يوم جديد أشرقت شمسه مع غياب نجم الكويت والخليج والعرب... يوم جديد مرّ، وحدث فقدان الساحة للعملاق عبدالحسين عبدالرضا ما زالت تدمع له الأعين.رحل «بوعدنان»... ولم ترحل ذكراه الطيبة من قلوب محبيه، فلا يزال رفقاء دربه، - شيباً وشباباً - يستذكرون مآثره ومناقبه.رحل«بوعدنان»، لكنه ترك إرثاً فنياً كبيراً، ستبقى الأجيال تلو الأجيال تنهل من منابعه، كنهر الخلود الذي لا ينضب أبداً.الفنانون والإعلاميون، يبدون وكأنهم ما زالوا غير مصدقين للواقع الذي يعيشونه منذ انتشر خبر وفاة الفنان الكبير. وعبر «الراي»، وجدوا نافذة ليعبّروا عن حزنهم العميق وأسفهم الشديد لرحيل مدرسة الكوميديا الهادفة، وعميد الفن الكويتي وسيفه العربي الأصيل.في البداية، نعى رئيس نقابة الفنانين والإعلاميين الدكتور نبيل الفيلكاوي الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا، قائلاً: «أعزي نفسي وأهل الكويت والخليج والوطن العربي بهذا المصاب الجلل، وبفقيد الثقافة والفن العربي... اليوم أُغلقت أكبر مدرسة فنية وأكبر صرح ثقافي... اليوم طُويت صفحة من صفحات الفن بالكويت، بعدما فقدنا مؤسس الحركة المسرحية والدرامية والإذاعية، وبذلك نكون ودعنا أكبر ضحكة ارتسمت على شفاهنا لعقود مضت».وأضاف الفيلكاوي:«لقد فقدت أباً ومعلماً وأكبر داعم بالنسبة إليّ منذ بداية مشواري الفني بعد تخرجي من المعهد العالي للفنون المسرحية، وكلفني بثقة في تصميم وتنفيذ مسرحية (سيف العرب)، ومازلت أتذكر تعامله الراقي معي وقتذاك، إلى حد أنه لم يناقشني ولم يعطني ملاحظة واحدة بتصميمي لديكور المسرحية السالف ذكرها، بل انه أعطاني الثقة بالنفس، وكان داعماً لأطروحاتي وأفكاري التي تصب في مصلحة الحركة المسرحية عندما كنت رئيساً لاتحاد الفرق المسرحية، كما كان رحمه الله الداعم الأول في تأسيس مهرجان الشهيد فهد الأحمد للدراما التلفزيونية، ومهرجان الخرافي للإبداع المسرحي. وفي تأسيس نقابة الفنانين، كان هو من وضع اللبنة الأولى للنقابة، وكان عوناً لنا نحن الشباب، وشرفنا بقبوله منصب نقيب الفنانيين... نسأل الله العظيم أن يغفر له ويرحمه وأن يوسع مدخله ويكرم نزله».على صعيد متصل، قال الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبد الله:«في رحيل الفنان الكبير المبدع عبدالحسين عبدالرضا، نجد أنفسنا موحدين في الألم، تماماً كما كنا موحدين في الضحكة والبسمة وحبه... يرحل جسد عبدالحسين عبدالرضا، محمولاً على تلويحات أكف الملايين من محبيه على امتداد الوطن العربي، يرحل في زمن صار للرحيل معنى غير رحيل الأعزاء». وأضاف:«يرحل عبدالحسين راضياً مرضياً، لأنه لم يخن الناس الذين أحبوه، ولم يخن المهنة الأنبل التي اختارها هوية له، رحل... ولا أحد يسأل من محبيه عن نفوذه، عن أملاكه، بل يتحسس محبوه قسمات وجوههم ليتأكدوا أنهم ما زالوا قادرين على الابتسام بعد رحيله، يتحسسون نبض قلوبهم ليتأكدوا إن كانوا يستطيعون الضحك من أعماق القلوب بعده، هكذا يرحل الفنان جسداً، وهكذا يخلد في ذاكرة محبيه ويورثونه لمن يأتي بعدهم، وهكذا يا أبا عدنان، يرحل محبوك برحيلك، وتبقى أنت منارة وذاكرة ناصعة في صفحات أيامنا، فإذا كان هتاف ارحل قد شق الصدور والحناجر ليرحل من صنعوا الظلام في الحياة، فإن قلوب محبيك تقول من أعماقها (لن ترحل)، لأنك نسيج من إبداع، والإبداع باقٍ، (نحن كبشر زائلون، ويبقى المسرح ما بقيت الحياة)».