سنديانةٌ بـ «عمرٍ خارق»، صارتْ «بصْمةً» لزمنٍ «طاعنٍ» في الصمت... صمدتْ بوجه «طعناتِ» القرون، وحوّلت «تجاعيدها» مهداً لتاريخٍ يرقدُ حيث كان «يركض» قبل مئات الأعوام.... الزمنُ تحوّل وهي لم تتبدّل. وها هي تنتصبُ في بلدة بطمة الشوفية شاهِدةً على ماضٍ سحيقٍ «استحّقتْ» ان تصير «حارسةَ» ذاكرته والأحلام المعلَّقة... على شجرة.... هي السنديانة «الجبّارة» التي تستقرّ على ارتفاع نحو ألف متر في بلدةٍ تحتضن آثاراً من العهد البيزنطي، وتفاخر بشجرةٍ عالقةٍ بين منْزلتيْن: الأسطورة و...«القدسية».هي «سنديانة فِرْنَيّا» التي تَحفظ لوحدها «سرّ» تَحوُّلها منذ قديم الزمان «شجرةَ الأحلامِ» المُسْتلقيةِ على أغصانٍ التفّتْ حَوْلَها «خِرقٌ» (قطع قماش) مَنَحَتْها لَقَبَها «أمّ شراطيط»، وتروي حكايا مُتَأمّلين ومُتَألّمين تَطَلّعوا إليها لتقبل نذوراتٍ لشفاءِ مريضٍ او تهدئةِ بالٍ أو... فضِّ خصومات.... هي السنديانةُ «المبارَكة» لكثيرين حوّلوا أوراقها «دفتر مذكّراتٍ» مفتوحٍ ليومياتِ أهلٍ أو أبناء أو عاشقين كانوا يقصدونها مع كل سفرِ أبٍ أو ابنٍ أو أخٍ أو حبيبٍ ليربطوا قطعةً من قميصِ الغائب على «أذرعها» وكأنهم يردّدون رائعة فريد الأطرش «لَكتب ع اوراق الشجر سافَر حبيب وهَجَر، يا حبيبي دخْلك عود، بيكفّي غياب وسَفَر».... هي الشجرة التي تستقرّ اليوم حيث كانت قبل نحو ألف عام، محاطةً ببعض السنديان والصنوبر، ومزنَّرةً بـ «هالةٍ» اكتسبتْها من «قدسيةٍ» أٌلصقتْ بها ومَنَحَتْها شُهْرَتَها (في الشوف) و«شهادةَ» فَرادةٍ وهيْبةٍ راكمتْها عبر التاريخ كـ «سنديانةٍ عجائبية» تحقّق... «المعجزات».في الطريق إلى بطمة التي تبعد نحو 50 كيلومتراً عن بيروت، محطاتٌ عدّة في رحاب الشوف المترامي، والذي يُعتبر قضاء «ما بين النهريْن»، اذ يشكّل مجرى نهر الدامور حدودَه الشمالية ومجرى نهر الأوّلي حدودَه الجنوبية.من الدامور، مروراً بدير القمر وبعقلين وبيت الدين والمختارة، تتراءى الطبيعة الخلّابة من خلف خيوط الشمس المنبسطة على «فراشٍ» أخضرَ، بلونِ أشجارِ السنديان والشربين والزيتون والحور وغيرها، وأحمرَ بلونِ القرميد الذي يكلّل بيوتاتٍ «مسكونةٍ» بحكايا الأمراء والحكّام والتي ما زالت محفورةً في قصورٍ ومعابد كأنها «قفزتْ للتوّ» من صفحاتِ التاريخ.العيْن على بطمة، والمسارُ إليها في قلب الشوف يَسْتَحْضِرُ الزمنَ الغابر الماثل في بقعةٍ «تحْرسها» قمم جبل الباروك (على ارتفاع نحو ألفي متر عند الحدود الشرقية) و«تسْحر» الزائرَ برهبةِ التاريخِ الهاربِ من الكتب والذي تختزله آثارٌ موغلةُ في القِدم تعود الى حقباتٍ عدة مثل الفينيقية والرومانية والبيزنطية والإسلامية والعثمانية وغيرها.