أشياءٌ صغيرة وأحلام بسيطة، كنا نُدوِّنها ونرسمُها في دفاتر المدرسة، أو نخبئها بين زوايا الذاكرة... وكم حكايةٍ أو شخصيةٍ حقيقية أو خيالية - واقعيةٍ أو حتى كارتونية - رسَخت فينا منذ الصغر وصاحبتنا حتى الكبر، بل ربما أثرت فينا ولونت مواقفنا وقراراتنا بالإيجاب، وربما بالسلب!«الراي» سألت أهل الفن والإعلام - في هذه الدردشة الرمضانية - عما بقي في وجدانهم من حكايات الطفولة، وكيف يرونها حالياً... وهل يستشعرون تأثيرها في قراراتهم، أم تراهم يحاولون الانفلات من قبضتها؟!الفنانة عبير أحمد حلّت ضيفةً على هذه الزاوية، لتتصفح معنا دفاتر ذكرياتها وأسرار طفولتها... والتفاصيل في هذه السطور:• في البداية، نود التعرف على عبير أحمد... الطفلة والمراهقة؟- أنا آخر العنقود في الأسرة المكونة من 5 أبناء هم 3 بنات وولدان، أصغر إخوتي يكبرني بعشر سنوات ونصف السنة تقريباً. وفيما كان أشقائي يذهبون إلى مدارسهم الثانوية وقتذاك، كان والدي رحمه الله يوصلني إلى مدرستي الابتدائية، حتى تخرجوا هم في المدرسة، وعادوا إلى مصر لاستكمال دراستهم الجامعية، بينما بقيت أنا في الكويت أغلب سنوات عمري، إلى حد أنني عندما كنت أذهب إلى القاهرة خلال كل 4 أو 5 سنوات، أجد صعوبة بالغة في التعرف على أشقائي، لأنني كما أسلفت لم أعش معهم إلا فترة قصيرة للغاية.• هل كنتِ هادئة أم شقية في طفولتك؟- كنتُ هادئة جداً، ووحيدة أيضاً، ولأسرتي بالغ الأثر في غرس القيم التربوية الصحيحة في داخلي، فقد كنتُ أخاف أن أرتكب أي خطأ، حتى إن بدا هذا الخطأ بسيطاً من وجهة نظر البعض، لكيلا أغضب ربي أولاً، وحتى لا أسيء إلى عائلتي.• ما الذكريات التي لا تغيب عن بالك أبداً؟- الذكريات كثيرة، ولا يمكن حصرها في أسطر قليلة، غير أن هناك شعوراً يعتريني بالحنين إلى طفولتي، وتلك الأيام الجميلة التي جمعتني بأصدقاء المدرسة، ولا أزال أتذكر تلك العبارة التي دونها والدي في دفتر مذكراتي الصغير بقوله: «أتمنى أن تكوني إنسانة ناجحة في حياتك ومحترمة بين الناس»، فمنذ ذلك اليوم وهذه العبارة عالقة في ذاكرتي.• هل يشبهك أحد من أطفالك في الملامح أو الصفات؟- إلى حد ما «نعم»، خصوصاً ابنتي «كنزي»، فهي نسخة طبق الأصل مني في الملامح والطباع، أما ابني «وليد» فهو يشبهني فقط بـ «عينيه» و«غمازتيه».• في رأيك، لماذا يعتبر البعض أن هذا الجيل أوفر حظاً من الأجيال السابقة؟- بل أرى أن العكس هو الصحيح، فبالرغم من توافر كل شيء من رفاهية وتكنولوجيا وألعاب وغيرها، أرى الجيل الحالي غير محظوظ على الإطلاق، لأنه جاء في زمن الترف، فالبعض منهم قد لا يكون في مقدوره تحمل المسؤولية مثلما حملها غيره من الأجيال الماضية، لكن ما دام الجيل الحالي لا يزال يركض خلف هذه الحياة المجنونة من دون وعي وإحساس بالمسؤولية، فإنه حتماً سيكابد صعوباتٍ عدة في حياته.• ما الأشياء التي فعلتِها في الماضي، وندمتِ عليها الآن؟