تذهب للعمل كل صباح... تمر على المكاتب والغرف مصبِّحاً بالخير على زميلك ابن عائلتك أو قبيلتك دون غيره. تزور عيادة الطبيب فتُلقي التحية على المشابه للباسك وشكلك، متجاهلاً الآخر المختلف عنك. تسافر خارج وطنك وتُلاقي أشخاصاً من الدولة الفلانية فتوجه لهم نظرات استنكار أو استهجان. هكذا هو تعاملنا مع المختلف عنا لباساً، لوناً، نسباً، جنسيةً، وديانةً.هكذا نخالف دروس نبينا ?، هكذا نُضخِم بذرة التطرف والعصبية في قلوبنا لتصبح نبتةً شائكةً من الكِبر والغرور، متناسين أننا إخوان من أب واحد، متغافلين عن المنشأ والأصل الواحد الذي خُلِقنا منه جميعاً، متعالين على بعضنا البعض ليس بإيماننا ولا بأعمالنا، بل بما ورثناه عن والدينا بلا إرادة ولا اختيار منا.كلنا بشر نحمل المكونات نفسها ولأجسادنا ذات الأعضاء... لقلوبنا مشاعر ولعقولنا أفكار. كلنا وُجِدنا من تراب ونرجع للتراب. كلنا سواسية في هذه الحياة الدنيا إلا بالتقوى التي لا يعلمها إلا الله جل جلاله، فلن أستطيع الكشف عما في قلب هذا ولا عما في عقل ذاك، إنما أتعامل معهم بحسب الظاهر من خلق وآداب. فإن كنت لا أقبل على نفسي الإهانة... الظلم... والاحتقار، فمن غير الطبيعي قبولها على الآخر لمجرد أنه مختلف عني.ستظل المجتمعات في تردٍ وانحدار ما دمنا نمارس هذه التصرفات المقيتة المنتنة، كما وصفها الرسول ?، ولا يزال منا من لا يستطيع العيش من دون عنصريته، وهذا إن دل على شيء، فإنما يدلّ على ضعفه وخوائه من الداخل، كما الطفيليات التي تقتات على أكتاف الآخرين.jasmine_m_alj@