ملف أسبوعي من إعداد: عبدالعليم الحجاروفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية، تشير نتائج دراسات في مجال الطب التناسلي إلى أن خصوبة الرجال على مستوى العالم شهدت وما زالت تشهد تراجعا تدريجيا ملموسا ومقلقا خلال السنوات العشرين الماضية، إلى درجة أن هناك ظاهرة جديدة تتمثل في أن رجالا باتوا يصابون بالعقم (تدني الخصوبة) في مراحل مبكرة نسبيا من حياتهم، إذ أنها قد تبدأ في بعض الحالات في منتصف الثلاثينات من العمر.الدراسات ذاتها كشفت عن أن ذلك التراجع في مستويات الخصوبة الرجالية يعود لأسباب كثيرة (معظمها يؤثر على الجنسين معا)، بما في ذلك طبيعة الأنماط الحياتية والغذائية غير الصحية، والضغوط النفسية المتفاقمة، فضلا عن أمور أخرى مثل: العوامل الوراثية، والاضطرابات الهورمونية، وتأثيرات بعض الأمراض التي تنتقل من خلال الاتصال الجنسي.ووفقا لإحصائيات رسمية، فإن هناك حاليا أكثر من 150 مليون رجل حول العالم مسجلون رسميا باعتبارهم مصابين بأحد أشكال الضعف الجنسي أو انخفاض مستوى الخصوبة التناسلية، لكن العدد الحقيقي قد يصل إلى أضعاف ذلك إذا وضعنا في الاعتبار أن هناك حالات كثيرة غير مسجلة. كما من المتوقع لهذا العدد أن يصل إلى 300 مليون على مستوى العالم بحلول العام 2025.في ضوء تلك المؤشرات والمعطيات، هناك تساؤل بات يستحق أن يطرح في حلبة النقاش، ألا وهو: هل يمكن أن تصل خصوبة وقدرة الرجل الحميمية والتناسلية إلى مرحلة النضوب على غرار «سن اليأس» (أو بالأحرى «سن الإياس») الذي يطلق عادة على انقطاع خصوبة المرأة وانتهاء قدرتها على الإنجاب؟في التالي نسلط مزيدا من الضوء على جوانب تلك المشكلة التي ما من شك في أنها تؤرق أي رجل يصاب بها، ناهيك عن أن التأثير يمتد ليطال علاقته الزوجية إلى درجة أنه قد يطعنها في مقتل.«سن اليأس الرجالي» هو مصطلح أصبح يُطلق مجازيا على متلازمة تتجلى محصلتها في انخفاض مستوى هورمون الذكورة (التوستيسترون) لدى الرجل إلى ما دون مستوى معين، وهو المستوى الذي عنده يخسر ذلك الرجل معظم خصوبته التناسلية إلى جانب قدرته على الممارسة الحميمية.وعلى الرغم من تزايد معدلات درجات الضعف والعقم الجنسي بين الرجال، فإن الخبر السار هو أن احصاءات حديثة كشفت عن أن مشكلة متلازمة «سن اليأس الرجالي» تصيب ما بين 3 و 4 في المئة فقط من الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و 80 عاماً على مستوى العالم. لكن هذه النسبة مرشحة للتزايد بمعدل مواز لتزايد مدى ونطاق ظاهرة الضعف والعقم الجنسي.الضعف والعقم...أسباب وعواملمن المهم التمييز بين «الضعف الجنسي» و«انخفاض الخصوبة». فالضعف يشير إلى عدم القدرة على الممارسة الحميمية على النحو الكامل، وهو الأمر الذي يتجلى تحديدا في تراجع قوة ودرجة «الانتصاب». أما انخفاض درجة الخصوبة فلا يشترط أن يكون معه ضعف في الانتصاب، بل يكون متمثلا تحديدا في انخفاض أعداد الحيوانات المنوية أو انخفاض مستوى هورمون الذكورة.ويحصل ضعف القدرة والخصوبة لدى الذكور لأسباب كثيرة، بما في ذلك أسباب نفسية (كالاكتئاب والقلق والتوتر)، أو أسباب وظيفية (كإصابة بعض أعضاء جهازه التناسلي تحديدا بأمراض أو تشوهات)، أو أسباب مرضية مزمنة (مثل مرض السكري واعتلال الاعصاب وأمراض القلب والأوعية الدموية)، أو تناول بعض العقاقير التي تؤثر سلبا على القدرة الحميمية.