هل تعتزم الحكومة اللبنانية في اجتماعها غداً الرد على الرسالة «الشديدة اللهجة» التي كانت تلقّتها من الكويت قبل 12 يوماً، والتي طالبتها بإجراءاتٍ رادعة لسلوك «حزب الله» وتهديده لأمن الكويت واستقرارها؟الصمت الرسمي في بيروت حيال رسالة الكويت التي تضمّنت خلاصة قرار محكمة التمييز في شأن تَورُّط «حزب الله» في «خلية العبدلي» ما زال على حاله عشية اجتماع مجلس الوزراء، رغم المواقف السياسية المندّدة بالتدخل في شؤون الكويت وتخريب العلاقة معها.ولم يكن صدَرَ عن وزارة الخارجية اللبنانية اي موقف منذ تَسلُّمها رسالة الكويت غير المسبوقة في تلميحها الى إمكان إعادة النظر في العلاقة بين البلدين، رغم اكتفاء الوزير جبران باسيل خلال استقباله سفير الكويت في لبنان عبد العال القناعي بالقول انه سيتشاور بالأمر مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري.وفي موازاة «إدارة الظهر» الرسمية لما انطوتْ عليه رسالة الكويت من تحذيراتٍ جدّية ما لم يَتخذ لبنان إجراءاتٍ عملية ضد سلوك «حزب الله» ويصار الى إبلاغ الحكومة الكويتية بها، استمرّت تفاعلات هذه القضية على المستوى السياسي، وخصوصاً في ضوء الأضرار الكبيرة التي قد تنجم عن عدم احتواء الأزمة مع أكثر الدول احتضاناً للبنان ودعماً له «ع الحلوة والمُرّة».وكان «تيار المستقبل» بزعامة الرئيس الحريري من أكثر القوى التي أدركتْ مخاطر ترْك قضية «خلية العبدلي» تعتمل ودعتْ الى تَدارُك ملامح الأزمة مع الكويت، وهو ما عبّر عنه في 3 محطات: الاولى البيان الذي صدر عن كتلته البرلمانية بعد اجتماعها برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة ودان «تورط حزب الله في عملياتٍ إرهابية لزعزعة أمن الكويت»، معتبرة «ان هذا العمل المشين لا يهدّد فقط مصلحة دولة عربية شقيقة بل ويهدد ايضاً مصلحة لبنان ومصالح اللبنانيين في لقمة عيشهم». والثانية استقبال القناعي الرئيس السنيورة (اول من امس مع وفد من كتلة «المستقبل») الذي كرّر «ان من المؤسف ان هناك قلة قليلة تحاول ان تخرب العلاقة التاريخية بين لبنان ودولة الكويت» معلناً «اننا تمنينا على الحكومة اللبنانية ان تأخذ هذا الأمر بجدية، وبالتالي ان يصار الى معالجة الأمر في أسرع وقت حتى لا يؤدي الى مزيد من الشروخات التي نرفضها».أما المحطة الثالثة فإبداء وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق خلال زيارة السفير الكويتي له (اول من امس) «استعداده واستعداد الأجهزة الأمنية اللبنانية للتعاون مع وزارة الداخلية الكويتية والتنسيق لتقديم أيّ مساعدة» في قضية «خلية العبدلي» أو غيرها.وفي ظلّ هذا المناخ وعشية اجتماع مجلس الوزراء غداً، سألتْ «الراي» وزراء ونواباً لبنانيين عن هذه القضية وسبل معالجتها.وزير التربية مروان حمادة شدّد على ان «الحكومة اللبنانية للأسف حكومات، وبالتالي أتمنى أن تتعاطى بكل جدية مع شكوى دولة شقيقة هي أقرب الدول الى لبنان وكانت دائماً إلى جانبه في الأوقات الصعبة».