اعتبر سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى الكويت علي رضا عنايتي أن الغبقة الرمضانية من أهم العلامات البارزة التي تميّز التراث الكويتي خلال الشهر الكريم. وقال عنايتي أن شهر رمضان هو ربيع القرآن حيث تهب نسائم الرحمة والمغفرة الإلهية للسمو الروحي والارتفاع المعنوي، متسائلا خلال حوار حول شهر رمضان الكريم مع «الراي»: ما نفع صيامنا إن لم تنبت رحمة الله بقلوبنا؟.وأضاء عنايتي من خلال الحوار على أشهر عادات وتقاليد الشعب الإيراني، مؤكداً أنه كما غيره من الشعوب الاسلامية تستقبل الشهر الفضيل ببرامج دينية نظرا لقداسته و مكانته، فما إن تهل نسائمه على العالم كل عام حتى تشهد المنازل حركة تغييرات واضحة في السلوكيات والعادات اليومية، فيهتم المسلمون في شتى بقاع الأرض بتنظيف بيوتهم وتجهيز المستلزمات الغذائية مبكرا، كي يتفرغوا في أيامه ولياليه لأداء واجباتهم وفروضهم الدينية، وليس فقط أداء فريضة الصيام حسب العادات.وذكر عنايتي أن الأجواء الرمضانية في الكويت متميزة، حيث تغص المساجد بالمصلين لاسيما صلاة التراويح، وبعدها يشارك الناس في الغبقات الرمضانية، التي يعتبر أنها أسلوب صحي يتيح للصائم عدم تناول وجبة الافطار مرة واحدة. وفي ما يلي نص ما دار معه من حوار:? في البداية نود التعرف كيف يستقبل الشعب الايراني شهر رمضان الفضيل؟- لا شك أن الشعب الإيراني يستقبل هذا الشهر الكريم كما غيره من الشعوب الاسلامية بالفرح والسرور، ويستعد له منذ وقت مبكر ببرامج دينية وروحانية نظرا لقداسة ومكانة رمضان في النفوس والقلوب، فما إن يطل شهر رمضان المبارك كل عام على العالم الإسلامي، حتى تشهد البيوت حركة دؤوبة وتطرأ تغييرات على السلوكيات والعادات اليومية، وينبري الجميع إلى تنظيف بيوتهم وتجهيز ما يحتاجون إليه من مستلزمات غذائية كي يتفرغوا لأداء واجباتهم وفروضهم الدينية خلال أيام وليالي الشهر الكريم من عبادات وطاعات وليس فقط أداء فريضة الصيام، إنما يجري استنهاض ما لدى أبناء المجتمع المسلم من تقاليد ارتبطت على مر العصور بهذا الشهر الفضيل لاحيائها وتطبيقها، وتكون المساعي حثيثة نحو تغيير النفوس نحو الأفضل وحبسها عن الشهوات والاستفادة من الأجواء الروحانية السامية، فكما أن عيد النيروز هو بداية الربيع وتفتح الأزهار واخضرار الأشجار وتجدد الحياة، فإن شهر رمضان هو ربيع القرآن حيث تهب نسائم الرحمة والمغفرة الإلهية وتسمو الأرواح وترتفع المعنويات، وإلا فما جدوى صيامنا إن لم تنبت رحمة الله بقلوبنا؟? هذا يدفعنا للتساؤل عن أبرز العادات والتقاليد والمظاهر التي تترافق وقدوم شهر رمضان في الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ـ كما قلت فإن الناس يتأهبون بمختلف طبقاتهم ومدنهم لاستقبال شهر رمضان، للتفرغ للعبادة والذكر وصقل النفس وتهذيبها من الشوائب التي علقت بها طوال العام. ويمكن قراءة هذه الأجواء الروحانية على وجوه المارة في الشوارع والأزقة وكذلك في المدارس والجامعات. وتقام على مستوى البلاد حملات شعبية لتنظيف المساجد وتأهيلها في الأسبوع الأخير من شهر شعبان نظرا لكثافة حضور المصلين خلال الشهر الفضيل، ولا شك في ان الدوائر الحكومية تقلّص من ساعات العمل الاداري كما هو معمول في الكويت، ومن الطبيعي أن يقع العبء الكبير على ربات البيوت اللاتي يبذلن الجهد من أجل توفير أشهى الأطباق لأسرهن على رغم التزامهن بالصيام والفروض الدينية الأخرى. كما تزدحم المساجد بالمصلين وتقام مجالس الأنس بالقرآن الكريم بحضور كبار القراء والحفاظ وكذلك مآدب الافطار في معظم مساجد البلاد، لاسيما في العشر الأواخر، حيث «أسبوع إكرام الصائمين» وحيث يتجمهر الصائمون في المساجد للصلاة وتناول طعام الافطار وقراءة الأدعية والأذكار.