ملف أسبوعي من إعداد: عبدالعليم الحجارإذا كنت ممن يعانون من مرض شائع - كالسكري أو ارتفاع ضغط الدم أو غيرهما - فربما تظن أنه ليس هناك مرضى آخرون يعانون أكثر منك.لكن الحقيقة هي أنه مهما كانت طبيعة وحدة مرضك الشائع، فإنك على الأرجح الأفضل حالا بكثير من المصابين بأمراض مستعصية وعجيبة تندرج ضمن فئة «الأمراض الأشد ندرة».ووفقا لإحصاءات طبية، فإن معظم الأمراض النادرة هي جينية (أي وراثية) المنشأ، أي انها ناتجة عن خلل في الكروموسومات الناقلة للصفات الوراثية من جيل إلى الأجيال التي تعقبه. لكن هناك أيضا بعض الأمراض النادرة التي تنشأ عن عوامل أخرى غير وراثية، مثل العدوى أو الحساسية أو عوامل بيئية مكتسبة.في التقرير التالي نسلط الضوء على مختارات من أغرب الأمراض الأشد ندرة على الإطلاق...

الرأس المُتفجِّر

متلازمة «الرأس المتفجر» تجعل المصاب بها يعاني من نوبات متكررة تجعله ينتفض من نومه أو حتى أثناء يقظته بسبب شعوره بأن رأسه قد «انفجر» فعليا وتطايرت منه شظايا في كل اتجاه!ويعتقد أن هذه المتلازمة ترتبط بمرض عصبي غريب يبدو أنه ينجم عن هلاوس سمعية غير محددة المسببات بشكل حاسم حتى الآن، لكنه ربما ينشأ عن اضطرابات النوم التي تسببها الضوضاء الوهمية. فالمريض يشكو من أنه يشعر بأصوات انفجارية مفاجئة في داخل رأسه، وخاصة عند محاولته النوم أو عند الاستيقاظ، أو عند مشاهدة ضوء ساطع مفاجئ.وحتى العام 2014 لم يكن هناك تفسير أو علاج لهذا المرض، لكن بعد العديد من التجارب السريرية بات العلماء يعتقدون أن هذه الهلوسة الانفجارية هي احد مضاعفات اختلالات نمط النوم، وهناك محاولات لعلاجه باستخدام عقاقير تم تطويرها لهذا الغرض.

المستذئبون

«المستذئبون» هو اللقب الذي أطلقه الإعلام على المصابين بمتلازمة أمبراس التي تصيب شخصا واحدا بين كل مليار شخص ولم تسجل منه سوى 50 حالة على مستوى العالم على مدار القرون الثلاثة الماضية.ومتلازمة أمبراس هي اضطراب جيني وراثي نادر يتسبب في فرط نشاط بصيلات الشعر على جسم الإنسان في مناطق لا ينمو فيها الشعر عادة، كالجبهة والأنف والأذنين والبطن والظهر والأطراف. وينتج عنه ذلك نمو غير طبيعي للشعر في تلك المناطق على نحو يبدو مخيفا أو مستجنا في كثير من الحالات.وقد اكتسب المصابون بتلك المتلازمة لقب «المستذئبين» لأن نمو شعر كثيف على كامل وجوههم يجعلهم يبدون كالذئاب. وخلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، دأب أصحاب رق السيرك على استخدام مصابي متلازمة أمبراس كمسوخ لتسلية المتفرجين بهم باعتبارهم مخلوقات عجيبة.وبشكل عام، لا تتسبب متلازمة أمبراس لا تتسبب أي آلام أو أعراض خارجية أو داخلية مرافقة، إذ ينمو المصاب بها بشكل طبيعي من دون أي خلل في وظائفه الجسدية الأخرى. لكن هناك بعض الحالات الفردية عانت من تشوهات، بما في ذلك بروز الفك والأسنان، وظهور أسنان زائدة، وبعض التشوهات العضلية، وتشوهات في شرايين وأوردة القلب، وتضخم الثديين لدى الذكور.

سنفور بشري!

