دليل تقدمه «الراي» في رمضان للإجابة عن كل ما يراود المسلم من تساؤلات فقهية يريد معرفة حكم الشرع فيها... يكتبه الأستاذ المشارك بكلية التربية الأساسية - قسم الدراسات الإسلامية الدكتور عبدالرؤوف بن محمد بن أحمد الكمالي.- ما هي أحكام المسح على الخفين والجوربين؟* الخُفُّ: هو ما يكون مِن جلدٍ، ويغطي الكعبين، وأما الجورب: فإنما يكون من غيرِ الجلد، كالقطن ونحوه.ويجوز المسح على الخفين في السفر والحضر؛ للأحاديث الكثيرة المتواترة في ذلك، قال الحسن البصري – رحمه الله تعالى «رَوى المسحَ سبعون نفْساً، فِعْلًا منه [أي: من النبي صلى الله عليه وسلم] وقَوْلا».شروط جواز المسح:يُشترط لجواز المسح على الخفين: أن يكون قد ابتدأ لُبسَهما بعد كمال طهارة رجليه، فلو غسل إحدى رجليه فأدخلها الخف، ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف، لم يجز المسح؛ ففي حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: «كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأهوَيْتُ لأنزعَ خفيه، فقال: دَعْهما؛ فإني أدخلتهما طاهرتين، فمسح عليهما» رواه البخاري ومسلم.ولا يُشترط ما سوى ذلك على الراجح، فيجوز أن يمسح على الخف المخرَّق بكل حال؛ كما هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله؛ وهو قول جماعةٍ من الأئمة، كالثوري والأوزاعي ويزيد بن هارون وداود وإسحاق وابن المنذر، وقال أبو حنيفة: إن كان الخرق أقلَّ من ثلاثة أصابع، جاز، وقال مالك: إن لم يكثر ويتفاحش جاز.وذلك لأنه يسمى خُفًّا مع تخرُّقِه، ومعلومٌ أن الخِفاف في العادة لا يخلو كثيرٌ منها عن فتقٍ أو خرقٍ، ولا سيما مِن فقراء الصحابة رضي الله عنهم، ومع ذلك فلم يَشترط الرسولُ صلى الله عليه وسلم فيها أن تكون خاليةً من العيوب، فوجب حملُ لفظ الخف في الأحاديث على الإطلاق.ويجوز المسح على الجُرْموق (وهو خُفٌّ يُلبس فوق خُفٍّ) مطلقًا، سواءٌ أكان الذي تحته صحيحاً أم مخرَّقاً.ويجوز أيضًا المسح على الجوربين على الراجح مِن أقوال العلماء، فقد رُوِي عن جمعٍ كبيرٍ من الصحابة والتابعين، وهو الذي ذهب إليه الإمام أحمد والصاحبان من الحنفية - أبو يوسفَ ومحمدٌ (لكنْ قيَّداه بأن يكونا ثخينين لا يشِفَّان الماء) – وهو – أيضاً – قول إسحاق والظاهرية، واستصوبه الإمام النووي، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهم الله تعالى.وقد رَوى المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين» رواه الخمسة إلا النسائي، وصححه الترمذي، وقد اختُلِف في تصحيح هذا الحديث، كما أنه نوقش في دلالته.لكن مما يقوي القولَ بالمسح على الجوربين: حديثُ ثوبان رضي الله عنه - عند أحمد وأبي داود «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين».والعصائب: هي العمائم؛ لأن الرأس يعصب بها، والتساخين: كل ما يسخن به القدم من خُفٍّ وجوربٍ ونحوِهما.