ما ان تسلم اللواء الدكتور فهد الدوسري مهام منصبه كمدير عام للإدارة العامة للتحقيقات منذ ما يقارب العامين حتى بادر وفي خطوة طموحة إلى تطبيق رؤية وفكر مستقبلي متطور بالإدارة يتمثل بضرورة إدخال التكنولوجيا المتطورة إلى الإدارة العامة للتحقيقات في مشروع يهدف لمواكبة التطور وتطوير آليات العمل فيها والقضاء على البيروقراطية والروتين إضافة إلى تسريع وتيرة العمل ليتوافق مع توجه الدولة بصورة عامة في إلغاء العمل الورقي والاستعاضة عنه بالتكنولوجيا، وقبل هذا وذاك تأتي الخطوة الأخطر والأهم في هذا المشروع وهي منع عمليات الإضافة أو الحذف من المحاضر والتوقيع عليها من قبل المتهمين دون علم منهم سواء بحسن أو سوء نية بعد انتهاء التحقيق فيها.وفِي هذا الصدد أصدر اللواء الدوسري مشروعه الذي أطلق عليها «لجنة الميكنة»، والتي تهدف إلى وضع خطة ذات برنامج زمني من أجل تطبيق الميكنة بالإدارة العامة للتحقيقات عبر برامج وخطط تم إعدادها والعمل عليها، لحين الانتهاء بالكامل من هذا المشروع في عموم إدارات التحقيق الست المختلفة المنتشرة بالمحافظات والتابعة للإدارة الأم.«لجنة الميكنة» التي انطلقت برئاسة وعضوية عدد من المٌحققين المُتميزين الذين يجمعون بين الخبرة والكفاءة من جهة والتخصص وروح الشباب من جهة أخرى، واصلوا الليل بالنهار من أجل وضع ملامح خُطة الميكنة بالإدارة، من خلال عقد اجتماعات متواصلة وصلت إلى 29 اجتماعاً خلال أشهر، لتتضح ملامح الخطة وآلية التطبيق وبرنامجها الزمني رويداً رويداً حتى خرجت بتصور متكامل وبعد هذه الجهود التي قاربت العام الكامل توقفت «لجنة الميكنة» عن الاجتماع وعن العمل وتوقفت الخُطة عن التطبيق.وقد شرعت اللجنة باتخاذ خطوات ملموسة في طريق تنفيذ تلك الخطة والتي تم اعتمادها ومباركتها من اللواء الدوسري حيث تم البدء بعدد من الخطوات وأبرزها تطبيق البصمة بالحضور والانصراف للمُحققين فوراً، والاجتماع لأكثر من مرة مع ممثلي الإدارة العامة لنظم المعلومات وتم إعداد مسودة لمحضر التحقيق الآلي الجديد وإعداد مسودة لموقع الاستعلام الآلي يحوي كل البيانات التي تم طلبها من لجنة الميكنة، وتم الانتهاء من الأمر بصورة نهائية وبالشكل الأخير. وتدريب دفعة أولى من المُحققين تم إلحاقها بدفعه ثانية، وتوزيع أجهزة حواسيب علي مكاتب المُحققين المُدربين حال تخرجهم على أن تعمم الأجهزة على كل دفعه تتدرب وتنتهي من التدريب وحتى الانتهاء الكامل من جميع عموم المُحققين.وعن أسباب هذا التوقف المفاجئ طرحت «الراي» هذا التساؤل لمعرفة ما الذي استجد لوقف هذا المشروع الحيوي والمُهم الذي أكد بعض المختصين أنه لو طُبق بالصورة التي وضعت لكان له عظيم الأثر في تطوير آلية العمل وتسريع وتيرته وإحداث نقلة نوعية متميزة بدءاً من القضية وصولاً إلى أطرافها وانتهاءً بالمُحقق، لتتلقى الإجابة من مصدر أمني قال لـ «الراي» إن «سبب إيقاف عمل لجنة الميكنة هو وجود معسكرين أحدهما رافض للمشروع، والآخر مؤيد وبشدة له، وبما أن رأي المعسكر الرافض كان المسيطر فالنتيجة الحتمية كانت إيقاف المشروع».