عندما كان أطفال جيرانه يرونه في الشارع، كانوا يهرعون إليه ويحتضونه قائلين بفرحة: «بابا سنفور! بابا سنفور!». كان يتلقاهم بابتسامة وببشاشة، لكنه لم يكن ودودا بالقدر نفسه مع الكبار الذين كانوا يجرأون على مناداته بذلك اللقب، كما لم يكن يشعر بالراحة إزاء نظرات التعجب والدهشة التي كانت تلاحقه أينما ذهب.إنه الأميركي بول كاراسون، الذي اشتهر إعلاميا بلقب «الرجل الأزرق»، والذي لم يصدق كثيرون أن له وجودا إلا بعد أن ظهر على شاشات التلفزة الأميركية في العام 2008. وحتى بعد ظهوره على التلفاز، ظن كثيرون أن الأمر ليس سوى خدعة، إذ انهم لم يعتادوا على رؤية أشخاص ذوي بشرة ضاربة إلى اللون الأزرق أو الأرجواني إلا في أفلام الخيال العلمي وفي مسلسل الكرتون الشهير الذي يحمل اسم «السنافر».لكن حالة كاراسون لم تكن خدعة بل كانت حقيقية، وهي ليست بفريدة من نوعها، فهي مشخصة ومعروفة منذ عقود، وتعرف طبيا باسم «أرغيريا» أو «التفضض»، وهي حالة غير وراثية بل مكتسبة من خلال مسببات بيئية، أي أن المريض لا يولد ببشرة زرقاء لكن جلده يكتسب اللون نتيجة استخدامه لعقاقير تحتوي على الفضة.القصة كلها بدأت في أوائل التسعينات من القرن المنصرم، عندما ظهر طفح جلدي مزمن على وجه كاراسون ورقبته، فحاول معالجته بواسطة محلول الفضة الغروية الذي صنعه بنفسه في المنزل عن طريق التحليل الكهربائي، واستمر باستخدام هذا المحلول لأكثر من 10 أعوام، ما أدى إلى ترسب جزيئات الفضة في أنسجة جلده، ثم تأكسدت لتكتسب اللون الضارب إلى الأزرق بسبب تعرضها لأشعة الشمس، وهو الأمر الذي أسبغ على بشرة كاراسون لونا أزرق مميزا.وقد توفي بول كاراسون في العام 2013، لكن لم يكن لوفاته أي علاقة بحالة بشرته الزرقاء، فقد مات بالسكتة القلبية.

الرجل الشجرة

في العام 2007، عقدت الدهشة ألسنة ملايين الناس حول العالم لدى مشاهدتهم لصور الإندونيسي ديدي كوسوارا الذي اشتهر إعلاميا بلقب «الرجل الشجرة». فهذا الرجل كان قد تحول فعليا إلى «شجرة»، حيث نبتت على جسده - خصوصا على يديه وقدميه - زوائد جلدية أشبه بلحاء الأشجار. وشاع آنذاك معتقد مفاده أن كوسوارا ارتكب إثما عظيما فمسخه الله إلى شجرة !لكن الحقيقة الطبية تشير إلى شيء آخر. فحالة كوسوارا ليست لها علاقة بالأشجار، الرجل ببساطة مصاب بمرض جلدي شديد النُدرة يدعى «خلل تنسُّج البشرة الثؤلولي» فهذه الطبقة السميكة الشبيهة باللحاء فوق جلده هي في الواقع ليست سوى ثآليل، كتلك التي تنمو على أجساد معظم الناس، لكن مشكلة كوسوارا هي أن جهازه المناعي مصاب باختلال نادر يجعله عاجزا عن كبح جماح تلك الثآليل المزعجة، فتنمو خارج نطاق السيطرة وصولا إلى أحجام وتشعبات تشبه الشجرة.وعلى الرغم من أن تلك الثآليل لا تؤلم، فإن تأثيرها على حياة كوسوارا كان مدمرا بعد أن ظهرت أول مرة بسبب جرح غائر أصاب ساقه في الغابة عندما كان في ريعان شبابه وأدى إلى إصابة جهازه المناعي بفيروس نادر جدا يعرف باسم (HPV).وبسبب ذلك المرض الأشد ندرة على مستوى العالم، خسر كوسوارا وظيفته وهجرته زوجته وبقي وحيدا مع ابنه وابنته المراهقين. ولأن أحدا لم يقبل بتوظيفه، فقد اضطر إلى العمل كمسخ في إحدى فرق السيرك كي يكسب رزقه.

