توقفت أوساط فنية وشعبية كثيراً أمام غزو السوق السوداء لتذاكر الحفلات والسينما، والأوبرا الكويتية خلال الفترة الأخيرة، حتى المناسبات الوطنية لم تسلم من استغلال بعض التجار، ومن بينهم متنفذون في أماكن مختلفة، من احتكار هذه السلعة، مستغلين عدم وجود نظام حجز إلكتروني يضمن التسجيل بشفافية.ولعل ما يذكي الحديث في هذا الخصوص، قائمة الأسعار الجنونية التي أعلن عنها في وسائل التواصل الاجتماعي بمجرد الإعلان عن حفل العازف اليوناني ياني، والمقرر إقامته في الفتر ة ما بين 20 و21 من الشهر الجاري، بدار الأوبرا، حيث وصل سعر التذكرة الواحدة إلى 600 دينار في السوق السوداء، وهنا يبرز السؤال، متى تكون التذاكر في الكويت متاحة بالرقم المدني، وعن طريق الحجز «أونلاين» تجنباً لأي محاولات استغلال الجمهور؟وعملياً لم يعد باستطاعة العديد من المواطنين حضور الحفلات الكبرى بسهولة، دون المرور مرغمين من الباب الخلفي للحجوزات، حيث تتفاجأ دائماً بأن رصيد تذاكر الحفلات قد نفد، وعليك أن تدفع أكثر من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لتحصل على تذكرة مرورك، خصوصاً إذا كان من يحييها نجم مشهور.وأمام هذه الأزمة، غرد البعض قبل أيام متهكماً، «مو معقولة شطبوا على كل تذاكر العازف ياني، شنو هالواسطات... ما تخلون لنا شوية»، فيما غمز آخرون إلى أن تذاكر الحفلة بيعت بالكامل، والقاعة لا تزال غير ممتلئة، في إشارة إلى أن هناك مستفيداً من هذا الإحراج، فيما بدا آخرون أكثر جدية بالقول «صار سعر أقل تذكرة 200 دينار عند الشريطية، وهذه نقطة سوداء عليكم يا منظمين، وتعكس خطة من اثنتين إما انتم لا تعرفون أن تنظموا، أو أنكم مستفيدون وفي الحالتين أنتم مقصرون، فهذا استخفاف بالشعب، المهم شوفوا لكم حل وخلوا الناس تستانس».وتجددت في الفترة الأخيرة الدعوات من مختلف فئات المجتمع بضرورة وضع آلية حجز إلكترونية واضحة تضمن المساواة، وتتيح الفرصة للجميع بشفافية، حيث تساعد عمليات الشراء من خلال استخدام تطبيقات الدفع التكنولوجية الحديثة في ضبط الحجوزات بدءاً من تقديم طلب أونلاين للرغبة في دخول الحفل، مروراً بإصدار أوامر الشراء، علاوة على أن هذه النوعية من الحجوزات تؤدي إلى ضبط أسعار التذاكر المُباعة، عند السقف السعري المحدد من دون أي تلاعب.وميدانياً، ستؤدي حجوزات الـ «أونلاين» إلى محاربة السوق السوداء، فالتعاقد مع شركة متخصصة في إدارة الحجوزات الإلكترونية، سيمنع التعاملات اليدوية واستغلال المناسبات، ومن ثم سيتمكن جميع الراغبين في مشاهدة الحفلات من الحجز بسهولة، وبأسعارها الطبيعية.وتتعاظم أهمية الحجز الإلكتروني لتذاكر الحفلات، بعد المعاناة الكبيرة التي باتت تواجه الجمهور الكويتي إذا ما أراد حجز تذكرة لحفل يحييه نجمه المفضل، حيث أصبح نفاد التذاكر عادة في جميع هذه الحفلات، ولعل خير شاهد في الوقت الحالي حفلة الموسيقار ياني، وكذلك حفلة الفنانة أحلام التي أقيمت في مركز الشيخ جابر الأحمد الثقافي في 7 أبريل الجاري.وأمام اتساع سطوة سوق حجوزات التذاكر السوداء، لم يعد سراً أن قائمة أسعار الحفلات ربما تكون الوحيدة التي تتحرك في الكويت صعوداً وبسرعة كبيرة، بخلاف مشاريع التنمية، وعلى الجمهور أن يتحضر مع كل حفل إلى مواجهة أزمة الحصول على تذكرة، من خلال التعرف على تجار في السوق السوداء «يدبرون له الأمر»، علماً بأن بعضهم متنفذ ويستغل رغبة الجماهير في معايشة الحفلات مع ذويهم من أهل وأصدقاء باحتكار الجزء الأكبر من التذاكر المعدة للبيع، وإعادة بيعها بأسعار قد تصل إلى الضعف وربما ثلاثة أضعاف في بعض الحفلات.وربما قد لا يشكل السعر الهاجس الأكبر لدى البعض، بحكم مقدرته المالية التي يتمتع بها مثلاً، إلا أن معاناتها تزداد عند من يرغب في دخول حفل ولكن ليس معه ثمن التذكرة التي تؤهله لذلك، حيث معاناة حجز التذاكر في الكويت ثنائية تتضمن تكلفة السعر غير الطبيعية، ومدى قدرة الحصول عليها، وما يعمق هذه المعاناة التجاهل غير المبرر من المنظمين لإيجاد آلية حجز شفافة تُضيق الخناق لأبعد درجة ممكنة أمام محاولات التلاعب.وما يثير الدهشة أنه رغم تكرار أزمة تذاكر الحجوزات في الكويت، إلا أنه يبدو أن المسؤولين لا يلتفتون إلى معالجتها أو حتى بذل أي مجهود مثمر في تدارك الأخطاء المتكررة التي يقعون فيها، ما يؤكد أن هناك أطرافاً مستفيدة من هذه الفوضى.وما يزيد من حيرة الجمهور أكثر أن أزمة حجز تذاكر الحفلات باتت مادة للنقاش في الفترة الأخيرة لدى الجميع، خصوصاً بعد إطلاق مبنى الأوبرا وقاعاتها الحديثة أمام الحفلات.ورصدت هذه البرامج استياء الجمهور بسبب صعوبة حصولهم على التذاكر فور طرحها للحجز، وإعلان الشركة المنظمة نفاد التذاكر بعد نصف ساعة فقط، ما أدى إلى ظهور حسابات على مواقع التواصل لبيع تذاكر الحفل بأسعار خيالية، وصلت إلى 1000 دينار تقريباً.