نشمي مهنا، أو «وضّاح» كما يعرفه الناس، الشاعر الصعلوك الفاخر الوسيم، هو صعلوك يجيد الفنون كلها إلا فنّ مجالسة الشيوخ والأثرياء والمسؤولين بحثا عن مصلحة، هكذا هي تركيبته. وهو فنان يكره الشهرة والأضواء، ولولا ضغوط أصدقائه وإلحاحهم لما نشر حرفا واحدا مما يكتب. وهو من زمرة الشجعان الصامتين، بل هو على رأسهم وحصانه في مقدم خيلهم، وقد يجلس صامتا في مجلس مكتظ، لكنه إن تحدث فسيصفق عقلك له وقلبك. عشْقهُ السمر وهواه قصائد الغزل يلقيها بين أحبابه وندمائه فتتمايل الرؤوس وتنتشي النفوس، وأجمل قصائده تلك التي لم تُنشر، أو «غير الصالحة للنشر».
/>آه ما أجمل توصيفه لمعشوقته عندما يغوص في تفاصيل أنوثتها، ويحلق في خصرها، ويزحف على صدرها، ويستنشق بخورها في ليلة شتاء، ويغمض عينيه عن أي شيء آخر، وقد قيل قديما: «لم يخلق الرحمن أجمل منظرٍ، من عاشقين على فراشٍ واحدِ / متعانقين عليهما حلل الرضا، متوسدين بمعصمٍ وبساعدِ، فإذا تآلفت القلوب على الهوى، فالناس تضرب في حديدٍ باردِ...».
/>خرج قبل يومين من الأمسية الشعرية التي أقامتها السفارة التونسية، والتي اعتذر بالأمس عن إقامتها لأنه كان يعتقد بأن مناسبتها هي «اليوم الوطني لتونس» فإذا المناسبة هي «الذكرى الواحدة والعشرون لجلوس الرئيس التونسي على كرسي الحكم»، ووضاح لا يحتفي بالأفراد ولا الحكام ولا التجار، ولا يمكن أن ينظم حرفا فيهم، لكنه سينظم ألف بيت وبيت عن كاهل طاعن في السن يحمل مزودته على ظهره، وسيكتب ألف ألف قصيدة عن صبية تنثر الجمال والغرور في الأرجاء، هكذا هي تركيبته كما قلت، تركيبة الصعاليك الأحرار. المهم أنه خرج من أمسية السفارة التونسية والتقينا هو وأنا، وتبادلنا الحديث عن الصحافة وعن مقالات الكتّاب، وكيف أن المهم هو الأسلوب لا الفكرة، أو أن الأسلوب أهم من الفكرة، والصياغة أغلى من الحجة: «هاجم من تهاجم، وامتدح من تمدح، ليس هذا هو المهم، المهم هو أن توصل لي ما تريد في قطعة أدبية، فالمقالات يكتبها الجميع، لكن فن الأسلوب والصياغة لا يجيده إلا القلائل، والمقالة كالقصيدة، والكل سينظم قصيدة، لكن الشعراء قلة»، هذا ما قلته له، وما كنت أقوله دائما عند الحديث عن المقالات.
/>مع وضاح، للحديث عن الشعر سماء ليست كسمائنا، وأرض لا تشبه أرضنا. عن الساحر، الشعر، تحدثنا وضحكنا وانتحبنا على التنكيل بالقصائد «الوطنية»، واختلفنا في جزئيات، واستعر الخلاف وعلا دخانه، فانزوينا في مكان قصي بعيدا عن الناس، واحتكمنا للورقة والقلم، واستغرقنا الشعر فغرقنا فيه برغبتنا، فكل ما سوى الشعر هباء ورماد يتطاير في الهواء، كيف لا والحديث مع وضاح.
/>نشمي مهنا، جاري الذي يكره الأضواء ويغضب لو كتب عنه أحد أصدقائه، ها أنا ذا أغضبه، انتقاما منه عندما أغضبني ورفض الظهور معي في برنامج «مانشيت»: «بو سلمان، خذ ما تشاء مني وأنا جالس عندك ومتربع، خذ مني القصائد وأعطني، والعن معي الأضواء وبريقها»، قلت: «وإن أجبرتك على الظهور معي»؟، قال: «سأوافق مكرها لا بطل».