بدوره، قال الفنان داوود حسين:«بوعدنان صاحب الفضل بعد الله في نجوميتي، ومن هذه الأعمال باي باي لندن، باي باي عرب، قاصد خير، سوق المناخ ومراهق في الخمسين»، مضيفاً:«بعد الانتهاء من مشاركتي في لجنة التحكيم بمهرجان وهران السينمائي، توجهت فوراً إلى لندن للاطمئنان على حبيب قلبي وتاج رأسي بوعدنان لكي أكون معه قلباً وقالباً». وأوضح أنه شاهد الفنان الكبير الراحل بعد خروجه من غرفة العمليات والتي تكللت بالنجاح، وقال:«بعدها غادرت المستشفى إلى (كاردف) لمتابعة دراسة ابني، ولكن بعد يومين وردني اتصال من ابنه بشار عن تدهور حالته الصحية، وعدت مرة أخرى إلى لندن للاطمئنان عليه، فكان المرحوم في حالة غيبوبة، ولكن حالته الصحية مستقرة إلى حد اللحظة التي فارق بها الحياة، وودعته الوداع الأخير».أما الفنان عبدالعزيز المسلم، فقال:«لا شك أن عبدالحسين عبدالرضا علامة من علامات دولة الكويت، فقد ساهم في بناء بلده، وأسس أسرة كريمة علمها حب الكويت والعطاء من أجل الوطن، أحب جمهوره وأخلص بعطائه الطويل، فأحبه وتعدى الحب أسوار الوطن ليصل إلى كل أرجاء العالم العربي، يمنح تلفزيون وطنه الكويت الأولوية على كل المحطات الأخرى، رغم المغريات الكبيرة التي تأتيه، وإن دل ذلك فإنما يدل على ولائه وحبه للكويت».وأردف المسلم:«أخلاق الفنان الراحل وتواضعه صنعت هيبته، وفرض احترامه واحترام الفن الهادف على المستوى الإقليمي، يعجبني فيه حبه واحترامه للعمل، وبساطته وصراحته، واحترامه وحبه ووفاءه لزملائه، يوجب الصغير والكبير، فلم يصل عبدالحسين عبدالرضا إلى كل هذه القلوب التي أحبته إلا بالصدق وإنسانيته وحبه للخير وما أخفاه عنا ويعلمه رب العباد». واختتم كلامه قائلاً:«الله يرحمه برحمته الواسعة ويصبر الجميع، (إنا الله وإنا إليه راجعون)».في سياق متصل، تقدم الاتحاد العام للمنتجين العرب للشعب العربي والشعب الكويتي وإلى الفنانين الكويتيين وكل محبي الفن الخليجي بخالص العزاء لوفاة الفنان القدير. وقال في بيان صحافي:«نعزي أسرة الفقيد والأسرة الفنية الكويتية بهذا المصاب الجلل، سائلين العلي القدير أن يلهمهم الصبر وأن يتغمده بواسع رحمته».من زاويته، قال نائب فرقة المسرح الكويتي الفنان عبدالله غلوم:«رحمك الله يا أبا عدنان وأسكنك في جنان الخلد،( أنتم السابقون ونحن اللاحقون)، (وإنا لله وإنا إليه راجعون)».أما الفنان عبدالله التركماني، فخاطب الفنان الراحل بقوله:«تعودت عليك تضحكني بفنك وبأعمالك الكوميدية، وما تعودت عليك تبكيني»، مكملاً:«الكويت بجميع أطيافها تبكيك يا أبا عدنان، لأنك عملاق ورمز وتاريخ فنها... الوداع يا أبا عدنان، سأفتقد اتصالك بي صباحاً لتعاتبني بصوتك الحنون: (وينك يبا... أحد مزعلك أحد قايلك شيء... تعال أبيك تسولف)».