«ليست المشكلة في اختلاف الطوائف، المشكلة وجود متطرفين في كل طائفة لا يعرفون سبيلاً للتعامل مع الاختلاف إلا بالعنف». أحمد الشقيرينشاهد في وسائل التواصل الاجتماعي مجموعة من مدّعي العلمانية والليبرالية، وهم يدعون إلى القضاء على الطرف الآخر واجتثاثه، وتجدهم يبررون ويجدون المسوغات لكل الأحداث غير الطيبة والتي تحدث لخصومهم وبكل جرأة.في المقابل، تجد بعض المنتمين للتيار الإسلامي، يمارسون نفس الطريقة والأسلوب في التعامل مع خصومهم، بل تجد بعضهم يلغي الطرف الآخر الذي قد يكون إسلامياً كذلك، ولكن مختلف معه في الفكر أو التيار، والمناصب بكل تأكيد عند هؤلاء ليس لها علاقة بالكفاءة بقدر الانتماء للتيار والحزب.كم نحن بحاجة أن نفهم أن التنوع والاختلاف، جمال وقوة وليس دليل نقص في المجتمعات، بل يدل على أن المجتمعات ما زالت حية، ويجب أن ننشر ثقافة التسامح والتعايش داخلها، لأن من دون هذه الثقافة لن نستطيع أن نتعامل مع بعضنا، ويجب أن نتجاهل ثقافة الاجتثاث والإلغاء، لأن الوطن يسع الجميع.نحن كأفراد مختلفون ومتنوعون ونحمل أكثر من هوية، ولكن هوية الكويت تجمعنا تحت ظلها. التعصب والتنمر والاجتثاث على حسب «المذهب والجنس واللون والعرق» لن يجلب الخير لأحد والكل خاسر. ويكفي أن نرى بعض الدول التي أخذت تجتث المخالفين ما هو مصيرها اليوم... لا شيء غير الحروب الطاحنة التي تأكل الأخضر واليابس ولا يوجد مستفيد منها غير مشاهد اللون وراحة الدم والثأر، حتى الذين يقفون في صف واحد لاجتثاث الطرف الآخر سينتهي بهم المطاف أن يجتث بعضهم الاخر لأنهم سيكتشفون أنهم مختلفون أيضاً.يحكى أن ثلاثة من العميان دخلوا غرفة بداخلها فيل، وطُلب منهم أن يكتشفوا ما هو الفيل ليبدأوا في وصفه. بدأوا في تحسس الفيل وخرج كل منهم ليبدأ في الوصف...قال الأول: الفيل هو أربعة عمدان على الأرض.قال الثاني: الفيل يشبه الثعبان تماماً.وقال الثالث: الفيل يشبه المكنسة.وحين وجدوا أنهم مختلفون بدأوا في الشجار، وتمسك كل منهم برأيه وراحوا يتجادلون ويتهم كل منهم الاخر، بأنه كاذب ومدع للحقيقة.فحين نختلف لا يعني هذا أن أحدنا على خطأ. قد نكون جميعا على صواب لكن كل منا يرى ما لا يراه الآخر.الحل يكمن في أن المسؤولية تقع على الجميع. الإعلام له دور مثل خطيب المسجد. المعلم ورب الأسرة مسؤوليتهما كبيرة كذلك في نشر ثقافة التنوع والتسامح. أعضاء مجلس الأمة مطلوب منهم عدم إثارة القضايا العنصرية الهامشية التي لا يستفيد منها أحد.رُوي أن هارون الرشيد قال للإمام مالك رضي الله عنهما: «يا أبا عبدالله، نكتب هذه الكتب ونفرقها في آفاق الإسلام لنحمل عليها الأمة».قال الإمام مالك: «يا أمير المؤمنين، إن اختلاف العلماء رحمة من الله على هذه الأمة، كل يتبع ما صح عنده، وكل على هدى وكل يريد الله».وقال الإمام مالك أيضاً: «شاورني هارون الرشيد في أن يعلق الموطأ في الكعبة، ويحمل الناس على ما فيه». فقلت: «لا تفعل، فإن أصحاب رسول الله اختلفوا في الفروع، وتفرقوا في البلدان، وكُلٌّ مُصيب». فقال هارون الرشيد: «وفقك الله يا أبا عبدالله».akandary@gmail.com