شيخوخة الأطفال

تُعرف علميا باسم «متلازمة بروجيريا» أي «الشيخوخة قبل الأوان»، وليس في العالم سوى بضع وخمسين حالة موثقة ما زال أصحابها على قيد الحياة.عندما يولد المصابون بهذا المرض فإنهم يبدون طبيعيين، حيث لا تظهر عليهم أعراض المرض إلا بعد مرور بضعة أشهر أو ربما أكثر من سنة. وتتجلى أول الأعراض من خلال ملاحظة بطء في النمو وذبول في الجلد، ثم تتطور الأعراض باضطراد، فيتساقط الشعر وتتصلب المفاصل، وتصبح ملامح الوجه مميزة بذقن صغير مدبب وأنف مقروص.وكلما تقدم العمر بالطفل المصاب بمتلازمة الشيخوخة المبكرة، يصبح أكثر شبها بالمسنين، ويزداد تجعد جلده، ويضعف بصره، ويصلع رأسه، ويصاب بأمراض وآفات لا تصيب في العادة سوى كبار السن، كالفشل الكلوي، وتصلب الشرايين. وغالبا ما يموت الطفل بالسكتة القلبية في سن مبكرة، حيث لا يتعدى معدل أعمار الأطفال المصابين بالبروجيريا 13 عاما، وفي أحسن الحالات قد يمتد بهم العمر حتى منتصف العشرينات.ومن المؤسف أنه لم يتم التوصل حتى الآن إلى علاج ناجع لهذا المرض، أو على الأقل يكبح جماح سرعة تدهور أعراضه.

حساسية ضد الماء!

قد يكون من الصعب تصديق أن هناك أشخاصا مصابين بحساسية ضد الماء، لكن هؤلاء الأشخاص موجودون فعليا وإن كان إجمالي عددهم يبلغ نحو 40 شخصا على مستوى العالم. إنها حالة فريدة تعرف طبيا باسم «اكواجينيك اورتيكاريا».ويعاني المصاب بتلك الحساسية أشد المعاناة في حياته، إذ ان ملامسة جلده لأي نوع من المياه قد تسبب له أعراضا مؤذية، إلى درجة أن عرقه يؤلمه بشدة، كما أن دموعه تؤلم جلد وجنتيه!وتسبب هذه المتلازمة الغريبة استثارة جلدية تحسسية لدى ملامسة الماء، وتظهر تلك الاستثارة على شكل بقع حمراء مصحوبة بحكة وألم، وقد تدوم ساعات أو أياما عدة، وتعتبر مزمنة إذا استمرت نوبة الحساسية لأكثر من ستة أسابيع متتالية. والأدهى من ذلك هو أن أعراض المرض لا تقتصر على الجلد الخارجي فقط. فأحيانا قد يتسبب شرب الماء في انعكاسات مؤلمة بسبب تورم الحلق وضيق التنفس لفترة تتراوح ما بين عشر دقائق وساعتين.أما الجانب الأسوأ لهذه المتلازمة فهو ما يتعلق بالنظافة الشخصية، إذ انه يصعب على المريض أن يستحم بشكل عادي لأن الاستحمام يكون بمثابة كابوس مؤلم ورهيب للمصابين. ولهذا يضطر المصاب بهذه المتلازمة إلى تنظيف جسمه مستخدما قطعة من الاسفنج أو القطن مبللة إما بقليل من الماء أو الكحول المطهر، وذلك في عملية طويلة ومؤلمة قد تجعل المريض يتفاداها لفترات طويلة، فتكون نتيجة ذلك أن يصاب باكتئاب حاد وانعزاله اجتماعيا.

«آليس في بلاد العجائب»

