حمدت الله لأننا وجدنا أخيراً مسؤولاً واحداً تحمّل الأمانة الكاملة وقال الحقيقة بلا استحياء أو خوف وبكل صدق، فحال البلد لن ينصلح إلا إذا كنا على قدر المواجهة. حمدت الله لأن أنس الصالح قال ما في قلوب المواطنين، ونقل ما يدور في أذهان أصحاب القرار ولم يخش المواجهة. حمدت الله عندما قرأت غلاف مجلة «آريبيان بيزنيس» وفيها أنس الصالح يقول (... أنا قلق على استدامة الكويت).صدق أنس الصالح، فالدولة تعاني الأمرين من صراع على كل المستويات وفي المجالات كافة. صراع بين أقطاب ظهر واضحا وجليا في فترات مختلفة ومتعددة. صراع نفوذ على المناصب والمشاريع والمناقصات وعلى مراكز القرار. صراع يبدو فيه أنهم هم الباقون والكويت زائلة. صراع أحياناً كثيرة نجهل فيه كمواطنين العدو الحقيقي للبلد، وأحياناً أخرى نعرف العدو إلا أنه يتبدل بعدو غيره بين لحظة وأخرى!صدق أنس الصالح، فالدولة تعتمد على النفط كمصدر رئيسي ووحيد للدخل ويشكل بمفرده نحو 93 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، دولة يُصرف فيها أكثر من 50 في المئة من مدخولها على بند الرواتب. صدق أنس الصالح، فالدولة عاجزة عن تحقيق رؤيتها في التحول إلى مركز اقتصادي ومالي وفي تنويع مصادر الدخل وفي خلق بيئة اقتصادية وتنافسية جاذبة للاستثمار المحلي والعالمي ومؤشرات التنافسية خير دليل على ذلك!صدق أنس الصالح، فالفساد نخر مؤسسات الدولة ووزاراتها ومؤشرات الفساد العالمية خير دليل على ذلك، والواسطة والمحسوبية في كل مكان وتوزيع المناقصات بالمجان، أما الرشاوى، وكما يقول المثل العامي «على عينك يا تاجر»! صدق أنس الصالح، فالدولة عاجزة عن تحقيق تطلعات وآمال الشعب وطموحاته، وهذا ما تلمسه الديوان الأميري فأضحى وزارة ثانية للأشغال العامة!صدق أنس الصالح، فالتعليم في الكويت في انحدار مستمر والصحة فحدث ولا حرج، وما كنا نتميز به من جانب أخلاقي واجتماعي ومجتمعي بات من الماضي! صدق أنس الصالح، فرياضتنا ومسرحنا وثقافتنا لم تكن كما كانت!صدق... وصدق... وصدق... أنس الصالح، فالقائمة لا يكفيها مقال واحد بل ربما صحيفة بأكملها، فاستبشرنا أنه على الأقل المسؤول الأول الذي أصاب كبد الحقيقة المرة وأفصح بها للعلن.ولكن، يبدو أن ردات الفعل المستهجنة والقلقة وربما الساخرة على التصريح الصادق لأنس الصالح على المستوى الشعبي - وربما غير الشعبي! - أجبرته على أن يوعز للمجلة أن تنشر تصريحا تقول فيه «إن هذا التصريح - تقصد هنا تصريح أنس الصالح - يشير فقط إلى الاستدامة المالية للكويت على المدى الطويل والمتعلقة بتأثير انخفاض أسعار النفط»! لأكتشف بعدها أن ظني بأنس الصالح لم يكن في محله! فالحمد لله على كل حال!Email: boadeeb@yahoo.com