بعد مرور أكثر من عامين على تأسيس عدد من الشركات العالمية العملاقة، شركاتها التابعة في الكويت، مستفيدة من سيل التسهيلات والمزايا التي غنِمتها من هيئة «تشجيع الاستثمار المباشر»، يتساءل العديد من الاقتصاديين عن المكاسب الحقيقية التي جنتها الكويت من تواجد هذه الشركات على أراضيها.يرى هؤلاء أن الشركات الأجنبية القادمة من خلف البحار تعمل حتى الآن على الأقل بنظام استفادة أحادي الجانب (ون واي)، أي أنها تستغل خير استغلال عطايا «الهيئة» من أراض وإعفاءات جمركية وضريبة تصل حتى 10 سنوات، وغيرها من المنح الأخرى، ولكن دون مقابل يستحق الذكر.يقول أحد المتابعين للملف «بعيداً عن اليافطات الكبيرة والضخمة التي تشير إلى هذه العلامة التجارية أو تلك، وتوظيف عدد ضئيل من الكويتيين، وابتعاث آخرين في دورات تدريبية هنا وهناك، لم تلمس الكويت أثراً فعلياً لوجود مثل هذه الشركات».ويضيف «لاشك أن الكويت كسائر دول المنطقة تعمل على جذب الشركات الأجنبية إليها، غير أن هذا الاستقطاب لا يكون لمجرد تواجد (اسم الشهرة) فحسب، بل إن الهدف والغاية أكبر من ذلك بكثير، إذ ينبغي أن تقوم الشركات الأجنبية بدعم الاقتصاد المحلي بشكل مباشر وغير مباشر».ويفند الرجل هذا الأمر بالقول «أما عن طريقة الدعم المباشرة، فهي تتركز على تقديم المعرفة والتقنية الإدارية والصناعية المطلوبة التي تساعد على زيادة الكفاءة الإنتاجية في عدد من القطاعات، لاسيما وأن جلّ الشركات القادمة إلى الكويت هي شركات تكنولوجية بالدرجة الأولى. كما ينبغي عليها (الشركات) أيضاً نقل المعرفة والخبرات الإدارية، وتوطين التكنولوجيا الحديثة والمتطورة، إضافة إلى دعم عمليات الأبحاث والتطوير».ويضيف «في المقابل، فإن طريقة الدعم غير المباشرة، تتمثل بالصورة الدعائية الإيجابية التي يرسمها قدوم مثل هذه الشركات إلى الكويت لجهة تحسين بيئة العمل، وتعزيز المناخ الاقتصادي المحلي، وما إلى هنالك من عمليات تطوير مرتبطة بمرونة استخراج التراخيص، وتسهيل ممارسة الأعمال الاقتصادية».وفي حين يجزم الاقتصاديون بأن كل التقديمات «المغرية» التي نالتها الشركات الأجنبية تعود عليها بالنفع الكبير لجهة تقليص التكاليف والأعباء وتعزيز الإيرادات والأرباح، يبدي هؤلاء استغرابهم الكبير من انعدام استفادة الكويت ولو بشكل بسيط من هذه الشركات، التي مر أكثر من سنتين على وجود بعضها في البلاد.في أبريل من العام 2015، أكدت «آي بي أم» العالمية أن الهدف من افتتاح شركة جديدة لها في الكويت، تعزيز قدرتها على توفير أحدث الحلول والخدمات المبتكرة لقاعدة عملائها وشركائها التي تشهد نمواً متسارعاً في المنطقة، مشددة على أنها ستقدّم لعملائها في الكويت حلولاً رئيسية في الحوسبة السحابية، والتواصل الاجتماعي، وأجهزة الهواتف المتنقلة، وتحليل البيانات الضخمة، فضلاً عن أمن المعلومات وغيرها.وبالفعل لم توفّر الشركة الشهيرة فرصة لدعم وتعزيز عملياتها في هذا الخصوص، ولكن ذلك لم يعد بأي نفع اقتصادي ذي قيمة حقيقية على الاقتصاد الكويتي.وعلى خطى «آي بي أم» مضت كل من «جنرال الكتريك» و«هواوي» وغيرهما في تأسيس شركاتهم التابعة في الكويت، وإغداق الوعود، غير أن هذه الخطوات لم تنعكس بالشكل المطلوب على الاقتصاد المحلي.