ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية، رحمه الله، قاعدة استقرائية عظيمة قال فيها... «إن العدل نظام كل شيء، فإذا أقيم أمر الدنيا بعدلٍ قامت، وإن لم يكن لصاحبها في الآخرة من خلاق، وإن لم تقم بعدلٍ لم تقم، وإن كان لصاحبها من الإيمان ما يجزى به في الآخرة». كما قال الإمام الماوردي رحمه الله في سياق ذكره للقواعد التي تصلح بها حال الدنيا...«قاعدة العدل الشامل الذي يدعو إلى الألفة ويبعث على الطاعة، وتعمر به البلاد، وتنمو به الأموال، ويكثر معه النسل ويأمن به السلطان... وليس شيء أسرع في خراب الأرض، ولا أفسد لضمائر الخلق من الجَوْر، لأنه لا يقف على حد، ولا ينتهي إلى غاية، ولكل جزء منه قسط من الفساد حتى يستكمل».في جامعة الكويت بعض الأساتذة الأكاديميين من أفسد ضميره، بتحريض الطلبة على الغش بل هو من يغششهم، وآخر يظلم الطلاب لاختلافهم بالأفكار مع الدكتور، وثالث يقيم على أساس القبلية والطائفية، ورابع يتساوى عنده الطالب المجتهد مع المهمل، والنشيط مع المتقاعس والكسلان، وغيرها من ممارسات خاطئة لا يتسع ذكرها هنا، نظن بأن هذا مخطط لتغيير المفاهيم والقيم، وتغيير ثوابت المجتمع الأخلاقية، ليصبح المجتمع مجتمعاً مطعّم بأفكار ترسخ المفاهيم الطائفية والعرقية، انقلبت المفاهيم ليصبح الغش تعاونا، والتقييم على أساسات قبلية وطائفية أصبح مساعدة لمَنْ يستحقها، ومن يطرح أفكاره بجرأة وحرية، أصبح متآمراً ومتمرداً على أفكار وآراء الدكتور.إن العدل في المنظور الإسلامي هو خُلق جامع شامل، يتكامل مع مجموعة القيم والمبادئ الإسلامية الأخرى، ويؤسس لمجتمع تسوده قيم الإنصاف وصيانة الحقوق، ما يحصل اليوم يؤكد بأن بعض الأكاديميين ما جاءوا لترسيخ وتسييد القيم والمفاهيم الفاضلة في الصرح الجامعي، بل جاءوا لمحاربتها والقضاء عليها، لقد تناسوا أن العدل الاجتماعي هو الميزان الذي يبني جميع العلاقات الاجتماعية بما فيها علاقة الطالب بأستاذه الجامعي، وهو قاعدة التعامل التي تحكم جميع التصرفات الإنسانية.فالعدل مقوّم أساس من مقومات المجتمعات الإنسانية، بل هو السبيل للأمن والاستقرار والاطمئنان بين الناس، كما أن خرق الأخلاقيات والقيم والنظم المهنية، لهي من أعظم العوامل التي تمزق أدبيات وأخلاقيات شرف المهنة، وتثير القلق وتزرع الشك بين الطلاب والأساتذة الأكاديميين، وتسحق كرامة الطالب المواظب المجد، وتعطّل إمكاناته ويصبح غير قادر على العطاء والإبداع من شدة الصدمة.في الختام نقول من باب الإنصاف يوجد في جامعة الكويت الكثير من الأساتذة الأفاضل الذين يقيمون العدل والمساواة بين الطلبة، كما أن هناك البعض من الطلبة مَنْ يؤيد الممارسات والسلوكيات الخاطئة التي يمارسها بعض الدكاترة، بل أحيانا يكون الطالب أداة ضغط على الدكتور فيجبره على التجاوزات والممارسات اللاأخلاقية.إلا أن التفريط بالتجاوزات هو تفريط بحقوق الطالب الجاد الهمّام، وتقويض القيم والأخلاقيات والمفاهيم الفاضلة التربوية، فقد آن الأوان ليقظة أولئك الأساتذة، وإدراكهم لمنظومة القيم والآداب التعليمية التي تؤسس لصرح أكاديمي يسوده الإنصاف والمساواة والعدالة، ومواجهة الفساد والظلم الذي يهدد ويزلزل منظومة التربية والتعليم بأكملها.m.alwohib@gmail.commona_alwohaib@