وتشيع الأجواء الرمضانية المضمخة بعبير الطهر والنقاء وتبدو واضحة في شوارع المدن وأزقتها، فالصيام بمفهومه الشامل هو الامتناع عن ارتكاب المعاصي والنواهي وترك الغيبة والنميمة واستشعار آلام المحرومين والمسحوقين، لاسيما أهلنا في فلسطين الحبيبة حيث لاحظنا إضراب الأسرى في السجون الصهيونية وهم يعانون من غطرسة الاحتلال وبطشه. وهناك يوم القدس العالمي الذي أعلنه الامام الخميني الراحل في آخر جمعة من شهر رمضان لمناصرة أبناء الانتفاضة الفلسطينية الباسلة.? لا شك أنك عشت أجواءً مختلفة لرمضان سواء في بلادك أم خلال مشوارك الديبلوماسي، فما أهم الذكريات التي تحتفظ بها؟- لا شك في أن هذا الشهر الفضيل مشحون بالذكريات، ففي مطلعه يزداد التواصل والتزاور بين العوائل، وتعرض شبكات التلفزيون الايرانية برامج خاصة تشرح مكانة هذا الشهر ولياليه باعتبارها تحتضن ليلة القدر وهي خير من ألف شهر. وفي منتصف الشهر وتزامنا مع مولد الامام الحسن بن علي تتضاعف مراسم الأعراس والأفراح. وخلال أيام رمضان تقدم العائلات النذورات للجيران، فقبيل آذان المغرب تنتظر كل عائلة من يطرق الباب من الجيران ليقدم لها ما طبخوه من الأكلات الرمضانية رمزا للمحبة و التواصل. وكذلك يرسل أهل العروس أنواع المأكولات إلى بيت ابنتهم العروسة تعبيرا عن الاحتفال بقدوم هذا الشهر، ويبادر أهل العريس بإرسال الهدايا لعروستهم في نهاية الشهر وتقديم العيدية لأبناء الأسرة.? ما الذي لفت نظرك من المظاهر الرمضانية في الكويت، وهل هي متشابهة مع سواها من المظاهر في إيران؟- من الطبيعي أن تكون هناك قواسم مشتركة عديدة تجمع بيننا في التقاليد والتراث، إلا أن الأجواء الرمضانية في الكويت متميزة حيث تغص المساجد بالمصلين لاسيما صلاة التراويح وبعدها يشارك الناس في الغبقة الرمضانية، وأعتقد أنها أسلوب صحي يمنع الصائم من تناول وجبة الافطار مرة واحدة. وتشكل الغبقة الرمضانية علامة بارزة في التراث الرمضاني الكويتي، وأرى أنه من الضروري الحفاظ على هذه التقاليد التراثية العريقة ونقلها بأمانة إلى الأجيال القادمة لأنها تبرهن على اهتمام الانسان المسلم بهذا الشهر الفضيل، حيث ينتظر الناس قدوم هذه الأيام المباركة ليتواصلوا ويهتموا بمساعدة المحتاجين ورعاية الأيتام وصلة الأرحام بصورة أكبر عن بقية أشهر السنة الأخرى. كذلك هناك أجواء القرقيعان والأناشيد التي يرددها الأطفال وهم يجوبون الأزقة وينشدون الأهازيج الشعبية في منتصف رمضان، والقرقيعان كما ورد في كتب التراث الكويتي هو احتفالية شعبية بمولد الامام الحسن بن علي سيد شباب أهل الجنة ما يدل على عمق التراث الديني في المجتمع الكويتي.وأدهشتني زيارة الديوانيات والتواصل بين أبناء الشعب فهي المتنفس الحقيقي للناس، وكذلك الاحتفال بعيد الفطر المبارك حيث ترتسم البهجة على وجوه أطفال البلد وهم يرتدون ملابسهم الجديدة المطرزة بألوان زاهية.? ما أبرز الأطباق والمأكولات التي تتصدر المائدة الرمضانية عند الافطار والسحور؟- لا أذيع سراً إذا قلت ان المطبخ الايراني زاخر بأشهى الأطباق الغنية بمكوناتها، وقلما تجد في الفنادق الراقية مطعما لا يقدم المأكولات الايرانية ولكن لرمضان أطباقه البسيطة حيث نجد التمر والخضار والجبن والأرز المغطى بالزعفران وأنواع المرق وأنواع الاش. كما أن هناك الحلويات المتنوعة مثل الزلابيا والبقلاوة وشعر البنات. وكل مدينة إيرانية تمتاز بأنواع الطهو الخاصة بها ولها الخلطات والنكهات التي تشتهر بها وكذلك المعجنات والسلطات والحلويات والكاتوهات التي تختص بها. فالكفتة بالبيض المسلوق واللحم المفروم مثلاً مشهورة في أصفهان، بينما الكفتة بالطحينة أو بالأرز متداولة في تبريز، وتعتبر الشوربة بأنواعها من المقبلات الرئيسية.
محليات
السفير الإيراني تساءل: ما جدوى صيامنا إن لم تنبت رحمة الله بقلوبنا؟
عنايتي لـ «الراي»: الغبقة الرمضانية علامة بارزة في التراث الكويتي
عنايتي والزميل خالد الشرقاوي
10:22 ص