«لا تبالغ في المجاملة حتى لا تسقط في بئر النفاق، ولا تبالغ في الصراحة حتى لا تسقط في وحل الوقاحة». شارلي شابلن.كثيراً ما يتردد على ألسن البعض قولهم: «الصراحة راحة». فهل الصراحة فعلاً تؤدي إلى الراحة؟ وهل ترديد هذه العبارة من أُناس كثيرين يمنحها صفة الصحة والدقة؟ وهل كل أمر يتوارثه الناس،جيل من بعد جيل يكون ذلك الأمر سليماً ولا مجال هناك لمناقشته ووضعه على عدسة البحث وطاولة الحوار؟ بدايةً، للصراحة ثقافة ومادة دقيقة، وليست الصراحة فوضوية وخبط عشواء، بلا ضوابط وملامح واضحة، والصراحة لا بد أن تكون ذات جوهر مهم، لا ذات مضمون أجوّف لا طائل ولا فائدة منه.تكون الصراحة محمودة ومطلوبة إذا قُدمت بهدوء، وصدق، وأسلوب جميل. وتكون الصراحة مذمومة إذا غُمّست بالوقاحة والجرأة المبتذلة، حتى وإن كان كل ما في مضمونها حق. قال الشيخ الألباني رحمه الله تعالى: «الحق ثقيل على النفوس فلا تزيدوه ثقلا على ثقله».ولا بد أن نكون حذرين ومعتدلين في قول الصراحة للآخرين، سواء طلبوها مِنا أو كُنا نحن المبادرين فيها، وعلينا كذلك أن نضع اعتبارا لحال ذلك الشخص الذي نصارحه، فالشخص الذي قريب منا وعلاقتنا به وطيدة ليس كالشخص الذي معرفتنا فيه معرفة سطحية أو عابرة.يقول أندريه موروا: «نحن نقدر الصراحة ممن يحبوننا، أما الصراحة من الآخرين فنطلق عليها وقاحة».وأحياناً يكون ترك الصراحة أفضل من استخدامها في بعض الحالات، فبعض الأحيان الصراحة تفقدنا من نصارحهم، وبعض الأحيان الصراحة تُحرج وتُحزن من نقدمها له، وبعض الأحيان الصراحة تخلق البغض والنفور بيننا وبين الآخر، ولعل الصراحة التي ظننا أنها ستمنحنا الراحة بعدها قد تؤدي بنا نحو المتاعب والمشاكل.يقول بوبليوس كورنيليوس: «الصراحة والكرم، لو لم يصحبهما الاعتدال أديا بصاحبهما الى الخراب».halrawie@gmail.com