لم يمر خبر «تطبيق نظام البصمة على الأئمة والمؤذنين في المساجد، قبل وبعد الصلوات الخمس» دون أن يترك ردود فعل وصل صداها إلى كل مسجد في البلاد، حيث قوبل برفض واسع بين شريحة الإئمة والمؤذنين، مستنكرين عدم الثقة برجال مهمتهم دينية دعوية، ووازع الالتزام لديهم ذاتي، وفق تصريحات عدد منهم.ففيما أكد وكيل وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية فريد عمادي ان «اتخاذ الإجراءات اللازمة لتطبيق نظام البصمة على الأئمة والمؤذنين تنفيذاً لقرار مجلس الخدمة المدنية وقرار مجلس الوزراء»، طالب رئيس نقابة الأئمة والخطباء والمؤذنين الكويتيين الدكتور طارق الطواري بإعفاء الأئمة والخطباء والمؤذنين من نظام البصمة، موجها بذلك كتابا إلى رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، ومؤكدا أنهم يترقبون اللقاء به وبرئيس ديوان الخدمة المدنية، وكذلك وزير الاوقاف لشرح تبعات هذا القرار على هذه الوظيفة الدينية.ورغم نفي عمادي تطبيق نظام البصة على الأئمة والمؤذنين قبل وبعد كل صلاة، فقد أكد ان قطاع الشؤون الإدارية والمالية في الوزارة وجه كتاباً الى قطاع المساجد يطلب فيه تحديد مواعيد الحضور والانصراف، وذلك لاستكمال التصور الشامل الذي سيتم مناقشته في قطاع الشئون الإدارية والمالية لوضع الآلية المناسبة لتطبيق قرار البصمة على الأئمة والمؤذنين ولا سيما ان وقت عملهم مرتبط بالصلوات الخمس وليس كباقي موظفي الدولة والذي يبدأ دوامهم في الصباح وينتهي في الظهيرة.وقال الطواري إنه «نظراً لطبيعة عمل الإمام والمؤذن وتواجده في كل يوم خمس مرات في المسجد، ولما كان عمل الإمام والمؤذن قائما على الأمانة والثقة والاحترام لهذه الوظيفة العظيمة، وحيث إن العمل بهذا النظام خمس مرات قبل الصلاة وخمس بعدها مما يشق العمل به خاصة مع تغيير أوقات الأذان بشكل مستمر».وأضاف «ولما كان هذا الإجراء فيه مشقة، فقد استعاضت عنه وزارة الأوقاف بنظام التوقيع على كشف الحضور لكل فرض، وهو المعمول به منذ سنوات، وعليه فإنا نتمنى الموافقة على إعفاء الأئمة والخطباء والمؤذنين من نظام البصمة مراعاة لطبيعة عملهم وتشجيعاً لهم على أداء رسالتهم السامية».بدوره قال امام وخطيب المسجد الكبير الشيخ الدكتور ماجد العنزي ان اصحاب الوظائف الدينية يؤدون خمسة فروض في اليوم، فهل يعقل ان يقوموا بالبصمة خمس مرات؟ وهؤلاء قدوة المجتمع ومؤتمنون على أوقات العباده، فبصمتهم في رفع الأذان وإقامة الصلاة، مبينا ان لديهم كشفا يثبت فيه كل فرض حضره أو كان غائباً وحل محله أحد زملائه من العاملين في هذه الوظائف، فأرى أنه غير لائق بمثل هؤلاء المشايخ ان يتم فرض البصمة عليهم بهذا الشكل.من جهته قال الإمام والخطيب بوزارة الأوقاف العضو المنتدب بكلية التربية الأساسية الدكتور جاسم الجاسمي «ابتداء لا أؤيد وجود بصمة في المساجد لاعتبارات كثيرة، اولها أنها تنافي مبدأ الثقة بالإمام والمؤذن، فالبصمة الهدف منها ضبط العمل في بيئة لا نضمن بها الثقة بالتزام العاملين، والإمام والمؤذن محل ثقة لدى الناس».وأضاف ان «هذا القرار فيه فتح لباب الطعن في أهل الدين ونقلة الشريعة من قبل من يتربص بأهل العلم وأنهم ليسوا محل ثقة.وزاد، «في حال ما تم تطبيق القرار وخاصة بعد رفض ديوان الخدمة للاستثناء الذي تقدمت به الوزارة، فإن التطبيق الصحيح والعادل الذي أراه أن تكون البصمة مرة واحدة أو مرتين قبل صلاة الفجر وبعد صلاة العشاء أسوة بموظفي الدولة، أما إقرار 10 بصمات في اليوم، فهذا غير عادل وتمييز وظلم للأئمة والمؤذنين، وختاما نحن مع تطبيق القانون والانضباط في العمل ولكن مع مراعاة طبيعة العمل ووظيفة العامل».