أيام مرت ولا نزال نستذكر احتفالية عزيزة على قلوبنا جميعاً، إنها مناسبة يوم الأم والذي تعودنا أن نطلق عليه في مجتمعنا «عيد الأم»، ولا يخفى عن الجميع فضل الأم على أولادها، وهو أمر غني عن التعريف، وبالتالي فضلها على المجتمع حين تحسن تربية الأبناء، فتبني بلداً وحضارة عمادها أفراد مثقفون وصالحون. وهذا مصداق لقول الشاعر حافظ إبراهيم «الأم مدرسة إذا أعددتها... أعددت شعباً طيب الأعراق».ويعبر القائد نابليون عن ذلك بقوله: الأم التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بيسارها.أما عن فضل الأم في ديننا الحنيف، فحدث ولا حرج، فإن الجنة تحت أقدامها.وللأسف قد لا نشعر بفضل الأم وأهمية دورها إلا حين نفقدها، لذلك اختير يوم الواحد والعشرين من شهر مارس من كل عام، يوماً خاصاً للاحتفال بهذه الهبة العظيمة، ألا وهي الأم.حيث يجتمع الأبناء عند أمهاتهم يعبرون عما يعتمل في صدورهم من محبة وعرفان بالجميل، فيقدمون الهدايا في محاولة منهم رد جزء بسيط من جميل الأم، وتقديراً لتضحياتها في سبيل أسرتها.إن في اختيار يوم محدد للاحتفال بالأمهات لا يعني العزوف عن التواصل معها بقية أيام السنة، فحقها في التواصل معها وبرها وطلب مودتها والعمل على إسعادها، وأقله بالسؤال عنها والكلمة الطيبة بحقها أمر لا خلاف فيه ولا عليه.وهنا لابد من الإشارة أن بعضاً من فئات المجتمع تقر بفضل الأم وتقديرها في كل الأيام، ولكنها لا ترى ضرورة في تخصيص يوم محدد للاحتفاء بها.هذا كلام جميل ولا يختلف عليه عاقل، لكن طالما أن للمعلم يوما وللعامل يوما فما الضير أن نخصص يوماً نتفرغ فيه من انشغالاتنا وأعمالنا، ونجتمع فيه جميعنا حول أمهاتنا، نقدم لهن الهدايا وندخل المزيد من السرور والبهجة على قلوبهن.كما أنه ليس من العدل تخصيص يوم محدد لتكريم الأم، ثم تركها بقية أيام السنة وحيدة، من دون السؤال عن أحوالها أو التواصل معها. فالأساس هو التواصل معها وعدم إهمالها، خصوصا عندما يتقدم بها العمر، وتصبح غير قادرة على تلبية جميع احتياجاتها.إنها الكنز الذي وهبنا الله إياه، وهي الملجأ لأبنائها حتى لو أصبحوا كباراً، فهي نبع المودة والحنان الذي لا ينضب والذي يستمر حتى مع الأحفاد، وكم من أم ضحت في سبيل الأبناء بعد أن فقدوا آباءهم فكانت بمثابة الأم والأب، وعوضتهم عن فقدانه وحنانه، ولا ريب أن للآباء أيضاً فضلا على الأبناء، فتكريم الأم لا يعني إهمال الأب، حتى أن تكريم الآباء فيه إدخال للسعادة على قلوب الأمهات. وأقله الشعور بأنها أحسنت تربية أبنائها فبروا آباءهم.وخلاصة القول إن يوم الأم هو يوم للأب أيضاً، بل هو يوم للأسرة، وتكريمها هو تكريم لكل أفراد الأسرة، فلا فرق بين أن نقول يوم الأسرة أو يوم الأم، فالأسرة عمادها الأم والأب، واجتماع الأسرة في هذا اليوم هو تكريس لزيادة الألفة والمحبة بين جميع أفرادها.فلنجعل من يوم الأم يوماً للأب والأسرة أيضاً، فالأسرة عماد المجتمع، وعماد الأسرة هما الأبوان، والأم هي الركن الدافئ والحنون وحلقة الوصل بين أركان هذا الصرح الجميل.وليس من قبيل المبالغة أن نعتبر الأم هي العيد الحقيقي، وكما تفقد الحياة بهجتها من دون الأعياد، تفقد الأسرة سِرَّ فرحتها ورونق أيامها بدون الأم، فالأم هي من يضفي البهجة والروعة على حياة أسرتها، ويجعلها ذات معنى ومغزى.إنها وردة أينما حلت فاحت منها رائحة العطر وازداد الجمال بها جمالاً.* مدرب الحياة والتفكير الإيجابيTwitter: t_almutairiInstagram: t_almutairiitalmutairi@hotmail.com