وعن الأسباب التي دفعتْ بالأمور الى التأزّم في حين لطالما كانت العلاقة مميّزة بين البلدين، قال حمادة لـ «الراي»: «هناك قول شعبي يفيد بأن العتب على قدر المحبة، ومحبة الكويت للبنان وفي المقابل أيضاً محبة لبنان للكويت لا حدود لها، وربما الأذى الذي حلّ بالشقيقة الكويت من خلال أفعال حزبٍ للأسف مدّ جذور تَدخُّلاته إلى الدول الشقيقة وإلى المنطقة ككلّ، استوجب من الكويت أن تَخرج عن صمتٍ ربما يكون مكبوتاً منذ فترة، والكويت كانت تتعالى وتتغاضى عن هذه الأمور في كثيرٍ من المناسبات، ولكن ربما هذه المرة طفح الكيل معها وبالتالي، صارحتْ لبنان، كما قلت لأن «العتب على قدر المحبة».وعما إذا كانت الحكومة قادرة على اتخاذ إجراءات لطمأنة الكويت، رأى حمادة أن «المطلوب أولاً من وزراة الخارجية أن تتخذ موقفاً مبدئياً ما دمنا أعضاء في جامعة الدول العربية وتربطنا بالكويت علاقات وثيقة، وأن تشجب أيّ تدخُّل في الشؤون الداخلية لبلدٍ شقيق»، مضيفاً: «هذا نظرياً، أما عملياً فإن الجميع يعرفون ما هي الظروف التي يمرّ بها لبنان، وبالتالي قد تكتفي الكويت، وهي سيّدة العارفين بالشأن اللبناني، على الأقل بموقفٍ معنوي، وهذا المطلوب من وزارة خارجيتنا.بدوره، قال وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي لـ «الراي»: «لا أعتقد ان الحكومة بإمكانها اليوم أن تقارب هذه الأزمة ولا سيما وسط الانقسام العمودي الموجود في البلد وداخل الحكومة، والكل يعلم أن تصرفات هذا الحزب مستنكَرة من غالبية الشعب اللبناني، ولا سيما أنها خارج القوانين الدولية والقانون اللبناني وتشكل انتهاكاً لدولة شقيقة وصديقة لها أفضال كبيرة على لبنان واللبنانيين».أضاف: «لكن مع الأسف هذه حكومة ائتلافية وفيها مكوّنات أحدها مرتكب هذه الأعمال المشينة التي حدثتْ في الكويت، وبالتالي لا أتوقّع أن يحدث الشيء الكثير بالنسبة لهذا الأمر، وإن كان رئيس الحكومة وغالبية الوزراء والجهات اللبنانية يستنكرون هذه الأعمال بشكل كبير».وأكد أن الحكومة لا يمكنها اتخاذ أي اجراء في هذا الشأن، وسأل: «هل يمكن أن يستنكر (حزب الله) أعماله وهو داخل الحكومة؟ كيف سيتمّ هذا الأمر إذاً؟ رغم أننا نعرف أنه لا بد أن تتمّ محاكمة مَن ارتكب هذه الأعمال ومحاسبته لبنانياً، ولكن هذا حزب خارج عن القانون اللبناني والدولي فهو يقاتل في سورية ولبنان واليمن وفي عدة أماكن ويأتمر فقط بأوامر مشغّليه في إيران لا أكثر ولا أقلّ».وختم: «أعتقد أن الأخوة والأصدقاء والأشقاء في دولة الكويت العزيزة والحبيبة يعرفون هذا الأمر شديد المعرفة، ويعرفون وقوف الشعب اللبناني بأسره إلى جانبهم في هذا الأمر وفي أي أمر آخر يمسّ بسيادتهم وكرامتهم وبأمنهم وأمانهم وبأيّ شيء قد يسيء إليهم لا سمح الله».النائب بطرس حرب أمِل عبر«الراي»في أن«تُظهِر الحكومة اللبنانية بعض الحكمة وأن تتصرف في هذا الموضوع الدقيق آخذةً في الاعتبار أن وجودها هو لتأمين مصالح اللبنانيين وحماية حقوقهم في العالم بكامله، وألا تكون ضحية الأزمات السياسية ولا سيما أنها غير متفقة في الرأي حول هذا الموضوع بالذات»، مضيفاً: «في الوقت نفسه، هذا الموضوع لا بد أن تتم معالجته بشكل مختلف عما ساد في معالجة بعض الأمور في الماضي، والذي أدى إلى تعريض علاقة لبنان بدول الخليج لمخاطر يمكن أن ترتدّ على اللبنانيين بشكل خطير وكبير جداً».تابع: «أملي أن تدرك الحكومة اللبنانية خطورة هذا الأمر، وأن تحاول التوفيق بين ما تتطلّبه الأوضاع الداخلية وإدارة السياسة الداخلية وبين المحافظة على العلاقة بالدول العربية، ولا سيما الدول الشقيقة والصديقة كالكويت والسعودية وغيرها من بلدان الخليج».