ابتداءً من دير القمر التي تُعتبر «درّة» الجبل و«دار» الشمس والقمر، ترتسم الجغرافيا السياسية لـ «الجبل» الذي شكّل «مهْد» لبنان الحديث، بتاريخِه الذي واكبتْ سنديانةُ «أمّ شراطيط» أبرزَ فصولِه... من نشأة الإمارة اللبنانية في القرن السادس عشر مع المعنيين، ثم زمن الشهابيين، فنظام القائمقاميتيْن الذي وُلد من رحم أحداث 1840 الطائفية (الدرزية - المسيحية)، ثم عهد المتصرفية الذي أطلّ برأسه على وهج كرة الدم التي تدحْرجت من فتنة 1860 والذي شهِد للمرة الأولى الاستخدام الرسمي لـ «جبل لبنان»... مروراً بمرحلة ما بعد هزيمة السلْطنة العثمانية، وصولاً الى إعلان دولة لبنان الكبير (1920)، ثم استقلال 1943.كلّها فصولٌ «تسْري في عروق» التاريخ وتقفُ «سنديانة فِرْنَيّا» حيالَها وكأنها «ناطورة مفاتيح» الزمن الذي حمَل الى «الجبل» أيضاً «رياحاً دموية» هبّت إبان الحرب الاهلية، وتركتْ ندوباً طائفيةً لم تنْدمل مع «مصالحة الطائف» ولا بإصلاحاتها السياسية، بل مع الصلح التاريخي الذي تَكرّس في اغسطس 2001 بزيارة البطريرك الماروني حينها الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير لمعقل الزعامة الجنبلاطية (الدرزية) في المختارة... صلحٌ، جعل الجبل مجدداً «رأس حربةٍ» في تعبيد الطريق أمام «الاستقلال الثاني» بعدما شكّلتْ هذه المحطة الـ «ما فوق عادية» حجر الزاوية في الجسر العابِر للطوائف الذي رعا صفير بالدرجة الأولى نسْجَه على طريقة «حفر الجبل بإبرةٍ» بمواجهةِ الوصاية السورية، والذي وفّر في 14 مارس 2005 الحاضنةَ لانفجارِ «ثورة الأرز» بوجه سورية بعد شهرٍ على اغتيال الرئيس رفيق الحريري.ومَن يزُر «الجبل» في 2017، يلمس أنه ما زال يعيش في كنَفِ التعايش الذي «رَسمتْ» ركائزه مصالحة الـ 2001 التي «لا رجعةَ عنها» والتي «صمدتْ» رغم كلّ تَقلُّبات الواقع اللبناني وخصوصاً في الأعوام الـ 11 الأخيرة.... هو التعايش الذي لم يَهتزّ أصلاً في بطمة «جارة المختارة»، التي تحتضن «شجرة الأسرار» المعمرّة، والتي لا يَخْفى على أحدٍ «سرُّ» التآخي بين أبنائها والاحتفالات المشتركة التي تَشْهَدُها وخصوصاً في «عيد الفصح» لدى الطوائف المسيحية، اذ تتحوّل «فسحة» فرحٍ يَستكمل «جولاته» أوائل الصيف «تحت السنديانةِ» الجامِعة التي لعبت على مرّ القرون دور «بيتَ صلحٍ» انتهتْ فيه نزاعاتٌ سياسيةٌ وعائليةٌ حسّاسة.ما ان يصل المرءُ الى بطمة حتى يَلْفحه نسيمٌ عليلٌ يَلتفّ على الشمس التي «تَفْرِد» أشعّتها على مساحات خضراء (من أشجار وحقول زراعية) يَعتبرها سكان البلدة «ثروةً» يفاخرون بها، تماماً كما «الكنز» الذي تشكّله الآثار الرومانية والبيزنطية التي ما زالتْ محفوظة في منطقة «فرنيا»، والفوانيس المحفورة في الصخور، والمغاور الطبيعية والينابيع والعيون والبيوت الأثرية... وطبعاً «السنديانة الأمّ» التي صارتْ «ملتقى» لعائلاتٍ تجتمع في فيئها، ولأشخاصٍ يَقصدونها مع نذورات لشفاءٍ او عودةِ غائبٍ، وغيرها من الآمال التي «تُعهد» الى الشجرة التي صارتْ «علبة أمنيات».