مدير عام «هيئة تشجيع الاستثمار المباشر» لم يترك مناسبة إلا وأكد فيها أن الحكومة الكويتية تدرك تماماً الدور المحوري الذي يلعبه قطاع تكنولوجيا المعلومات في تنويع القاعدة الاقتصادية للبلاد، بهدف تحقيق رؤية الكويت التنموية، والتمهيد لوضع أسس التحوّل نحو اقتصاد مستدام قائم على المعرفة، ولكن تصريحات الشيخ مشعل الجابر تبقى بحاجة إلى ترجمة فعلية على أرض الواقع.وبعيداً عن حجة «الهيئة» الجاهزة دوماً بضرورة استقطاب الشركات الأجنبية للعمل بالسوق المحلي، فإن أثراً بحسب ما يرى مراقبون لم يُلحظ لنقل وتوطين التكنولوجيا، وخلق فرص العمل، وأساليب الإدارة والخبرات الفنية والتسويقية الحديثة، وبرامج التدريب والتأهيل المتميزة، وتوليد الأثر الإيجابي على الاقتصاد، وغيرها على الرغم من أن كل البنود آنفة الذكر وردت ضمن أهداف إنشاء «تشجيع الاستثمار المباشر».تجدر الإشارة إلى أن هيئة تشجيع الاستثمار المباشر (KDIPA) أنشئت بموجب القانون رقم (116 لسنة 2013) في شأن تشجيع الاستثمار المباشر في دولة الكويت، كهيئة عامة متخصصة تتمتع بالاستقلالين المالي والإداري.وقيل إن الهدف من إنشاء الهيئة المذكورة استقطاب وتشجيع الاستثمارات المباشرة ذات القيمة المضافة والمحفزة للابتكار إلى البلاد بهدف نقل وتوطين التكنولوجيا المتطورة وأساليب الإدارة والخبرات الفنية والتسويقية الحديثة، وخلق فرص عمل للعمالة الوطنية وبرامج متميزة للتدريب والتأهيل، وتوليد الأثر الإيجابي على الاقتصاد المحلي. وتتولى «الهيئة» دوراً إجرائياً في تلقي طلبات الترخيص للاستثمار ومنح المزايا لدراستها واتخاذ الإجراءات اللازمة في شأنها.وتعتبر «الهيئة» إحدى الأذرع الاقتصادية التنفيذية للدولة، كما تشمل أدواراً عدة منها:1 - الدور التنموي: من خلال المساهمة في الهدف الوطني للتنويع الاقتصادي، وخلق فرص عمل للعمالة الوطنية، وتوسيع نطاق الأثر الإيجابي على الاقتصاد المحلي.2 - الدور الترويجي: من خلال استقطاب وتشجيع الاستثمارات المباشرة إلى البلاد ذات القيمة المضافة والمحفزة للابتكار بهدف تعزيز وتوطين التكنولوجيا المتطورة والخبرات الفنية والتسويقية الحديثة.3 - الدور الإجرائي (التنظيمي): من خلال تلقي طلبات الترخيص الاستثماري والموافقة عليها ومنح الحوافز وفقاً للمعايير المنصوص عليها في أحكام قانون إنشائها، وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ومواصلة تقديم خدمات الرعاية اللاحقة والتسهيلات للمشاريع المرخص لها ومتابعتها والإشراف عليها طوال عمر المشروع.4 - الدور التوعوي: من خلال التعاون مع مختلف الجهات المعنية لتبسيط بيئة الأعمال في الكويت، من أجل تعزيز القدرة التنافسية للبلاد من خلال تحديد العقبات المحتملة التي قد يواجهها المستثمرون والعمل على تذليلها، فضلاً عن نشر المعلومات والبيانات المتاحة بطريقة شفافة.
اقتصاد
مضى أكثر من عامين على دخول بعضها السوق المحلي
... بعيداً عن يافطات العلامات التجارية الضخمة ماذا استفادت الكويت من الشركات الأجنبية؟
04:53 م