«الجهاد حرام إذا نهى ولي الأمر عنه، وهو المخول بأن يأمر به أو ينهى عنه، ويجب الالتزام بما يراه ولا يجوز أن يُعلن النفير ويؤجج العامة المحسوبون على الأحزاب والجماعات»، هذا ما خلصت إليه ندوة «مكانة الجهاد في الإسلام» التي عقدها أمس مكتب الشؤون الفنية بقطاع المساجد، برعاية وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية فريد عمادي.الأستاذ في جامعة الملك فهد، الدكتور عبدالسلام بن محمد الشويعر رأى أن «أنواع الجهاد ثلاثة: الرباط، وهو حماية الناس، وقال عنه ابن عمر إنه أفضل أنواع الجهاد، لأنه يحمي أعراض الناس وممتلكاتهم، وبالتالي فإن من يحرس الناس وممتلكاتهم فهو في جهاد. وهناك جهاد باللسان وجهاد بالقلب، وبالتالي يجب ألا يحصر الجهاد في هيئة المقاتلة فقط، فإن له أكثر من صورة، والوقوف في الجيش والشرطة لحماية الناس جهاد، ومقاتلة المعتدي على حدود البلد من الجهاد». وشدد الشويعر على أن «الجهاد عبادة متعلقة بولي الأمر، والزيادة في العبادات مرفوضة»، موضحاً أن «ثمة إجماعا، كما قال بعض أهل العلم، على أن الجهاد يكون بإذن ولي الأمر. إذا كان هناك أمر من ولي الأمر بالجهاد فعندها يكون الجهاد واجبا، وإذا كان هناك نهي من ولي الأمر عن الجهاد، فعندها يكون محرما، وإذا سكت الإمام ولم يبدِ رأياً فهذا أمر مختلف فيه».وبيَّن أن «الجهاد يكون فرض عين في حالات عدة، من بينها إذا أمر به الإمام، وإذا حضر الشخص القتال، لأنه من الكبائر التولي عن الزحف والتقاء الصفوف، وإذا قوتل الشخص فعليه أن يدفع الصائل ويجاهد جهاد الدفع». وخلص إلى أن «المقاتلة دون إذن الإمام ممنوعة، والبعض يقول أنصب لنفسي إماماً ونقول له أنت لا تختار من شئت»، مشيراً إلى أن «من شروط الجهاد أيضاً أن تكون تحت راية واضحة هدفها إعلاء كلمة المولى عز وجل وليس العصبية». وبيَّن أنه «لا تجوز مقاتلة من كان له عهد أو ذمة، وولي الأمر هو مَن يقرر مَن هم أهل الحرب وأهل العهد».أمَّا عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت سابقاً الأستاذ الدكتور مبارك الهاجري، فقد شدد على دور العلماء في صيانة الأمة وبيان أحكام الجهاد والتحقق من شروطه وانتفاء موانعه. وأكد أن «عدم اتباع العلماء يحدث الفتن، والفتن التي تقع سببها أولئك الذين هبوا للجهاد دون الرجوع لأهل العلم، فهل استمع الناس لقول العلماء؟».وأضاف الهاجري «البعض يحاول زعزعة هيبة العلماء، وترويج أن فلاناً من علماء السلطان في حين أن الحاكم يجب أن يتم شكره إذا قرب العلماء، وتفرقة الأمة لأحزاب أوجد علماء لكل حزب». وتابع «هل عندما وقعت المظاهرات في سورية وسالت الدماء تم الرجوع لأهل العلم؟ الإجابة لا، بل حدث تخوين لبعض العلماء، وكذلك هل تم الالتفات للعلماء في التعليق على ما دار في مصر واليمن وليبيا والعراق؟ فعدم الرجوع لهم سبب زعزعة هذه الأمة».وزاد قائلاً «هذه الفوضى التي تسمى ظلماً بالربيع العربي، هل رُجع للعلماء فيها أم إننا نزج بالناس في الشوارع بناء على فتوى صادرة ممن ليس له في هذا الأمر؟ فلا يجوز أن يعلن النفير ويؤجج العامة المحسوبون على الأحزاب والجماعات».من جانبه، قال رئيس قسم الفقه بكلية الشريعة الأستاذ الدكتور حمد الهاجري الذي أدار الندوة، «الجهاد في سبيل الله ذروة سنام الإسلام، وبه يُحفظ الدين ويدفع العدوان ويرفع الظلم ويحكم شرع وتسود الأمة وتسمع الكلمة وتصان الكرامة». وتابع «اختلطت أحكام الجهاد عند كثير من الناس وكثرت الشُبه وتحيرت الأذهان وانقسم الناس لفئة ليبرالية تنفر من الجهاد وأخرى مارقة متطرفة أساءت فهمه وشوهت صورته»، لافتاً إلى أن «الجهاد شعيرة من الشعائر وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الإفراط أو التفريط فيه».