وتضاف إلى كل ذلك عوامل إضافية من بينها: السن، والحالة الصحية العامة.وبينما هناك عوامل تكون مستعصية على المعالجة، كالأمراض العضال والتقدم في العمر، فإن هناك عوامل قابلة للمعالجة سريعا وبسهولة من خلال تغيير نمط الحياة، كالتدخين بشتى اشكاله، وتناول المخدرات والكحوليات، والحمية الغذائية.وقد تتشارك عوامل عدة معا لتسهم مجتمعة في حدوث ضعف الخصوبة أو العقم الجنسي.أعراض... ومراحلووفقا لتقييمات وتشخيصات اختصاصيين في مجال الطب الجنسي والعلاقات الزوجية، فإن الرجل الذي يطرأ عليه الضعف الجنسي المبكر نسبيا تظهر عليه أعراض اكتئابية، إذ يتحول إلى شخص حزين ومضطرب، وينعكس ذلك على سلوكياته وعلى علاقاته الاجتماعية.وإذا لم يسارع المصاب إلى تلقي العلاج فإنه يمر بمراحل نفسية متعاقبة ومعروفة، ألا وهي: مرحلة الشك، ثم مرحلة الإنكار، ثم مرحلة الاستسلام والاعتراف بوجود المشكلة. وهذه المرحلة الأخيرة مهمة، إذ يمكن أن يستثمرها الرجل كي يسعى إلى طلب العلاج.سهولة العلاج...وإحجام شرق أوسطي!وقد أصبحت هنالك وسائل كثيرة حديثة لمعالجة معظم أشكال الضعف والعقم الجنسي، وهي الوسائل التي تشمل تعديل نمط الحياة والعلاج بعقاقير متخصصة تسبب توسع الشرايين وسلاسة تدفق الدم إلى ألأعضاء التناسلية تحديدا. وقد أثبتت دراسات علمية كفاءة وأمان تلك الوسائل والعقاقير في معالجة نسبة عالية من المرضى الذكور حول العالم.لكن الحاصل في دول منطقة الشرق الأوسط تحديدا هو أن هناك اعتبارات ومواريث ثقافية معقدة تجعل الغالبية العظمى من الذكور المصابين بالضعف أو العقم يحجمون عن السعي من تلقاء أنفسهم إلى طلب تشخيص حالاتهم والحصول على العلاج المناسب. فهناك احصائيات طبية تشير إلى أنه من بين كل 10 مرضى بالضعف أو العقم الجنسي على مستوى منطقة الشرق الأوسط تحديدا، هناك مريض واحد فقط يسعى إلى تلقى العلاج.

فحص الخصوبة الرجالية... منزلياً

من المتوقع أن تتاح قريباً أداة منزلية متطورة جديدة لفحص الخصوبة الذكورية، وهي الأداة التي سيتسنى لأي رجل من خلالها أن يقوم بنفسه بإحصاء حيواناته المنوية من دون الحاجة إلى الذهاب إلى مختبر طبي.تلك الأداة المرتقبة تخضع حاليا لمراجعة من جانب إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية (FDA) استعدادا للسماح بتسويقها تجاريا في الولايات المتحدة، ولاحقا في دول أخرى حول العالم.وقال الدكتور جون هاير، التابع لكلية الطب بجامعة «فرجينيا» الأميركية إن الأداة الجديدة التي أشرف بنفسه على تطويرها ستساعد الأزواج والرجال عموما في اكتشاف مستويات خصوبتهم في خصوصية تامة.ويعتمد عمل الأداة الاختبارية الجديدة على رصد المستضد (الانتيجين) الذي يوجد على سطح رأس خلية الحيوان المنوي، وهو المستضد الذي اكتشفه هاير وزملاؤه وأطلقوا عليه اسم «SP-10».وكتب الدكتور هاير في دورية «هيومان ريبرودكشن» المتخصصة إن الدراسة التي أجراها بالتعاون مع فريق من الباحثين على تلك الأداة قارنت النتائج مع طرق معيارية أخرى لإحصاء الحيوانات المنوية في المختبرات، مستعينين في ذلك بنحو 225 عينة سائل منوي، موضحا أن نتائج اختبارات الأداة الجديدة حققت دقة بلغت نسبتها حوالي 96 في المئة.للتواصل مع الملف:alrai.pulse@gmail.com