- هناك الكثير من الأمور التي فعلتها وندمتُ على فعلها فيما بعد، أبرزها أنني منحت ثقتي لأشخاص «ما يسوون»، كما أنني ندمت لأنني صدقت بعض الناس في نواياهم ومشاعرهم تجاهي، عطفاً على شعوري بالندم الشديد لمشاركتي في أعمال فنية هزيلة ودون المستوى.• هل كنتِ متفوقة في دراستك؟في المرحلة الابتدائية لم أكن عبقرية في الدراسة، لكن في أواخر المرحلة المتوسط مروراً بالثانوية كنتُ متفوقة جداً، وازداد تفوقي كثيراً في الجامعة، إلى حد أنني ساعدت زملائي في تلخيص الدروس لهم.• ما أسوأ مادة دراسية بالنسبة إليك؟- إنها، بلا جدال، مادة «الفيزياء»، فهي «كرهتني في حياتي».• لو لم تكوني فنانة، ماذا كنتِ تودين أن تكوني؟- أنا خريجة تجارة، قسم «الاقتصاد»، ومعي ماجستير من الجامعة الأميركية، فلو لم أكن فنانة لعملت في وزارة الخارجية أو في إحدى السفارات.• المرأة تحب أن ي?ذكرها الناس بعيد مولدها، فيما تتجاهل من يُذّكرها بعمرها، فهل أنتِ من هذا النوع؟- بالقطع لا، فأنا لا أجد حرجاً في ذلك.• كم عمرك إذاً؟- في شهر سبتمبر المقبل سأكمل 42 عاماً (إن شاء الله).• وما أهم إنجازاتك في الحياة الشخصية والفنية؟- حياتي لم تذهب هباء، والحمد لله، فقد كانت لها قيمة ومعنى كبيران بالنسبة إلي وإلى أسرتي على وجه الخصوص، فالإنجازات الشخصية التي حققتها على مدى سنوات عمري، تفوق إنجازاتي الفنية بمراحل كثيرة.• في أي سن بدأتِ الصوم في رمضان؟- بدأتُ الصيام منذ أن كنت في التاسعة من عمري، أما ولداي فهما قررا الصيام في سن مبكرة جداً، بإرادتهما، ومن دون ضغوط من أحد.• هل تتذكرين أول «علقة ساخنة» أخذتِها في حياتك؟- (ضاحكة): أكبر «كف» تلقيته في حياتي كان من والدي، رحمه الله، فمن شدة هذا «الكف» فقد ترك أثراً واضحاً ظل عدة أيام مطبوعاً على خدي.• لماذا؟- لأنني ذات مرة، وفي نهاية اليوم الدراسي، دعتني صديقتي إلى الصعود معها في الحافلة لتوصلني إلى البيت، كنوع من رد الجميل، لاسيما أنني كنت أوصلها في السابق برفقة والدي إلى بيت ذويها، وعندما قبلت دعوتها وعدتُ إلى البيت ثارت ثائرة والدي كثيراً، خصوصاً أنه كان يترقب كعادته لحظة خروجي من أمام المدرسة.• ما أسوأ قرار اتخذتِه؟- اتخذت قرارات كثيرة سيئة وغير موفقة، لكننّي أعتذر عن عدم الإفصاح عنها.• ما أهم هدية تلقيتِها؟- أجمل هدية حباني الله إياها هما ولداي «كنزي» و«وليد»، في حين أشعر بفرحة عارمة عندما يأتيني أحدهما ليقدم لي هدية في عيد الأم أو عيد ميلادي، كان قد اشتراها من مصروفه الشخصي، وهذا في حد ذاته إحساس جميل لا يُضاهى.• من الشخص الذي كان له بالغ الأثر في توجيهك؟- جميع أفراد أسرتي من دون استثناء، كان لهم بالغ الأثر في تربيتي وفي توجيهي.• في الختام، ما الشيء الذي لا نعرفه عن عبير أحمد؟- هناك أشياء كثيرة لا يعرفها عني الآخرون، خصوصاً أن حياتي غامضة جداً، فأنا إنسانة عصامية، بنيت نفسي بنفسي، فبالرغم من تعثري مرات عديدة، فإنني سرعان ما أستعيد زمام الأمور وأنهض من جديد، وذلك لأن شخصيتي قوية، والحمد لله، ولم أتأثر بكل «الضربات» التي تلقيتُها من هذه الدنيا.