عند مدخل بطمة حيث توجد كنيسة، ولدى السؤال عن «أمّ شراطيط»، يردّ السكانُ... بـ سؤالٍ. مَن أَخْبَرَكُم عنها ولماذا تَقْصِدونها؟ وحين نجيب: إنها «مهنة المتاعب» تأخذنا في رحلةِ تَقَصٍّ عن السنديانة التي لم تتعب من «حِمْل الأحلام» الكبيرة والصغيرة، يَرسم لنا أحد الشبان خريطةَ الوصولِ إليها قبل بلوغ معاصر الشوف، مع «تنبيهٍ» إلى أن الطريق في اتجاهها لا يَصْلح في قسمٍ منه لسياراتٍ عادية و«تَحسَّبوا لإمكان إكمال الرحلة نحوها سيراً على الأقدام».... ننطلق نحو «الهدف». وعبر الطريق الضيّقة المزنّرة بالأشجار، ومن خلف ستارٍ من السكونِ الذي «تغفو» على إيقاعه غيمةٌ هنا وزُرقةٌ هناك، تلوح ملامحُ النهضة الإنمائية في البلدةِ التي التحقتْ بالحداثة في بعض الجوانب، والتي لم تتخلّ عن المهن والحِرَف التي تطلّ على الماضي... وكأنّها «المُساكَنةُ» الساحِرة بين الأمس واليوم.ومع بلوغِ مدخل الطريق الذي يؤدي الى «أمّ شراطيط»، تطلّ مساحةٌ افترشَها إسفلتٌ ما زال يلمع... أمتارٌ غير طويلةٍ على «السجاد الأَسْود»، وبعدها مسلكٌ ترابي بالكاد يتّسع لسيارةٍ و«مفخَّخ» بأحجار فَرَضتْ علينا «إيقاعاً سلحفاتياً»، بعدما دَخَلْنا في مسارٍ «لا رجعة الى الوراء فيه»... الى ان وصلنا الى فسحةٍ مفتوحةٍ على بوابةٍ صغيرة مقفلة. وتفادياً لأيّ «مفاجآت غير سارّة» يمكن ان تجعل الخروج «كما دخلْنا» (أي بالسيارة) مستحيلاً، ركنّا السيارةَ فيها وأكملنا الطريق سيراً على الأقدام لأكثر من عشر دقائق في أحضان طبيعةٍ آسرةٍ على أنغامِ العصافير وتغريد الطيور التي بدتْ «محميةً» رغم «آثارِ» بعض الخرطوش الفارغ هنا وهناك.... الى أن كان «اللقاء» مع السنديانة الباسقة التي تنتصب عند أسفلِ منحدرٍ جبلي، تتطلّع الى السماء وتبسط فيئها على مساحةٍ واسعة... ومع كل خطوةٍ في اتجاهها، تتكشّف خبايا شجرةٍ كأنها «الحَكَواتي» الذي حَفَظ حكاياه في قطعِ قماشٍ تتدلّى من الأغصان الوافرة كـ «دليلٍ» على نذوراتٍ، بعضها كأنه «بالأبيض والأسود» وبعضها الآخر كأنه جزءٌ من «قوس أمنياتٍ» حديثةٍ أوْدعها أصحابُها شجرةً، كأنها «التاريخ إن حكى» و«خزْنة أسرارٍ» شيفرتها... منها وفيها.أمام السنديانة التي تقف مرفوعة الرأس، لا يُسمع «حسٌّ» للعصافير. وحدها «زقزقة الأحلام» تملأ السكون المدّوي في مكانٍ كان في الأزمنة الغابرة طريقاً تسلكه قوافل التجار اللبنانيين والفلسطينيين الى سورية وتركيا.هنا يتردّد صدى أمنياتِ مسافرين عاهدوا «سنرجع يوماً»، وصدى أغنياتٍ أين منها «بُكرا لما بيرجعوا الخيّالة»... الخيالة الذين روى عنهم «شيخ الأدب الشعبي» سلام الراسي في كتابه «الناس بالناس» في معرض سرده حكاية «أم شراطيط»: «قبل قيام دولة اسرائيل، كان المسافر على ظهرِ فرَسه من مرجعيون الى فلسطين، يمرّ قرب الحدود بشجرةٍ باسقة الأغصان اسمها (شجرة أم شراطيط) لكثرة الشراطيط والخِرق المنشورة على أغصانها. تلك الشجرة كان لها مقدرة على الشفاء وتوفير سلامة الأطفال، فإذا علّقنا على أغصانها قميص أحد المرضى او قماط أحد الأطفال توافرتْ لها أسباب الشفاء والسلامة».