من طبيعة الإنسان المتوازن ثقته بنفسه وحبه لغيره فهو شخص اجتماعي يحب لقاء غيره من الناس فهو يحب الآخرين، ويستمع إلى مشاكلهم ويحاول معهم إيجاد الحلول لها، كما إنه يُظهر اهتمامه بغيره ويثني على الجوانب الإيجابية فيهم ويدعوهم إلى التخلص من الجوانب السلبية، فهو متطلع إلى الحياة بمنظارالأمل والرجاء والحب، وتجده معك في الأفراح دائما، وفي مقدمة الداعين لك بالخير والحياة السعيدة وفي المصائب والآلام من المشاركين لك وجدانياً وتأثراً وتثبيتاً، وهو كذلك يحب خدمة الناس من الأهل والأقرباء والأصدقاء، بما يملك من مال أو جهد أو شفاعة، وحينما يتكلم تجد كلامه موزوناً قبل نطقه لكي لايجرح به شعورالآخرين فيبتعدون عنه، وإذا قدمت له جميلاً في أي مجال تجده من الشاكرين لك والمُثنين عليك والداعين لك...وصلنا إلى الشكر وهو موضوعنا، ولقد ذكر الشكر في القرآن الكريم نحو 75مرة ومن الآيات التي ذكر فيها الشكر «ياأيهاالذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا الله إن كنتم إياه تعبدون»، وقوله «وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلاً ما تشكرون»، وقال «وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد»... آيات كثيرة تحض على شكر الله رب العالمين، والشكر لله مردوده وافرعلى العبد، المؤمن الطائع لأوامر الله المنتهي عما نهى عنه.ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله «الشاكرون أطيب الناس نفوساً وأشرحهم صدوراً وأقرهم عيوناً، فإن قلوبهم ملآنة من حمده والاعتراف بنعمه، والابتهاج بإحسانه ألسنتهم رطبة في كل وقت بشكره وذكره، وذلك أساس الحياة الطيبة، ونعيم الأرواح وحصول جميع اللذائذ والأفراح، وقلوبهم في كل وقت متطلعة للمزيد وطمعهم ورجاؤهم في كل وقت بفضل ربهم يقوى ويزيد...».يا له من وصف رائع للشاكرين، رحم الله شيخنا الجليل، وعن أنس ابن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة ويشرب الشربة فيحمده عليها»، رواه مسلم. شيء بسيط جداً ليس فيه أي تعقيد وتقوم به في كل يوم مرات عدة وهومن نعمة الله عليك وفضله، يا أخي وأنت تأكل أو تشرب عليك بحمد الله فيرضى الله عنك، هل رأيت مثل هذا الكرم؟ لا تتعجب فأنت تتعامل مع رب كريم رحيم ودود، بفضله خُلقت وبفضله رُزقت وبفضله أيضا أكلت وشربت، وفوق هذا كله يرضى عليك بشكرك له على طعامك وشرابك، وهو من رزقك به ويسره لك، فيا له من رب كريم رؤوف رحيم... اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين ومن عبادك المحسنين.