يقول محمد الرطيان: ‏«حقيبتها شانيل، حذاؤها لابوتان، فستانها ديور، عقدها كارتير، كل ما فيها غالٍ وثمين، إلا هي... كانت: رخيصة»!فتأمل يا رعاك الله كم من سيارة أغلى من أن تقسط، ارتضت على نفسها الانحدار بالرخص إلى الوقوف في مواقف المعاقين، التي نحمد الله حمداً طيباً كثيراً مباركاً على أن تلك المخالفة المرورية تحولت إلى جنحة أخيراً.وتأمل يا رعاك الله كم من جمال كلّف أموالاً طائلة ارتمت تحت أقدام جراحي التجميل، للقيام بعمليات تجميل تحوّل الفسيخ شربات وتجعل المكنسة ست النساء، لكن أموال ذلك التجميل الغالي تحولت هباء منثوراً وترجمت إلى رخص وابتذال حين نطقت الشفاه المكتنزة ألفاظاً مبتذلة صح عليها القول: يا زينك ساكت.وأخيراً، تأمل كم من أبناء ملوك وباشوات نزع عنهم الملك والمال، فبقي سلوكهم ينطق رقياً... هم هكذا أبناء الذوات، ولا علاقة هنا بين التربية والمال، فـ «أبناء الأصول» لا تطلق على أصل معيّن دون غيره، ولكن الأصول هنا تعود إلى أصل التعامل، فالدين معاملة.بين رخص غال وغلاء رخيص، انحدر كثيرون تنازلوا عن الجوهر سعياً وراء المظهر، ففقدوا الاثنين.قيل إن هناك علاقة عكسية بين المظهر والجوهر، ولاحظ أن هذه العلاقة تبدأ مع بدء المبالغة في الاهتمام بالمظهر... ولاحظ كلمة المبالغة وضع تحتها مليون خط. فالمبالغة الزائدة هي إما نتيجة واما سبب لاضمحلال الجوهر وانحداره، أما تناسب المظهر مع الجوهر فهو مطلوب. ولا يعني الاهتمام بجوهر الأمور إهمال المظهر، فأناقة الهندام مطلوبة مع أناقة الأفكار، وهي تدل عليها وتؤكدها.وهناك من يعتقد أن شكله جواز مروره نحو الغير، لكن هذا الجواز لا يعطيك حق الإقامة الدائمة في موقع الاحترام الذي يتقدم حتى على الحب.ما الداعي لجميع ما سبق؟بعيداً عن المثاليات، من الملاحظ بوضوح أم التناقض الذي نشهده حولنا. فعلى سبيل المثال لا الحصر: معظم المخالفات المرورية من نصيب السيارات الفارهة التي يعتقد أصحابها أنهم اشتروا الرصيف والمارة معه.ومعظم البذاءات تصدر من الكاشخات بالماركات... وصحيح ان التعميم غير صحيح، لكن الظاهرة ظاهرة للعيان وبات من المطلوب على حد الضرورة ووجه السرعة حد أدنى من الانسجام بين السلوك والهندام لتجنب ما قاله ‏جبران خليل جبران: «لا تجعل ما تلبس أغلى ما فيك، فتكون يوماً أرخص مما ترتدي».reemalmee@