإعلان اريين روبن اعتزاله على المستوى الدولي.تبدو قصة «الطواحين» مع الألقاب أشبه بأسطورة أمير قادم على صهوة حصانه الأبيض للقاء الحبيبة، فلا هو وصل ولا هي أوفت بوعودها، ليتأجل الحلم مجدداً بعد ان تحول كابوساً منتظَراً بعد كل استحقاق.الفشل الهولندي لم ينل من صورة «البلد المنخفض» فحسب، بل نال من قيمة ووزن لاعبي منتخب لم يسبق له ان تذوق المجد سوى في مناسبة واحدة وذلك في عهد الثلاثي ماركو فان باستن، رود غوليت، وفرانك رايكارد في «يورو 88».قد تكون أجمل كرة قدم في تاريخ اللعبة تلك التي قدمها برشلونة الاسباني بقيادة المدرب جوسيب غوارديولا، لكن السؤال يبقى شاخصاً على هوية الشخص او ربما الجهة التي يعود لها الفضل في ما آل اليه اداء الفريق الكاتالوني في تلك الحقبة خصوصا ان الـ«بارسا» عاش فترات متقطعة من النجاح، الفني تحديداً، منذ ولادة هذا الصرح الرياضي العملاق.هي ليست مسألة موسم زرع فموسم حصاد كما كان يحلو للبعض توصيف واقع حال برشلونة، بيد انها كذلك بالنسبة الى اخرين يرون ان ما جناه الفريق الكاتالوني لا يعدو عن كونه نتاج غرس تكتيكي للمدرب الهولندي الراحل رينوس ميكلز، عميد كرة القدم الشاملة (فوتبول توتال)، قبل ان يقوم مواطنه الراحل يوهان كرويف بعملية ثوروية لتلك المدرسة ويجني ثمارها غوارديولا.ثمة من يمر على «حقبة ميكلز» مرور الكرام ويعيد الفضل كله في ترسيخ «الكرة الشاملة» الى كرويف، غير ان الاخير نفسه عبّر في أكثر من مناسبة عن فضل ميكلز عليه، سواء كلاعب أو مدرب.تشير الوقائع الى ان نادي اياكس امستردام الهولندي كان المنبع الأول لـ «الكرة الشاملة» ابتداء من العام 1965 الذي شهد تولي ميكلز مقدرات تدريبه وتتويجه بالكثير من الألقاب، قبل ان ينطلق نحو آفاق جديدة عندما وصل الى برشلونة في 1971 وينقل مفهومه عن اللعبة الى «كامب نو».كان من البدهي ان يتولى ميكلز بعدها مسؤولية منتخب بلاده الذي ترجم بشكل واضح خلال كأس العالم 1974 في المانيا الغربية السابقة مفهوم «الكرة الشاملة» وبلغ بالفريق المباراة النهائية بقيادة كرويف اللاعب قبل ان ينحني امام صاحبة الضيافة 1-2 على الرغم من الافضلية الفنية.كان ميكلز بمثابة الملهم بالنسبة الى كثير من المدربين الهولنديين الذين تبنّوا النهج الجديد الذي اعتمده في طريقة 4-3-3.كثيرون اعتبروا «برشلونة» ترجمة مثالية لعقلية ميكلز غير ان الفريق الكاتالوني ربط الاداء الفني الرائع بحصد الألقاب من دون توقف.آمن ميكلز بكل ما قدمه برشلونة انطلاقاً من التمريرات القصيرة العرضية السريعة بين اللاعبين والتي اعتبرها مفتاحاً لاختراق خطوط الخصم مهما تراصّت، ومروراً بالتحرك السريع بالكرة ومن دونها في وسط الملعب، وانتهاء بدفع الاجنحة للدخول الى العمق وعدم الاكتفاء بـ «المهام التقليدية».كان ميكلز محظوظاً بالتأكيد لانه وجد في منتخب هولندا العناصر الكفيلة بتطبيق فكره التكتيكي وبفرض «الكرة الشاملة» كمدرسة اساسية في عالم كرة القدم.ترك المدرب القدير منتخب بلاده للعمل مع الاندية قبل ان يعود لتولي دفة «البرتقالي» ويقوده لانتزاع لقبه الكبير الاول والوحيد حتى اليوم والمتمثل ببطولة كأس الامم الاوروبية 1988 اثر الفوز على الاتحاد السوفياتي السابق بهدفين في المباراة النهائية على ملعب «اولمبيا شتاديون» في ميونيخ.لم يكن المنتخب الهولندي في تلك البطولة اقوى من «منتخب 1974» بيد انه عرف كيف يفرض ايقاعه على خصومه بفضل كوكبة من اللاعبين تقدمهم الكابتن غوليت والهداف الفتاك فان باستن فضلاً عن رايكاردو ورونالد كومان وغيرهم.قال ميكلز يوماً: «كرة القدم عبارة عن حرب. علينا أن نقاتل من أجل الحصول على مبتغانا المتمثل بالفوز وحده».بناءً عليه، يفرض السؤال التالي نفسه: هل يتوجب على هولندا انتظار قدوم ميكلز جديد كي تخوض حرب العودة لريادة كرة القدم العالمية؟تعتبر الاندية الهولندية، اياكس امستردام تحديداً، خزان مواهب لا تحتاج سوى الى منظومة تتخذ من «الكرة الشاملة» المطعّمة ببعض الأوجه التكتيكية الحديثة نهجاً لمستقبل «المدرسة البرتقالية» التي لطالما استحوذت على القلوب قبل أن تخونها الواقعية في السنوات الاخيرة... فباتت خارج واقع «كبار القوم».
رياضة - رياضة أجنبية
عودة هولندا... بـ «عودة ميكلز»
05:23 م