وأضاف المصدر ان «المعسكر الرافض قام بمقابلة المدير العام وطالب بوقف المشروع وأورد عدداً من الحُجج التي تدعم مطالبته، وأبرزها أن هناك محققين كباراً في السن ولا يستطيعون التواصل مع التكنولوجيا، وليس من اللائق إجبارهم على ذلك في حال رفضوا التدريب لأنه لا يوجد نص لإجبارهم، كما استندوا إلى وجود نص في قانون التحقيقات يقول (يجب أن تكون أقوال الأطراف بالتحقيق مكتوبة)، وهو الأمر الذي يتعارض مع استخدام الكمبيوتر في التحقيق».وزاد ان «الحجة التي أوردها الرافضون كان لها ما يدحضها بالدليل والحجة وأبرزها أن الإدارة العامة للتحقيقات وبعد إحالتها لأكثر من 156 محققاً ممن خدموا أكثر من 30 عاماً، فإن متوسط عمر العاملين فيها من الشباب ومن متوسطي الخدمة والذين واكبوا التكنولوجيا ويستطيعون التعامل معها».وعما أثير حول وجود مخالفة لقانون التحقيقات عند استخدام الحاسوب قال المصدر إن «هذا غير صحيح لأن القانون ينص على أن يكون محضر التحقيق مكتوباً، ولم يحدد المشرع وسيلة الكتابة إن كانت بقلم أم عبر جهاز الحاسوب، وبالتالي فإن وجود محضر مكتوب هو شرط مكتمل وموجود بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة بكتابته».وأرجع المصدر تأييده لاستخدام الحاسوب بالتحقيق إلى عامل مهم يتمثل في أن «ملف التحقيق وعند إغلاقه والتوقيع عليه من قبل الأطراف المعنية والمُحقق يصعب التلاعب به بالإضافة أو الحذف من قبل أي طرف إن كان مطبوعاً بالحاسوب وعلى العكس من ذلك إن كان مكتوباً بالقلم فسيسهل الإضافة أو الحذف سواء بحسن نية أو بسوء نية لاسيما أننا بشر ومعرضون للضغوط ولذلك فالمحضر المطبوع هو وسيلة لحفظ حقوق كافة الأطراف».وخلص المصدر إلى دعم رأيه المطالب بالميكنة في التحقيقات بالقول «هل تعلم أن المُحقق يستغرق في كتابة المحضر التقليدي عبر السؤال والجواب والكتابة بالقلم ما يقارب ساعتين بينما عبر الكمبيوتر فإن المحضر يأخذ من المُحقق أقل من نصف الساعة ناهيك ان المحقق يحتاج لكتبة لمعاونته بالكتابة وفي أحيان لا يتواجدون ما يؤدي لتعطيل الأطراف على عكس الحاسوب فهو بين يدي المحقق، وإذا كان اللواء الدوسري قد ترك المجال متاحاً لكل مُحقق لاستعمال ما يريد القلم أو الحاسوب دون الزام فلماذا لا تتم الميكنة ويترك الخيار للمحقق؟».وختم المصدر بالقول «آخر إحصائية أثبتت أن المحقق الذي يعمل بالحاسوب ينجز ما يُقارب 35 إلى 40 قضية في الشهر وهو العدد الذي يقوم به ثلاثة محققين في الفترة نفسها في حال استخدموا القلم في الكتابة».
محليات
أحدهما مؤيد للمشروع والآخر معارض فجُمّد العمل به بعد الإنفاق عليه
«ميكنة» المحاضر تائهة بين معسكرين في الإدارة العامة للتحقيقات
اللواء فهد الدوسري
12:08 ص