لا أحد ينكر أضرار السجائر على الصحة المدخن والمخالط له، ولكن لم يتطرق الكثيرون إلى خطر آخر يتمثل في أعقاب السجائر التي لا ينتهي بمجرد تخلص المدخن منها عبر انتهائه من تدخين سيجارته بل تنتقل تلك الأعقاب إلى مجارير المياه في طريقها إلى الخليج قبل أن تستقر في أمعاء الأسماك محدثة تلوثاً تؤكد دراسات أن الإنسان لا ينجو من آثاره المدمرة...وفيما تعد الكويت من بين أكثر دول العالم في استهلاك التبغ والسجائر حسب دراسة جامعة واشنطن ومعهد الدراسات الصحية والتقييم، وفي المركز الأول على مستوى الخليج بنسبة 32 في المئة، يتبقى السؤال أين تذهب أعقاب كل هذه السجائر في الكويت؟... هذا السؤال ينقلنا إلى ضرورة معرفة حجم واردات السجائر إلى الكويت، فوفقا للإدارة المركزية للإحصاء، بلغت واردات الكويت من التبغ بين يناير 2015 وحتى سبتمبر من العام نفسه 41.2 مليون دينار، بينما كان حجم الواردات في العامين 2013 و 2014 ما يقارب الـ 47.5 مليون دينار و48.9 مليون دينار على التوالي، ما يعني زيادة واردات الكويت من التبغ بنسبة 40 في المئة في غضون 4 أعوام، أي بين عامي 2011 و2014، وعليه فإن قيمة الواردات من التبغ في الكويت سترتفع إلى أكثر من 100 مليون دينار كويتي، أي أكثر من الضعف مقارنة بعامي 2014 و2015.ويعني ارتفاع حجم واردات التبغ في الكويت ارتفاع أعقاب السجائر التي ستُلقى في الشوارع والمجارير ومن ثم وصولها إلى البحر أيضاً، مما يدفعنا للتعرف على الآثار السلبية على البيئة والإنسان نتيجة ذلك، حيث أكد نائب رئيس مجلس إدارة الحملة الوطنية للتوعية بمرض السرطان (كان) الدكتور خالد الصالح أن «بقايا السجائر تشكل خطراً تتفاوت درجاته على سُمية المياه التي تصل إليها، سواء أكانت سجائر مفلترة أم مدخنة بجميع أنواعها»، مشدداً على أن الأسماك أقل حساسية للإصابة بالتسمم من أعقاب السجائر غير المُدخنة، على عكس المُدخنة التي تعد أكثر سمية.وقال الصالح «لدينا نوعان من الأسماك أسماك المياه الحلوة وأسماك المياه المالحة وكلا النوعين تتأثر وتُصاب بالضرر من تركيز السُمية الموجودة في أعقاب السجائر وفق ما أكدته الكثير من الدراسات والأبحاث، ولكن تختلف الاستجابة للأسماك ما بين المياه الحلوة والمالحة، فثبت أن الضرر التي تتعرض له الأسماك في المياه الحلوة أكثر بقليل من نظيراتها في المالحة»، مردفا أن «دراسات قارنت بين الأسماك التي تعيش في مياه البحر مع أعقاب السجائر، والأسماك التي تعيش في مياه خالية من الأعقاب، فوجدوا فرقاً بنسبة 0.05 في المئة بسبب وجود المواد الكيميائية التي تنفذ من الأعقاب إلى داخل الأسماك في المياه».وأردف أن «بعض المواد الموجودة في أعقاب السجائر كـ(البيستوسايد) تؤثر أيضاً على الطحالب الموجودة في البحر أكثر من تأثيرها على الأسماك نفسها، وهذا يقودنا إلى حقيقة أنه إذا تأثرت الطحالب فسيعود التأثير على الأسماك مما يعمل على حدوث خلل في دورة الحياة الطبيعية للكائنات البحرية».وبيّن الصالح أن لمادة «النيكوتين» و«اثيفينول» دوراً مهماً في السُمية التي تصل إلى البكتيريا الموجودة في مياه البحر، تلك البكتيريا التي تقوم في الأساس بخلق الطبيعة الحية، والتي يُعد وجودها ضرورياً جداً لنمو الكائنات الحية.وفي هذا الإطار، أكد رئيس فريق الغوص الكويتي، الناشط البيئي وليد الفاضل أنه أثناء عملياتنا التطوعية لتنظيف السواحل والبحر نجد ملايين الملايين من أعقاب السجائر، قائلاً «يُحرجنا سؤال الأطفال المتطوعين معنا عما إذا كان بإمكانهم التقاطها لرميها ونفضل ألا يفعلوا ذلك، لصغر حجمها وصعوبة انتشالها بشكل كامل»، مردفا «هذه الأعقاب تسبب تلوثاً بصرياً لرواد الشواطئ، وتلوثاً بيئياً كذلك، أما أضرارها البيئية فالمختصون أعرف».
محليات
آثارها الضارة تتراكم في الطحالب والأسماك التي تتغذى عليها
أعقاب السجائر... سموم تنتقل من مياه المجارير إلى بطون البشر
07:15 ص