وعن السبب الذي دفع العلاقة بين الكويت ولبنان إلى هذا المستوى من التأزم، أجاب: «في رأيي لا بد أن يُطرح هذا السؤال على الحكومة أكثر من أي أحد آخر، لأن المعطيات المتوافرة لديّ تؤكد أن هذا الوضع قد يتخذ منحى سلبياً جداً إن لم تكن هناك حنكة في معالجته. وآمل أن تدرك الحكومة اللبنانية أن هذا الموضوع لا يُعالج إلا بروح التضامن الأخوي مع الدول العربية، وثانياً بالعقل والمنطق وبحكم الصداقة الكبيرة التي تربط لبنان بدولة الكويت، التي لم تتوانَ يوماً عن الوقوف إلى جانب لبنان في كل أزماته المتعددة».من جانبه، أوضح عضو كتلة «الكتائب اللبنانية» النائب إيلي ماروني لـ «الراي»: «أننا كنا من الفريق الذي يطالب دائماً الحكومة اللبنانية بأن تمارس سلطتها وهيبتها على كامل المؤسسات ومنها المؤسسات السياسية الخارجية عبر وزارة الخارجية، وأن تضع حداً لتصرفات (حزب الله) الذي يسيء إلى علاقات لبنان الخارجية العربية والدولية، وبالتالي المفروض على (حزب الله) كحزب لبناني أن ينصاع إلى قرارات السلطة الشرعية اللبنانية وللسياسة الخارجية اللبنانية».واذ أشار الى أن «دور الدولة اللبنانية الحفاظ على علاقتها بدولة الكويت الشقيقة، التي لم تترك لبنان في كل أزماته العسكرية والاقتصادية والسياسية، وكانت دائماً إلى جانبه»، رأى أنه «نتيجة تصرفات (حزب الله)، الذي لا يراعي حاجة لبنان إلى دول الخليج وعلاقات لبنان الخليجية والعربية، فهو يدفع هذه الدول إلى اتخاذ مواقف سلبية بحق لبنان».وختم: «إذا كانت الحكومة الكويتية تلمس تدخلات داخلية من (حزب الله) بأمنها، من حقها كدولة مستقلة اتخاذ الاجراءات التي تضمن سلامتها، ومن حقنا على دولتنا أن تصون علاقاتنا مع الخارج بما يحفظ للبنان أمنه الاقتصادي والسياسي وحاجته إلى هذه العلاقات القوية التي تدعم استقراره وسيادته»، مشدداً في الوقت عينه على أن«هذه الحكومة وهذا العهد لا يمكنهما اتخاذ اجراءات تُطَمْئن الكويت وتحتوي الأزمة معها».أما نائب «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا فقال لـ «الراي» إن «الحكومة اللبنانية لديها معلومات وصلتْها من أكثر من دولة خليجية بينها البحرين، اليمن والسعودية مفادها أن (حزب الله)، الذي هو عملياً ومن دون مكابرة جزء من فيلق القدس المكلف بالعمليات الخارجية في الحرس الثوري الإيراني، يدرّب مجموعات معارِضة من كل هذه الدول، حتى أن بعض المقاتلين يشاركون بعمليات في هذه الدول. والحكومة اللبنانية للأسف في هذا الموضوع، ولأن (حزب الله) جزء منها ولأنه يمارس نوعاً من الهيمنة على القرارات التي يتم اتخاذها، تمارس بدورها سياسة النعامة بدفن الرأس في الرمل: لم نرَ، لم نسمع، لم نعرف. وعلينا حالياً أن ننتظر لنر كيف ستكون مقاربتها».وأكد أنه لا يتوقع أن تقوم الحكومة بأي إجراءات بحقّ (حزب الله)، مجدداً التشديد على أن «(حزب الله) يأتمر بالولي الفقيه وهو تابع للحرس الثوري الإيراني». وأضاف: «عناصره لبنانيون نعم، أبناء عائلات لبنانية نعم، يشاركوننا كثيراً من الهموم المعيشية والاقتصادية نعم، ولكن مشروعهم السياسي الاستراتيجي لا علاقة له بلبنان».
محليات
«الراي» تحدّثت إلى وزراء ونواب عشية اجتماع الحكومة غداً
لبنان الرسمي على صمته في «خلية العبدلي» ... وقوى سياسية «ترفع صوتها»
01:17 ص