وقال الامام في وزارة الاوقاف ثامر السليم ان «تطبيق البصمة صعب جدا، في ظل إمكانية توفير اجهزة البصمة في كل مساجد الدولة، وكيف سيتم تطبيق البصمة لخمسة فروض ام فرضين، وهل هو مدعاة للتشكيك في الأئمة والمؤذنين المفترض ان يكونوا قدوة، واعتقد ان السنوات الماضية اثبتت التزام الأئمة والمؤذنين بالفروض وإقامتها فالامر اقرب مايكون دينيا وتعبديا منه ماليا او مراقبيا».فيما كان الامام والخطيب في وزارة الاوقاف الشيخ الدكتور خالد المرداس اقتضب رده على قرار تطبيق البصمة على الائمة والمؤذنين خمس مرات في اليوم والليلة قائلا «ان هذا القرار طعن مبطن في امانتهم» قاصدا الائمة و المؤذنين من شاغلي الوظائف الدينية. بينما قال الخطيب بوزارة الأوقاف حمد الشرهان ان «البصمة لا بأس بها كوسيلة لتسجيل الحضور، حيث ان الوضع الحالي يتمثل بكشف يعبئه الإمام والمؤذن بوضع علامة صح عند كل صلاة يؤديها، وجهاز البصمة لن يمثل عبئا إضافيا إذا ما وضع داخل حجرة الإمام التي بجانب محراب المسجد».وأضاف «لكن على الوزارة ترتيب الأمور فيما يخص استئذانات الأئمة والمؤذنين لتكون الكترونية أيضا، حيث يخصص المسؤول إماما بديلا في حالة الاستئذان وتكون البصمة لهذا الإمام البديل هي وسيلة تسجيل الحضور، فلا بد من وضع لائحة تضبط الأمور بصورة مقبولة».وفي المقابل كان هناك صوت آخر يؤيد تطبيق البصمة، لكنه ارتأى ضرورة وضع ضوابط لها وقصرها على أول وآخر صلاة للتأكد من وجود الإمام أو المؤذن في البلاد.الداعية الدكتور محمد الحمود النجدي الذي يعمل كإمام بوزارة الأوقاف أكد أنه يرى أن «هذا القرار غير عملي كونه في حال تطبيقه سيقوم الإمام أو المؤذن بعملية البصم عشر مرات»، لافتاً إلى أنه«من الأفضل عدم تطبيق هكذا قرار كونه لا يتناسب مع طبيعة عمل المؤذن أو الإمام».وتابع«الإتقان في العمل والإخلاص فيه أمر مطلوب، لكن المسؤولين يمكنهم التحققق من أداء الإمام والمؤذن لعملهما دون الحاجة للجوء لجهاز البصمة، فثمة تسجيل مثلاً للخطبة تطلع عليه الوزارة، بالإضافة إلى أن عمل المؤذن والإمام ليس عملاً خفياً فكل المصلين يشاهدونهما».بدوره قال المؤذن خالد الحماد «قرار فرض بصمة على الأئمة والمؤذنين قرار غير ملائم، وينم عن عدم ثقة بالأئمة والمؤذنين الذين نأتمنهم على الدين فكيف لا نأتمنهم على الحضور والانصراف»،لافتاً إلى أن«وظيفة الإمام أو المؤذن وظيفة معلنة وغير مخفية ورواد المسجد يعلمون جيداً إذا كان الإمام أو المؤذن حاضراً أم لا».وزاد«الإمام و المؤذن يتواجدان في الخمسة فروض فلم البصمة؟ هذا الأمر يجعل النفس متوترة وشريحة كبيرة أصلاً منهم عليها أعباء كثيرة وبالتالي لا يجب أن نثقل عليهم بالمزيد من خلال هذه البصمة».أما إمام وخطيب مسجد عيسى العثمان في قرطبة الداعية خليل الحمادي فقد كان له رأي مختلف إذ أيد تطبيق البصمة على الأئمة والمؤذنين ولكن مع وضع ضوابط لها كأن تكون في أول وآخر صلاة فقط، للتأكد من تواجد الإمام أو المؤذن داخل البلاد.وتابع«هذا أمر يطبق على كل الموظفين في الدولة، ولا ضير في أن يخضع الإمام أو المؤذن لآلية البصمة فهم موظفون في الدولة وهذه البصمة لا تنتقص منهم ولا من طبيعة عملهم في شيء».
محليات
دعوات لوضع ضوابط لها والاقتصار على الفجر والعشاء
الأئمة والمؤذّنون يرفضون «البصمة»: أين الثقة برجال الدين؟!
03:09 م