وقال الملحن حمد راشد الخضر:«إلى جنات الخلد يا من أفرحتنا وأمتعتنا على مدار أكثر من 50 عاماً، فألف رحمة ونور تنزل على روحك يا أبا عدنان، وإنا لله وإنا إليه راجعون».كما عبّرت الإعلامية أمل عبدالله عن بالغ حزنها قائلة:«فقدنا كتلة من الفرح، ولم يكن بوعدنان مرحلة وانتهت، بل هو محطة مهمة من السرور، وحالة جميلة في حياتنا ستبقى خالدة في وجداننا، وهذا يبعث حزناً مضاعفاً، لأننا فقدنا البهجة». وتابعت:«في السنوات الأخيرة، بتنا نعاني من السلبيات التي أثرت علينا وعلى روح الألفة بيننا، فقدم مع زملائه مثالاً يحتذى بالوفاق والتوافق، ونسأل الله أن نتغلب على أحزاننا، وبالنسبة إليّ ولشقيقتي، فإن عبدالحسين ليس فناناً ومرّ، بل أخونا الذي عاصرناه منذ الستينات... إنسانا بكل ما تعنيه الكلمة وخدوما ورحوما وما يقدمه في يده اليمنى لا تعرف عنه يده اليسرى... وهناك ميزة بالراحل أنني لم أسمعه مرة يغتاب أو يتحدث عن أحد، ولا وجود للطائفية في داخله، ويتواجد في كل المناسبات الوطنية، وإبان الغزو كان يتفقد شقيقتي الصغرى ويقصد منطقة الروضة كي يطمئن على أهلنا في غزو الكويت».الفنان حسن البلام قال:«هذا أمر الله... اللهم ارحمه برحمتك، نجم كبير وفي مماتك نجم كبير... وأنت لن تتكرر يا الغالي، رحلت ولم نكتفِ منك كأبناء ومعلم لنا، ورحلت ولم نكتفِ من فنك، أنت من غيّرت حياتي للأفضل».من جهتها، قالت الفنانة مرام البلوشي:«منذ طفولتي تعقلت بأعماله... تابعناه وكنا ننتظر أعماله التي تعرض في شهر رمضان الفضيل بشغف كبير، فهو فنان وأب وأخ للجميع، (راعي ابتسامة وضحك)،( إنا لله وإنا إليه راجعون)، ولا اعتراض على مشيئة الله وقدره... وهذا درب الكل ماشيه، والله يصبر أهله ويلهمهم الصبر والسلوان».الإعلامي السعودي محمد الشهري قال:«الفنان عبدالحسين عبدالرضا لم يمت، فهو ما زال حياً بأعماله وبتاريخه وبفنه وبمجده وبمحبيه... أبو عدنان غادرنا إلى مثواه الأخير، ولكن سيبقى في أعماقنا وفي أعماق الأجيال القادمة... أحب السعودية وأهلها فأحبوه واحترم العرب فاحترموه... صنع تاريخاً غير مسبوق على المستوى العربي، وعندما أقول غير مسبوق نظراً للعقبات التي واجهته في بداية مسيرته الفنية نظراً لقلة الإمكانات، وكذلك التحديات التي استطاع أن يتجاوزها بكل يسر وسهولة ليدخل ويتغلغل في أعماق المتابعين والمشاهدين والمستمعين والنقاد». وتابع:«أبو عدنان رحل وقد ترك مكتبة عظيمة من إبداعاته الفنية والتاريخية... أبو عدنان رحل عنا وقلوبنا تتفطر حزناً عليه... عرفناه وترعرعنا على فنه منذ الصغر، فعندما يحضر في أي مكان فنياً أو اجتماعياً يحضر عملاقاً لا ينافسه أحد ولا يقف في طريقه أحد... عبدالحسين ستبقى في الأعماق وستبقى للتاريخ وستبقى للأبد... رحمك الله وأسكنك فسيح جناته وألهمنا وذويك الصبر والسلوان (إنا لله وانا اليه راجعون)».