ويضيف «حارس الأدب الشعبي» (رحل قبل نحو 14 عاماً): «يَحدث ان يلتقي في ظلّ» أم شراطيط «جماعاتٌ من مختلف الطوائف والأديان (...) وحدَثَ في بداية العشرينات وفي غمرةٍ من الأحداث الطائفية المستشرية في تلك الأنحاء، ان التقتْ تحت أمّ «شراطيط» جماعتان من طائفتيْن بينهما ثارات ودماء لم تبرُد بعد، وتكهْرب الجو بطبيعة الحال، لكن قيدوم إحدى الجماعتين استدرك وقال:«يا ولاد العم، نحنا وانتو بحضن (أم شراطيط)، الجيرة لمَن جار والصلح مش عيار». وبحسب سلام: يروي أحد الذين حضروا المناسبة ان كل واحد من رجال الجماعتيْن فتح «جراب زوادته» وفرش زاده على الأرض أمام الفريق الآخر، فأكلوا معاً، بحيث صار بين الجماعتيْن خبز وملح لان المثَل يقول: لا مصالحة بلا ممالحة.ورغم ما كُتب عن هذه السنديانة التي تكتسب رمزيةً تضفي عليها هالة استثنائية، إلا ان بداية الحكاية مع سُمْعتها العجائبية تبقى سراً لا يعرفه غيرها، رغم ما تناقلتْه الذاكرة الشعبية من رواياتٍ متعدّدة حول ما أكسب الشجرة سُمْعتها الأسطورية.وعلى مرّ القرون صمدتْ الشجرة بوجه العصور والأعاصير، ونجتْ من الغريق والحريق... حريقٌ دهمها قبل نحو مئتي عام والتهم أكثر من نصفها ولكنه لم يقتلها... وها هي تشمخ بنصفها الباقي، المتكئ على قشرةٍ تسْندها بأعمدتها الضخمة، والمتّكلِ على ورشةِ تأهيلٍ وصيانةٍ مستمرّة بإشراف البلدية تمحورتْ حول حماية جذعها الرئيسي وإقامة حائط مستدير من الأحجار الطبيعية لحماية الجذور الأساسية، بالتوازي مع جدارٍ آخر لصون الجذور الممَدَّدة فوق سطح التربة، الى جانب تدخُّل وزارة الزراعة (بناء لطلب البلدية) لتوفير كل مقومات الديمومة «للسنديانة لتبقى» أمينةً على تراثِ بطمة و...حارستها.هذا ما أكده لـ«الراي» رئيس بلدية بطمة الزميل خالد زين الدين، موضحاً ان سنديانة «أمّ شراطيط» عمرها نحو ألف عام، لافتاً ان فيها سِراً معيناً «لا أحد يملك حقيقته الكاملة»، ومشيراً الى ان هذه الشجرة ارتبطت بنذوراتٍ (والنذورات موجودة عند كل الطوائف)، ويقال انه في قديم الزمان كان الناس يشاهدون أسياداً يجلسون تحتها ولهم طابع ديني، وكان عندما يمرض شخصٌ يتمّ أخْذ قطعةٍ من ثيابه وتعليقِها على أغصانِ السنديانة على أمل الشفاء. ويضيف:«أحياناً كان يأتي ناس من قرى مجاورة ويضيئون الشموع حولها، وصودف في أحد الأيام أن أضاء أشخاصٌ شموعاً داخل فجوةٍ برزتْ في السنديانة وكانت عبارة عن قشورٍ يابسة، فتَسبّبتْ الشموع بالحريق الشهير الذي أتى على نصفها. ومَن يقصدها اليوم يجد انها تتكئ على قشرةٍ مجعّدة وكأنها كتفٌ يسْند كل هذه السنديانة الضخمة».وأضاف:«ثمة معنى سياسي موازٍ للسنديانة، إذ إنه في الماضي كانت هناك إقطاعيات... إقطاعية آل جنبلاط، وآل العماد وآل النكد وابو علوان وغيرها. وفي فترة معينة عُقدت اجتماعات عدة تحت السنديانة كمكانٍ وسطي للقاء ولا سيما بين آل جنبلاط وآل العماد وكان لها طابع سياسي».