/>ولو كان رجال الكويت كلهم وضاح لسالت الأنهر في الكويت ولاخضرّت الأرض ولعلت قهقهة الأطفال، ولامتلأت الديرة بالنساء الباحثات عن النقاء والصفاء والوفاء... والصعلكة الساخرة الفاخرة.
/>محمد الوشيحي
/>alwashi7i@yahoo.com
/>
/>آه ما أجمل توصيفه لمعشوقته عندما يغوص في تفاصيل أنوثتها، ويحلق في خصرها، ويزحف على صدرها، ويستنشق بخورها في ليلة شتاء، ويغمض عينيه عن أي شيء آخر، وقد قيل قديما: «لم يخلق الرحمن أجمل منظرٍ، من عاشقين على فراشٍ واحدِ / متعانقين عليهما حلل الرضا، متوسدين بمعصمٍ وبساعدِ، فإذا تآلفت القلوب على الهوى، فالناس تضرب في حديدٍ باردِ...».
/>خرج قبل يومين من الأمسية الشعرية التي أقامتها السفارة التونسية، والتي اعتذر بالأمس عن إقامتها لأنه كان يعتقد بأن مناسبتها هي «اليوم الوطني لتونس» فإذا المناسبة هي «الذكرى الواحدة والعشرون لجلوس الرئيس التونسي على كرسي الحكم»، ووضاح لا يحتفي بالأفراد ولا الحكام ولا التجار، ولا يمكن أن ينظم حرفا فيهم، لكنه سينظم ألف بيت وبيت عن كاهل طاعن في السن يحمل مزودته على ظهره، وسيكتب ألف ألف قصيدة عن صبية تنثر الجمال والغرور في الأرجاء، هكذا هي تركيبته كما قلت، تركيبة الصعاليك الأحرار. المهم أنه خرج من أمسية السفارة التونسية والتقينا هو وأنا، وتبادلنا الحديث عن الصحافة وعن مقالات الكتّاب، وكيف أن المهم هو الأسلوب لا الفكرة، أو أن الأسلوب أهم من الفكرة، والصياغة أغلى من الحجة: «هاجم من تهاجم، وامتدح من تمدح، ليس هذا هو المهم، المهم هو أن توصل لي ما تريد في قطعة أدبية، فالمقالات يكتبها الجميع، لكن فن الأسلوب والصياغة لا يجيده إلا القلائل، والمقالة كالقصيدة، والكل سينظم قصيدة، لكن الشعراء قلة»، هذا ما قلته له، وما كنت أقوله دائما عند الحديث عن المقالات.
/>مع وضاح، للحديث عن الشعر سماء ليست كسمائنا، وأرض لا تشبه أرضنا. عن الساحر، الشعر، تحدثنا وضحكنا وانتحبنا على التنكيل بالقصائد «الوطنية»، واختلفنا في جزئيات، واستعر الخلاف وعلا دخانه، فانزوينا في مكان قصي بعيدا عن الناس، واحتكمنا للورقة والقلم، واستغرقنا الشعر فغرقنا فيه برغبتنا، فكل ما سوى الشعر هباء ورماد يتطاير في الهواء، كيف لا والحديث مع وضاح.
/>نشمي مهنا، جاري الذي يكره الأضواء ويغضب لو كتب عنه أحد أصدقائه، ها أنا ذا أغضبه، انتقاما منه عندما أغضبني ورفض الظهور معي في برنامج «مانشيت»: «بو سلمان، خذ ما تشاء مني وأنا جالس عندك ومتربع، خذ مني القصائد وأعطني، والعن معي الأضواء وبريقها»، قلت: «وإن أجبرتك على الظهور معي»؟، قال: «سأوافق مكرها لا بطل».
/>ولو كان رجال الكويت كلهم وضاح لسالت الأنهر في الكويت ولاخضرّت الأرض ولعلت قهقهة الأطفال، ولامتلأت الديرة بالنساء الباحثات عن النقاء والصفاء والوفاء... والصعلكة الساخرة الفاخرة.
/>محمد الوشيحي
/>alwashi7i@yahoo.com
/>