يفترض ان تطوى اليوم، صفحة «جبهة النصرة» في جرود بلدة عرسال اللبنانية والقلمون الغربي السوري مع التنفيذ المرتقب للمرحلة الثانية من الصفقة بين «حزب الله» و«الجبهة» التي عُلّقت بموجبها العملية العسكرية التي كان شنّها الحزب قبل 11 يوماً واستمّرت 6 أيام، والتي قضتْ بالسماح لأمير «النصرة» في الجرود ابو مالك التلي ومَن بقي من مسلّحيها وعائلاتهم بالانسحاب «الآمن» في اتجاه إدلب مقابل استعادة «حزب الله» 8 من أسراه لديها إضافة الى مبادلة عشرات الجثث بين الطرفين.فغداة إنجاز المرحلة الأولى من الصفقة التي يرعى تنفيذها جهاز الأمن العام اللبناني والتي تَخلّلها استرداد «حزب الله» 5 من جثث مقاتليه مقابل استعادة «النصرة» جثث 9 من عناصرها وإطلاق سراح ميادة العيوش (وابنها) التي كانت موقوفة لدى السلطات اللبنانية بتهمة نقل أموال الى عرسال، شهد يوم أمس استكمال الاستعدادات لتطبيق الجزء الأهمّ من «اتفاق الجرود» الذي ينتقل بموجبه التلّي ومسلّحي «النصرة» وعائلاتهم ونحو 9 آلاف نازح من مخيمات عرسال وجرودها في نحو 152 من «الحافلات الخضر» التي ستقلّهم الى إدلب عبر جرود فليطة السورية مروراً بطريق حمص الدولية وصولاً الى حلب.وبحسب السيناريو المرسوم لإنجاز المرحلة الثانية والحاسمة، فإن حلب ستشكّل نقطة «التسلُّم والتسليم»، بحيث يكون «ثمن» العبور المتتالي للحافلات منها اليوم الى إدلب إطلاق الأسرى الخمسة من «حزب الله» الموجودين في قبضة «النصرة» (منذ نحو عامين وأُسروا خلال معركة تل العيس في سورية)، على ان يتم الإفراج عن الأسرى الثلاثة الذين سقطوا في يد «النصرة» الأسبوع الماضي عقب وقف معارك الجرود (بعدما ضلّ الثلاثة طريقهم) فور انطلاق الحافلات من جرود عرسال.وكانت بيروت عاشت حتى أولى ساعات بعد الظهر في أجواء ان انتقال «النصرة» وعائلات مسلّحيها والنازحين الآخرين سيحصل أمس قبل ان تتبدّل المعطيات ويُعلن ان العملية يرجّح تنفيذها اليوم. ورغم ربْط هذا التأخير باعتباراتٍ لوجستية مثل اكتمال وصول الحافلات والتأكد من اللوائح الاسمية لمَن سيغادرون فيها وتوفير كامل المواكبة الضرورية لها (من الصليب الأحمر اللبناني والهلال الأحمر السوري) على طول الطريق التي يحتاج عبورها الى نحو 8 ساعات وضمان سلامة الركاب أثناء عبورهم مناطق النظام، إلا ان أوساطاً متابعة لم تستبعد ان يكون وراء هذا الأمر مطالب «ربع الساعة الأخير» التي غالباً ما تبرز في مثل هذه الصفقات وتتطلب عناية في التعاطي معها.ومع رحيل «النصرة» من جرود عرسال، ستنتقل «العدسات» الى الجرود المجاورة في رأس بعلبك والقاع حيث ينتشر نحو 700 من إرهابيي «داعش» على مساحة نحو 200 كيلومتر مربّع (من الأراضي اللبنانية وامتدادها السوري)، وسط اكتمال جهوزية الجيش اللبناني لبدء معركةٍ تنتظر ساعتها الصفر لدحْر التنظيم، وهو التطور الذي يفترش ان يطغى اليوم على الاحتفالية التي تقام في مناسبة عيد الجيش بمشاركة رؤساء الجمهورية ميشال عون والبرلمان نبيه بري والحكومة سعد الحريري وكبار المسؤولين.وعشية هذه المناسبة وجّه قائد الجيش العماد جوزف عون «أمر اليوم» إلى العسكريين متوجّهاً إليهم بأن «عيون اللبنانيين شاخصة إلى شجاعتكم في الميدان، تقدّمون التضحيات الجسام دفاعاً عن أرضكم وشعبكم وعلم بلادكم. ويحضرنا في هذا العيد عسكريون أبطال استشهدوا، وآخرون أصيبوا أو خُطفوا (ما زال «داعش» يأسر 9 جنود لبنانيين منذ 2 اغسطس 2014) على يد التنظيمات الإرهابية»، لافتاً الى «ان الإرهاب هو نفسه سواء أتى من الحدود الجنوبية أو من الحدود الشرقية، حيث أحكمتم خلال السنوات السابقة الحصار على الإرهابيين وتضييق الخناق عليهم إلى الحد الأقصى، واليوم تواصلون استهدافهم بقوة من خلال الأحداث الجارية لإحباط أي محاولة من قبلهم للنفاذ باتجاه البلدات والقرى الآمنة أو باتجاه مخيمات النازحين بهدف جعل سكانها الأبرياء دروعاً بشرية لهم».وتَحظى العملية المرتقبة للجيش ضدّ «داعش» بالتفاف لبناني كامل على عكس الاستقطاب الذي شهدته البلاد على خلفية تَفرُّد «حزب الله» بمعركة جرود عرسال التي انتقل فيها الى خوض المعارك ذات الصلة بالأزمة السورية وأجنتدها داخل الأراضي اللبنانية، وهو ما أعاد إحياء البُعد الخلافي حول دور الحزب العسكري في الداخل والخارج.وفي سياق متصل، لم يكن عادياً ان تدخل إيران مباشرةً، ومن بيروت، يوم أمس على خط «الاستثمار» السريع للدلالات الاستراتيجية لمعركة «حزب الله» في جرود عرسال وامتدادها السوري سواء في نتائجها العسكرية او في توظيفها الداخلي من خلال تظهير الحزب التضامن العريض وغير المسبوق حول معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» وصولاً الى تأكيد دوره المزدوج في «التحرير من العدو الاسرائيلي ومن العدو الإرهابي».فالمساعِد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإيراني حسين أمير عبداللهيان أطلّ من بيروت مقدّماً «التهنئة والتبريك تجاه الانتصارات الكبرى التي حققها لبنان بشعبه وجيشه ومقاومته ضد الإرهاب والإرهابيين في عرسال»، ومعتبراً «ان هذه الانتصارات تأتي استكمالاً للانتصارات السابقة التي أُنجزت ضد القوى الإرهابية في حلب والموصل وها هي تتحقق اليوم على الحدود اللبنانية - السورية».وقال عبداللهيان بعد زيارته بري: «نعتقد ان المعادلة التي تتمثل بالوحدة والانسجام بين الشعب والجيش والمقاومة هي العنصر الأساسي والحاسم الذي أدى ويؤدي الى انجاز هذه الانتصارات الكبرى».
خارجيات
عبداللهيان بارَك من بيروت انتصار «الجيش والشعب والمقاومة»
المرحلة الثانية من «صفقة الجرود» اليوم: ترحيل «النصرة» واسترداد أسرى «حزب الله»
صورة وزعها إعلام «حزب الله» لمجموعة من الباصات التي ستقل عناصر «النصرة» من جرود عرسال
01:17 ص