أما الفنان المصري الكبير حسن حسني، فقال:«لقد فقد الوطن العربي الفنان الكبير عبدالحسين عبدالرضا، الذي أدخل البهجة إلى قلوب الناس على مدى أكثر من نصف القرن... عبدالحسين لم يقتصر جمهوره على منطقة الخليج فحسب، بل إنه فنان عربي كبير، يحبه الشعب المصري، وتحبه كل الشعوب العربية الأخرى، للفقيد الرحمة والغفران ولنا ولأسرته الصبر والسلوان».في حين قال المخرج السينمائي وليد العوضي:«هو طاقة هائلة من الحب والإنسانية، هو الفنان الكبير بخلقه والتزامه وعشقه للأرض والإنسان... هو بوعدنان. حمل همومنا جميعاً بأعماله الرائعة، وجسد الروح الوطنية والوحدة والتآلف من خلال فنه الراقي وإحساسه العميق، منذ بداية المشوار إلى آخره».واستذكر العوضي مآثر«بوعدنان»بقوله:«الكويت يا جماعة، الكويت وحكامها والأهل والوحدة الوطنية، الكويت أهم شيء، أرضنا عزيزة وغالية، نحافظ عليها، هذه العبارات دائماً حاضرة في حضوره، يحرص على بث الروح الوطنية والإخلاص والعمل الجاد، هو فنان عملاق من جيل الرواد المؤسسين للحركة الفنية الكويتية واستطاع أن يأخذنا بفنه من المحلية إلى الخليجية والعربية».ومضى العوضي يقول:«هو يعرف ما يريد وما نريد، يعرف كيف يوصل الرسالة من خلال الفن الأصيل، ظل سابقاً لوقته، أعماله تحاكي الحاضر والمستقبل، بكل عفوية رسم الابتسامة على وجوه الجماهير، وبكل بساطة طرح أكثر المشاكل تعقيداً وحلولها، وبإحساسه العاطفي الصادق رسم لنا لوحات فنية معبرة، فهو الحاضر بقوة أينما حضر، كاريزما لا مثيل لها، عفوية الأداء وسرعة البدهية، ينقلك إلى عوالم مختلفة، يبكيك ويضحكك، يهز قلبك في لحظة، ويحرك العواطف والأحاسيس بأدائه المسرحي والتلفزيوني الفريد من نوعه... رحمك الله يا أستاذنا الكبير وفناننا الجميل وعملاق الكوميديا وأحد أهرامات الفن الكويتي الأصيل، وما زلت أتذكر كلماتك الرائعة وتشجيعك لي دائماً وفي كل لقاء سواء داخل أو خارج الكويت، خصوصاً عندما نلتقي في المهرجانات السينمائية، أن العمل الفني يبقى ونحن راحلون... سوف تبقى في وجداننا جميعاً وستظل أعمالك الفنية خالدة لأجيال وأجيال لأنك مدرسة لا مثيل لها، إنها مدرسة عبدالحسين عبدالرضا الشاملة بحب الكويت».من ناحيتها، قالت الفنانة هيفاء حسين:«رغم عدم مشاركتي في أعماله وكنت أحلم أن أقف أمامه والتمثيل معه... ورغم عدم وجود ذكريات عشتها فعلياً معه، لكن عندما وصلني خبر وفاته الخبر بكيت وكأني عشت معاه سنين... هذا دليل أن الراحل كان يعيش بأرواحنا طوال السنين الماضية، والدليل أيضاً على أننا فعلاً نحبه من الأعماق هو أننا تعلقنا فيه كفنان عملاق وبأعماله التي لطالما من خلالها أضحكنا وأبكانا... لكن هذه مشيئة الله عز وجل، والله يرحمه ويغفر له ويسكنه فسيح جناته».وبدوره، قال المذيع طالب الشريف:«المشاهد عندما يرى أي شخص يؤدي ويقدم بضمير، يتفاعل معه سواء في الرياضة أو الفن... والراحل في مسيرته المتنوعة، شخصية قوية ومتواضع بلا حدود... وعنده كرم لا يوصف، ولم نسمع في يوم من الأيام أن له خلافاً مع أحد أو شيئاً من هذا القبيل، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته».