... في لحظةٍ تشبه «الانتحار الجَماعي» بالطعنات التي تُوجّه الى الديموقراطية، والطعن المتعاظم بالعيش المشترك في «الوطن الرسالة» وارتفاع المتاريس الطائفية وسيادة منطق «القطع»، وصعود نجم «البهلوانيات» السياسية، ضاق صدر سمير فرنجية، وتوقف القلب الأبيض وكأنه برحيله أَعلن الحداد على لبنان.سمير فرنجية، «البك الأحمر»، العقلاني، المتواضع، المفكّر، الحالم، النقي، المجتهد، العنيد، المجدد، المحاور، المثقف، السياسي، الرؤيوي، اللا طائفي، العروبي... كل هذا الـ «سمير» لملم أوراقه الأخيرة أمس وأقلامه وأحلامه المكسورة ورحل عن عمر يناهز الـ 71 عاماً بعد صراعٍ طويل مع المرض.ها هو فرنجية الارستوقراطي، ابن رجل الاستقلال حميد فرنجية، وأحد «حراس» الفكرة اللبنانية، الذي بدأ حياته متمرّداً، طوى اكثر من نصف قرن من الكفاح اليومي، السياسي والفكري، برز خلاله كمحاوِر و«داعية سلام»، وكان مع «ظلّه» فارس سعيْد «صلة وصل» اسلامية - مسيحية حفرتْ بتعبٍ وسهرٍ وتصميم نهاية الوصاية السورية على لبنان عبر تراكُم من التجارب أفضى الى «انتفاضة الاستقلال» في 14 مارس 2005.