بحكمة واتزان وحنكة وخبرة سنين، جاء خطاب صاحب السمو بعد انتهاء لقاء القمة الكويتية - الأميركية الذي عقد في البيت الأبيض، ليعيد الأمل من جديد لإمكانية حل المشكلة القطرية - الخليجية التي باتت هاجس جميع مواطني دول مجلس التعاون الخليجي منذ رمضان الفائت!كان هذا الخطاب، بمثابة درس في التسامح والأخوة والالتفاف على الجراح وتناسي الماضي، ورغبة صادقة في عودة الإخوة إلى البيت الخليجي الذي حضنهم بظله سنوات عديدة مضت. ولم يكن كذلك لولا السياسة الرزينة والحكيمة التي يتبعها صاحب السمو داخلياً وخارجياً، اكتسبها خلال سنوات عمله في المجال السياسي منذ نعومة أظافره حتى الآن.وحتى نكون أكثر واقعية ولنسمي الأشياء بمسمياتها، فإن الأجدى بنا، أن نقول إن الخطاب أعطى بصيصاً ضئيلاً جداً من الأمل ليس أكثر! فالتصريحات التي تلت خطاب صاحب السمو من كلا الجانبين وحتى وقت كتابة هذ المقال، لا تدعو إلى التفاؤل إطلاقاً، بل انها أظهرت انطباعات واضحة ومباشرة أن مساعي حل هذا الخلاف عادت إلى نقطة الصفر من جديد!فتصريح وزارة خارجية قطر بعد خطاب صاحب السمو، بأن المطالب الثلاثة عشر التي فرضتها ما يسمى بـ «دول الحصار» تمس السيادة، إشارة واضحة إلى أن الدوحة غير مستعدة للتفاوض على هذه المطالب، حيث أوضح صاحب السمو «أن كل ما يمس امور السيادة غير مقبول لدينا»، وهذا يعني منطقياً أنه لا تفاوض أو لقاء أو حتى تشاور مستقبلي يلوح بالأفق!وفي المقابل، فإن البيان الصادر من الدول التي أطلقت على نفسها «الدول الداعية لمكافحة الإرهاب»، جاء واضحاً وصريحاً بأنه لا تفاوض إذا كانت هناك شروط مسبقة للحوار، وأشارت في شكل مباشر إلى تصريح وزير الخارجية القطري، وهذه دلالة واضحة على أنه واقعياً لا يوجد تقدم ملموس وواضح في حل هذا الخلاف!وباستخدام لغة المنطق والعقل، فإن الجرح الذي خلفه هذا الخلاف على كل المستويات السياسية والشعبية والرياضية وحتى الفنية أيضاً، والأمر من ذلك الإعلامية وعلى مرأى ومسمع القاصي والداني، يبدو أنه لم ولن يلتئم بين ليلة وضحها!وإن كان الأمل واقعياَ مفقود، إلا أن المساعي لا يجب أن تتوقف وبلا كلل أو ملل أو ضجر، فكل عقدة لها حل، وكل أزمة لا بد لها أن تنزوي، وكل مشكلة ولها مخارجها، ولا أجد مثلاً أفضل من الحرب العراقية - الإيرانية الدامية التي استمرت إلى أكثر من ثماني سنوات، وإلى قطيعة ديبلوماسية دامت 11 عاماً، وفي مثل هذا اليوم تحديداً وفي عام 1990 تم الإعلان عن عودة العلاقات بين الجارين كما كانت من قبل... فمتى سيأتي اليوم الذي ستعلن فيه عودة العلاقات الخليجية إلى ما كانت عليه أيضاً من قبل؟boadeeb@yahoo.com
مقالات
اجتهادات
في أمل؟!
12:28 م