تختلف النظرة للحياة باختلاف البشر، فمنهم من يراها سوداء قاتمة، والبعض الآخر يراها صفحة بيضاء ناصعة، لكن واقع الحياة لا هذا ولا ذاك، وهي ليست أبيض وأسود، إنها حديقة تزخر بالألوان، فيها من الألوان ما يسر الناظرين، وفيها ألوان قد يسؤك النظر إليها، إنها ألوان في جمالها، وألوان في ناسها، وألوان في ظروفها ومتغيراتها، وألوان في صعوباتها.ستعجبنا بعض هذه الألوان لكننا في ذات الوقت لا نستطيع أن نلغي ونمسح باقي الألوان الأخرى التي لم تنل استحساناً منا، لأن وجودها مرتبط بوجود الحياة بكل تفاصيلها، وليس حسب ما تمليه رغباتنا وأمانينا.فكيف السبيل إلى حياة متوازنة وهادئة وبناءة، حياة تكون لنا فيها القدرة على التعامل مع ظروفها المختلفة، لنصل إلى ما نصبو إليه ونحلم بتحقيقه؟بداية علينا أن نسلم بأن الحياة ألوان، ونحن كبشر نعتبر من ألوانها، فما يعجبنا من ألوانها وناسها قد لا يستسيغه الآخرون، وما يروقنا ونستسيغه قد لا يعجب غيرنا، لذلك وجب علينا أن نمتطي حصان الواقع ونتقبله كما هو، لا كما نريد ونتمنى.وبما أن هدفنا هو المساهمة في تطوير ذواتنا ومجتمعاتنا، لذا فالواقعية تفرض علينا نزع رداء المواقف السلبية المسبقة تجاه ما حولنا، والتمسك بالروح الإيجابية البناءة، والتعامل مع الأحداث وفق هذه الروح.وكما سبق واعترفنا بأن الحياة ألوان، فإن ذلك يحتم حقيقة تعرضنا لصعوبات وعراقيل وصدمات قد تعيق تحقيق أحلامنا وتطلعاتنا، لذا كان من الضروري مواجهة تلك الصعوبات وتذليلها وليس الاستسلام لها، والالتفاف حولها لتجاوزها والوصول إلى أهدافنا المنشودة.ومن ألوان الحياة أيضاً سنجد أناساً مثبطين للنجاح والإنجاز تراهم عند كل منعطف يحاولون لأسباب شتى إعاقتنا أو إبطاء اندفاعنا نحو الإنجاز والتقدم، وغالباً ما تكون نظرة هؤلاء إلى الحياة سوداوية وسلبية.والحل في هذه الحالة لا يكمن في تجاهل الألوان التي لا نحبها، والتعامل فقط مع الألوان التي نفضلها، إنما يكون الحل في مزج جميع ألوان الحياة بطريقة ذكية، لنستمتع بما يبهجنا من هذه الألوان، ونجد الحلول للألوان التي فرضت علينا، وتحويلها إلى محفز ودافع قوي يجعل من حياتنا أفضل وأكثر إشراقا.أما أشد ألوان الحياة وضوحاً في المجتمع فهي مجتمع الشباب، فعندهم تجتمع الألوان المتناقضة ، فترى فيهم الاندفاع والحماس لإثبات ذاتهم وتحقيق أهدافهم لدرجة قد تبلغ حد التهور، مبتعدين عن التأني وتوخي الحذر، وهذه المرحلة العمرية تشبه الربيع بألوانه وأزهاره، ومن حق هذه الفئة على الأسرة والمجتمع تشجيعهم بطريقة إيجابية، والأخذ بأيديهم لتذليل ما قد يواجههم من تحديات وأشخاص محبطين ومثبطين لعزيمتهم، وعدم تركهم لهبات الريح تعبث بهم وتضيع آمالهم، ولكي يتعلموا قبول الآخر وكيفية التعامل مع الأشخاص الذين يخالفونهم بطريقة إيجابية، للوصول إلى بر الأمان.ونختم ونؤكد أن الحياة بشتى ألوانها لن تتوقف ولن تنتظر على عتبة أحد، ولن تعطينا حلولاً جاهزة على مقاسنا، بل نحن من يجب عليه أن يحدد أهدافه وطموحاته ويسعى إلى تحقيقهان بغض النظر عن ما قد نتعرض له من صعوبات وتحديات، وليس المطلوب منا أن نغير الآخرين، فذلك مستحيل، إنما المطلوب هو أن نتعايش مع الآخرين بروح القبول الإيجابي والتفاؤل واحترام الآخر، ونعيش الحياة بكل تلاوينها ونمازج بين جميع الألوان لتكتمل لوحة الحياة فتنبض روحاً، وتتناسق ألوانها المتعددة لتغدو أجمل وأبهى.* مستشار جودة الحياةTwitter : t_almutairiInstagram: t_almutairiitalmutairi@hotmail.com
محليات - ثقافة
جودة الحياة
الحياة ألوان
06:25 م