ويشير زين الدين إلى روايةٍ «لا يملك وثائق حولها» عن ان اختيار أحد مشايخ عقل طائفة الموحدين الدروز حصل تحت السنديانة، ويقال إنه في إحدى المرات اجتمع الأعيان لانتخاب شيخ عقل، فارتأى بعض المشايخ تسمية فلان. وفي النهاية استقرّ الرأي على المجيء بشيخٍ من حلب ليتولى المنصب. فاعترض البعض وقال: «تيجي أعرج جباع» في إشارةٍ الى شيخٍ كانت له قيمته وهو من بلدة جباع الشوفية (قرب نيحا) وكان أعرج، ولم يمرّ وقتٌ طويل حتى وصل هذا الشيخ على ظهر الدابة، فأبلغوه عن قرارِ الإتيان بشيخٍ من حلب ليكون شيخ العقل هنا. فقال لهم: لماذا لا تكون انتَ فلان (شيخ العقل)، وماذا ينقصك يا فلان؟ وهكذا اتّفقوا على شيخ عقل (لستُ متأكداً من اسمه)».وأوضح ان السنديانة صارتْ لها رمزية، فالى جانب الزوار الذين يقصدونها مع نذوراتٍ، «فقد ورثنا عن أجدادنا ان فيها سراً، وأخبَرني مثلاً شخص كبير في السنّ انه رأى مرّةً طيفاً أبيض يجلس تحت السنديانة، وعندما اقترب منها، اختفى». متابعاً بالقول: «في القرن الماضي، جاء رئيس مخفر المختارة مع آخرين لقطع حطبٍ من السنديانة، وحاول البعض نهيهم عن ذلك لأن الشجرة لها هالة معينة، إلا ان رئيس المخفر أصرّ، وعندما وصل اليها كُسرت رجله ولم يكمل المهمة». لافتاً إلى ان الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط قصد السنديانة أكثر من مرّة.في حين أكد زين الدين أنّ كل أهل البلدة، مسلمين ومسيحيين يشاركون في هذه النشاطات التي تقام منذ نحو 5 أو 6 أعوام ويتخلّلها سهرة قروية أو سهرة نار في محيط السنديانة التي يمكن بلوغها سيراً على الأقدام أو حتى بالسيارة، كاشفاً عن أن نشاط هذه السنة المرجّح إقامته أوائل يوليو ينتظر ان تحدّد داليا جنبلاط (كريمة النائب جنبلاط) موعداً يمكنها فيه أن تتقدّم مسيرة الشباب والصبايا في اتجاه السنديانة.بدوره روى رامز البيطار، ابن الـ 88 عاماً أنه لـ «أمّ شراطيط» رمزية وفيها سرّ لا نعرفه، «ويقال إنه في قديم الزمان جلس مشايخ من الموحّدين الدروز حول نبع مياه قريب منها أصابه الجفاف، وبعد دعاء أحد المشايخ تدفّقت المياه».وقال البيطار في تصريح خاص لـ«الراي»: وليد بيك (جنبلاط) يزور السنديانة من وقتٍ لآخر، وهو ساهم في تعبيد قسم من الطريق إليها، ووالده الراحل المعلّم كمال جنبلاط كان يعرفها وقد سألني في إحدى المرّات خلال وجودي في المختارة: «هل تزور السنديانة؟».وأشار الى النذورات التي ترتبط بهذه الشجرة، موضحاً بالقول: «ان إحدى سيدات بطمة مرضتْ قبل فترة، ونذرتْ إنها إذا شفيت ستحمل جرّة مياه سيراً على الأقدام حتى السنديانة، وهذا ما يحتاج الى ساعة من الوقت، وقد فعلتْ ذلك». لافتاً في ختام حديثه إلى أن بعض الغرباء يضعون في بعض الأحيان مالاً تحت الشجرة.