استعارت متلازمة «آليس في بلاد العجائب» اسمها هذا من الرواية الشهيرة التي تحمل العنوان ذاته، وهي الرواية التي تم تحويلها إلى أفلام ومسلسلات كرتون. وقد سميت المتلازمة بهذا الاسم استنادا إلى وجود بعض تلك الأعراض كما في رواية «آليس في بلاد العجائب»، وهي الرواية التي ترى فيها البطلة تغيرات عجيبة في أشكال وأحجام ومساحات الأشخاص والأشياء.وطبيا، فإن هذه المتلازمة هي نوع نادر من الاضطرابات العصبية التي تثير مجموعة من الاضطرابات في رؤية الأشياء والإحساس بالفراغ والزمن. وتصيب هذه الأعراض القسم المسؤول عن الاوامر البصرية في الدماغ.تتسبب هذه المتلازمة في تشويه المرئيات على الرغم من كون الجهاز البصري لدى المريض سليما. وتؤدي تلك الاضطرابات إلى تعطيل الرسائل التي ترسلها العينان إلى الدماغ فتظهر الأبعاد مشوهة ومختلفة عن حقيقتها، ما يؤدي إلى حدوث تشوه في الإدراك البصري والزمني. وإلى جانب ذلك، قد تؤدي هذه المتلازمة أيضا إلى إحداث تشويهات غريبة في حاستي اللمس والسمع لدى المصاب.وقد وصف أحد المصابين بهذه المتلازمة ما يعتريه خلال النوبة على النحو التالي: «فجأة تبدو الأشياء صغيرة وبعيدة أو كبيرة وقريبة. وأحس كأنني أصبحت أقصر قامة، وأن حجمي قد تقلص، وأرى الأشخاص الآخرين وكأنهم أصبحوا أقزاما لا يتجاوز طول أحدهم طول اصبع السبابة. أحيانا أرى ستارة على الشباك المفتوح، أو أرى التلفزيون قد انقلب رأسا على عقب، أو أرى يديّ وقدميّ وكأنها تتأرجح. وقد تصبح أصوات الناس الذين معي في الغرفة قريبة وعالية جدا أو خافتة وبعيدة جدا».ومن بين أبرز أعراض تلك المتلازمة ما يلي:* تشوهات الأحجام: يرى المصاب الأشخاص والأشياء إما في غاية الصغر أو في غاية الضخامة. كما قد تكون تلك التشوهات في شكل عدم تناسق بين أجزاء الأشخاص والأشياء.* تشوهات المسافات: يرى المصاب الأشياء كأنها قريبة جداً أو بعيدة جدا عما هي عليه في الواقع.* اضطرابات في الشعور بالزمن: يشعر المريض بأن الوقت يتحرك إما بصورة بطيئة جدا أو سريعة جدا.

طاعون الرقص

«طاعون الرقص» كان ظاهرة مرضية شديدة الغرابة ظهرت وانتشرت في أوروبا خلال الفترة بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر، وتمثلت في اصابة مجموعات من الأشخاص بهيستيريا جماعية غير مفهومة عرفت باسم «جنون الرقص». ولم تقتصر تلك الظاهرة على الرجال، بل كانت تشمل أيضا النساء والأطفال الذين كانوا يرقصون إلى حد الانهيار من شدة الإرهاق.ولم يكن «طاعون الرقص» مجرد ظاهرة اجتماعية، فقد أثرت على الآلاف من الناس في قارة أوروبا عبر قرون عدة. لكن على الرغم من ذلك، فهذه الظاهرة غير مفهومة. عموماً، رافق الراقصين موسيقيون للمساعدة في درء الهوس، لكن هذا التكتيك أتى بنتائج عكسية، إذ تشجع المزيد من الأشخاص للانضمام للراقصين. لا يوجد توافق في آراء الباحثين في العصر الحديث الذين حاولوا دراسة تلك الظاهرة.وساد آنذاك اعتقاد مفاده أن هذه الظاهرة كانت مرضا نفسيا جماعيا، حيث ظهرت على الناس أعراض جسدية متشابهة، لكن حتى الآن لم يعرف السبب الفسيولوجي الذي أثر على حشود كبيرة من الناس بشكل متزامن وبتلك الصورة.

النوم القهري

هذه المتلازمة هي في الواقع عبارة عن مجموعة من اضطرابات النوم المتنوعة التي تنشأ نتيجة لاختلالات تصيب الجهاز العصبي. وترافق تلك المتلازمة المريض طوال حياته، وإذا لم يتم تشخيصها ومعالجتها مبكرا فإنها قد تؤثر على المريض تأثيراً بالغاً.من أبرز أعراض هذه المتلازمة أن تنتاب المصاب بها نوبات شديدة من النعاس لا يستطيع مقاومتها، وقد تمتد تلك النوبات لأيام متتالية.ويعتبر النوم القهري أحد اضطرابات النوم المزمنة. ويتسم هذا الاضطراب بالنوم المفرط لساعات طويلة خلال النهار حتى إذا نام المريض به ساعات كافية خلال الليل ويشعر الشخص باضطراب النوم القهري بالرغبة في النعاس حتى في الأوقات والأماكن غير المناسبة. وقد تحدث نوبات النوم القهري فجأة وتصعب مقاومتها ومن الممكن أن تحدث بشكل متكرر فى اليوم الواحد، وقد يستمر النعاس لفترة طويلة من الزمن.للتواصل مع الملف:alrai.pulse@gmail.com