خلق الله سبحانه وتعالى الناس، وجعل في نفوسهم العديد من الصفات والعادات، كي يسير ركب الحياة ولا يتوقف، ومنها المفيد وغيره، وهذا نوع من البلاء للانسان واختباره... ومن هذه الصفات صفة العناد وهي سلاح ذو حدين نافع أو ضار، فاذا كان لمصلحة الدين فهو جيد بل ممتاز، وأما إن كان غير ذلك فعاقبته وخيمة على صاحبه.وأول عناد في التاريخ كان من إبليس حيث كان الكون هادئاً مسلما لله تعالى في كل الأمور. الملائكة طائعون لله سبحانه وتعالى يفعلون ما يؤمرون وقد خلقوا لذلك، فجاء إبليس عند خلق آدم عليه السلام، وأبىَ أن يسجد كما أمره الله سبحانه وتعالى، وجميعنا يعرف القصة، فكان هذا أول عناد والله أعلم، ومن بعده أخذ العناد يستشري على الأرض التي نزل عليها إبليس اللعين.هذا في الأرض فقط، أما في السماوات فليس هناك عناد ولا تحدٍ، الكل مُسبح وذاكر لله تعالى، طبعاً قدر الله ذلك لحكمة يعلمها، وإلا كيف نعرف المطيع العابد من العاصي؟ والمُوحد من المُشرك؟ والخبيث من الطيب؟ فلا بد من امتحان بل امتحان صعب، وكما يقال إن من العناد لكفراً، أما التحدي الحسن فهو تحدي النفس والشيطان، فإن النفس شبهت بالحصان الجامح، إذا تركته على حاله وأنت راكب عليه، أخذ يجمح بك حتى يوقعك عن ظهره، أما إذا تحكمت بلجامه وطوعته لك سار هادئاً كما تريد، فلا تدع للشيطان أي فرصة كي يتسلل إلى حياتك، فإنه لا يبدأ معك بالكبائر، بل يتدرج معك بخطوات قد تبدو لك هينة، نظرة عابرة قد لا تلقي لها بالاً، يكبرها في عقلك حتى تصبح هي شغلك الشاغل، ثم يأتي بالخطوة الثانية، وهكذا يتدرج معك حتى تقع في المحظور.والنفس الأمارة بالسوء تساعده وتسانده، لما في ذلك من متعة عاجلة للجسد، حتى ولو كانت حراماً، فهي تحب الشيء العاجل المُحرم على الآجل الحلال، بغض النظرعن الثواب أو العقاب، وهذه آيات من كتاب الله العزيز الحكيم يحذرنا من الشيطان وخطواته ففي مجال الطعام تقول الآية «يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالاً طيباً ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين» (البقرة 168)، وفي الشرائع تقول الآية «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين». (البقرة 208)، وعن النهي عن الفواحش تقول الآية «يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر». (النور 21) ثلاث آيات توضح للمؤمن هدف عدوه المبين، فكونوا حذرين...