عواصم - وكالات - وسط عاصفة الإدانات الدولية والعربية والإسلامية لـ «المجزرة الكيماوية» في إدلب، انبرت روسيا، أمس، للدفاع عن حليفها «النظام السوري»، في حملة منظمة بدأت بتقديم رواية غير منطقية لقصف خان شيخون، ووصلت إلى رفض مشروع قرار قدمته الدول الأوروبية في مجلس الأمن.واستبقت روسيا جلسة مجلس الأمن الطارئة التي عقدت مساء أمس، برفض مشروع القرار الذي قدمته الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ويدين الهجوم الكيماوي.وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا ان «النص المطروح غير مقبول على الاطلاق»، مضيفة انه «يستبق نتائج التحقيق ويشير بشكل مباشر الى المذنبين»، واصفة إياه بأنه «مناهض لسورية» ومن شأنه تصعيد الوضع.ونددت زاخاروفا بالمشروع بصفته محاولة «لتأجيج» الوضع السياسي في سورية، معلنة أن موسكو «لا ترى أي ضرورة محددة لتمرير المشروع في الوقت الحالي». وأشارت الى ان القرارات التي تم تبنيها سابقاً ستسمح بإجراء تحقيق.وكانت بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة وزعت مسودة مشروع قرار الى مجلس الامن يطالب باجراء تحقيق سريع بعد ان اتهمت المعارضة السورية والعديد من الدول الغربية النظام السوري بالمسؤولية عن الهجوم الذي يشتبه انه كيماوي وأسفر عن مقتل نحو 100 شخص على الأقل بينهم الكثير من الأطفال.ويطلب المشروع من دمشق أن يسلّم المحققون خطط الطيران وكل المعلومات المتعلقة بالعمليات العسكرية التي كان يقوم بها حينها. كما يهدد مشروع القرار بفرض عقوبات بموجب الفصل السابع من شرعة الامم المتحدة.من جهته، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن موقف بلاده من رئيس النظام السوري بشار الأسد لم يتغير.بدوره، أعلن المتحدث باسم الكرملين ديميتري بيسكوف ان «روسيا وقواتها المسلحة تواصل عملياتها لدعم جهود مكافحة الارهاب التي يقوم بها الجيش السوري من أجل تحرير البلاد».وأضاف ان «روسيا ستقدم بطريقة مفصلة المعطيات التي سبق وان ذكرتها وزارة الدفاع» الروسية.وكان بيسكوف يشير إلى بيان أصدرته وزارة الدفاع الروسية صباح أمس، ذكرت فيه أن الغاز السام تسرب من مستودع أسلحة كيماوية تابع للمعارضة في خان شيخون بعدما قصفته الطائرات السورية.وأضافت ان المستودع كان يحتوي على «مشغل لصنع القنابل اليدوية بواسطة مواد سامة»، من غير أن توضح ما إذا كان طيران النظام استهدف المستودع بصورة متعمدة أو عرضية.وأشارت الوزارة إلى أن «ترسانة الأسلحة الكيماوية» كانت موجهة الى مقاتلين في العراق، مؤكدة أن معلوماتها «موثوقة تماماً وموضوعية».في المقابل، أكد مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض أن الرواية الروسية غير معقولة، قائلاً «نرى أنها غير معقولة. لا نصدقها». واضاف في تصريحات لوكالة «رويترز» إن الولايات المتحدة ما زالت تعتقد أن نطام الأسد مسؤول عن الهجوم الكيماوي.من جهته، اعتبر الرئيس الاميركي دونالد ترامب أن الهجوم الكيماوي هو أمر «مروع ورهيب». وقال في المكتب البيضوي حيث كان يستقبل العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني، مساء أمس، «إنه إهانة مروعة للانسانية».ولدى سؤاله عن احتمال تغيير السياسة الاميركية في الملف السوري، اكتفى بالقول «سنرى».بدوره، أكد وزير الدفاع الاميركي جيمس ماتيس أن الهجوم الكيماوي «كان عملاً شنيعاً وسيتم التعامل معه على هذا الاساس».وكانت المعارضة السورية سبقت واشنطن في رفض رواية موسكو، حيث قال نائب رئيس الائتلاف السوري المعارض عبد الحكيم بشار، في مؤتمر صحافي في اسطنبول، «هناك من يدعي أن النظام السوري قصف مستودعا للأسلحة، وهذا كذب»، مطالباً بتطبيق الفصل السابع على النظام، وفرض حظر جوي في سورية لمنع الطيران من مواصلة استهداف المدنيين.واعتبر أن التصريحات الأميركية الأخيرة «تعطي فسحة للنظام لارتكاب المزيد من الجرائم»، في إشارة إلى إعلان واشنطن أن إسقاط نظام الأسد لم يعد أولوية بالنسبة إليها، مضيفاً «حتى الآن هذه الإدارة (ترامب) لم تفعل شيئاً بل بقيت متفرجة».وأكد أن «خطورة النظام على الشعب السوري اكبر من اي جهة اخرى مثل جبهة النصرة (التي تعرف الآن بجبهة تحرير الشام) و(داعش)».واضاف «طالما هذا النظام موجود لا يمكن هزيمة الارهاب حتى لو تم القضاء على النصرة وداعش سيخلق النظام منظمات أخرى ليقول للعالم إما أنا وإما الإرهاب».وجدد التأكيد على ان النظام مسؤول عن هجوم خان شيخون، متسائلاً «أي مجرم في هذا العصر يفوق إجراما عن الاسد؟ لا اعتقد انه بعد الحرب العالمية الثانية وجرائم التطهير العرقي في البلقان يوجد اي جهة اخرى غير النظام السوري تمارس مجازر مثل البوسنة والهرسك».واعتبرت المعارضة السورية بسمة قضماني أيضاً أن الهجوم الكيماوي هو «نتيجة مباشرة» للتصريحات الأميركية في الآونة الأخيرة، قائلة «إن هذا (الهجوم) نتيجة مباشرة للتصريحات الأميركية بأن الأسد لا يمثل أولوية ولمنحه الوقت والسماح له بالبقاء في السلطة».إلى ذلك، وصف القيادي في جماعة «جيش إدلب الحر» المسلحة حسن حاج علي البيان الروسي بأنه «كذبة».وقال لوكالة «رويترز» «الكل شاهد الطيارة وهي تقصف بالغاز ونوع الطيارة»، وان «المدنيين الموجودين كلهم يعرفون أن المنطقة لا يوجد فيها مقار عسكرية ولا أماكن تصنيع» تابعة للمعارضة. وشدد على أن «المعارضة بمختلف فصائلها غير قادرة على صناعة هذه المواد».وعلى الأرض، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن طائرات حربية نفذت صباح أمس خمس ضربات على مناطق في مدينة خان شيخون «غداة يوم الثلاثاء الأسود»، على حد قوله.
خارجيات
ترامب يعتبر هجوم خان شيخون «إهانة مروعة للإنسانية» ويلمّح إلى إمكان تغيير سياسته في الملف السوري
روسيا تتحدى العالم دفاعاً عن «كيماوي بشار»
مقبرة جماعية لضحايا مجزرة خان شيخون (ا ف ب)
12:33 م