لقد امتلأ العالم بالحقائق التي تتصل بحياتنا، وإن اجتهدنا في فهمها وإدراكها وكيفية التعامل معها، حتما سنجد الكثير من الحلول لمشكلاتنا، والارتقاء بجوانب حياتنا المختلفة، وعندما نبحث عن حقيقة ونعترف بها ونفهمها وندركها، ستكون عامل تحرير لعقولنا ونفوسنا، أي نتحرر ونستقل من الخوف والقلق والجهل وخداع النفس.إن التعامل الراشد مع الواقع يجعلنا نقف أمام حقيقة مسؤولياتنا في مراجعة الأخطاء ونقد الذات وتعيين الجهات والجوانب التي تتحمل تبعات وعواقب التقصير والإهمال، ومن طبيعة النفس البشرية أنها تُعرض عن معرفة الحقائق، وكثير من الناس يستغلون هذه الطبيعة بمحاولة طمس القضايا وتسمية الأشياء بغير أسمائها، لأن معرفة الحقيقة قد تكون مؤلمة وموجعة بل ومرّة، ولكن ذلك أفضل من تجاهلها وتزويرها.نتفق بأننا نختلف في فهم الحقائق الكبرى، وفي طرق معالجة المشكلات المعقدة، ولكن المهم أن ندرك أن ما لدينا من رؤى وحلول غير واقعية لظاهرة التعذر والتخلي عن مسؤولياتنا بحجة الظروف والأوضاع قد يجعلنا نقع بمشكلات مع أنفسنا ومع الغير، ويؤدي بنا إلى الإعراض عن التواصل مع الآخرين، وذلك من أجل التخلص من المسؤوليات التي على عاتقنا، وهنا علينا مراجعة أنفسنا وتغيير توازنها بمكيال ومعيار العزم والإصرار.إنّ إدراكنا ورؤيتنا للحقائق يخضع دائما لشروط ومعطيات مختلفة، فهي تختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى مكان بحسب زاوية النظر وحجم المعلومات والمفاهيم المتوافرة لدينا، ولهذا فإن فهمنا لكل ذلك هو فهم نسبي غير مطلق، ومن هذه الحقائق حقيقة شماعة الظروف التي يعلق عليها أغلب الناس تقاعسهم، وما كان ذلك إلا لإيجاد المبررات والأسباب لعجزهم عن تهذيب وتزكية أنفسهم أمام مسؤولياتهم.ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار بأن كل فرد يعيش بمجتمع، وهو أحد مكونات ذلك المجتمع، لا بد وأن يكون له حقوق وعليه واجبات، ومن هنا تبدأ الرؤية الحقيقية لحقيقة أليمة، ألا وهي الموازنة الفعلية ما بين النفس المتوانية والمتقاعسة وبين تأدية المهام والواجبات أو تعليقها على شماعة الظروف.إن القرآن الكريم صنّف العباد إلى ثلاثة أصناف، فمنهم الظالم لنفسه، وثانيهم المقتصد، وآخرهم السابق بالخيرات، فأي الأصناف ترغب أن تكون؟! برأيي من يجعل شماعة الظروف هي المخرج الوحيد للتهرب والتفلل من وظائفه وواجباته تجاه نفسه ومجتمعه، ومن يعيش بفوضى داخلية وخارجية ولم يحاول تنظيم وترتيب نفسه، هو من يكون ذلك الصنف الظالم والجائر على نفسه، وحتى نرتقي بأنفسنا ونصبح من الصنف السابق بالخيرات فعلينا أن نقف وقفة جادة مع أنفسنا بمراجعتها ومحاسبتها وحضها لضبط إيقاع حركاتنا وفق متطلبات أهدافنا في كل مناشط حياتنا، وبالإرادة الصلبة والهمة العالية سنتغلب على نفوسنا التي تبحث عن الاسترواح وتضحي بالجهد الذهني المعرفي (التخطيط) الذي يبذله كل منا في تصور الأوضاع والإمكانات الحاضرة والمستقبلية، من دون انهزام أمام نفوس ضعيفة واهنة، أكثر ما تستطيع انجازه التعليق على شماعة الظروف كل ما يعترضها من عوارض التكاليف وإنجاز المهام.m.alwohib@gmail.commona_alwohaib@
مقالات
رأي قلمي
نفوس تبحث عن الاسترواح...!
01:39 ص