يعمل الممثل عباس النوري على تصوير مسلسل جديد بعنوان «ترجمان الأشواق» المقرَّر عرضه في رمضان 2017، كما سيطل في مسلسل «باب الحارة» الذي تم الانتهاء من تصويره باكراً.النوري الذي تم تكريمه أخيراً في بيروت، أكد في حديث إلى «الراي» أن التكريم هو بمثابة امتحان جديد له، لأنه من جهة غير حكومية ويعكس رضا الناس ويجعله يعيد حساباته لتكريمات مقبلة في حال حصلتْ، واصفاً تكريمات الدول بأنها «ملتبسة».وأشار إلى أن مسلسل «باب الحارة» عمل رمضاني بامتياز، مستدركاً أنه توجد أعمال أهم بكثير منه ومن الظلم اختزال الدراما السورية به، ومؤكداً في الوقت نفسه أن الأخيرة تعاني من «خضة بدن» بسبب الوضع الحالي وغياب الممثلين والمنتجين والمخرجين والمساهمين في صنع تاريخها.الحديث مع النوري، طاف في العديد من الأمور، نوردها في السطور الآتية:• ما تفاصيل العمل الجديد الذي تصوره؟- المسلسل بعنوان «ترجمان الأشواق»، وهو مأخوذ عن فكرة فيلم للمخرج السينمائي محمد عبدالعزيز، وهو من إخراجه أيضاً، وهي التجربة التلفزيونية له في مجال الإخراج التلفزيوني. وكتب سيناريو العمل بشار عباس، وتشاركني فيه مجموعة من الممثلين بينهم ثناء دبسي، فايز قزق، سلمى المصري، غسان مسعود، وغيرهم.• وما موضوع المسلسل؟- المسلسل يحكي عن سجين سياسي سابق، يعيش في الغربة بعد هروبه من السجن في وطنه. وعند هروبه من السجن يكتشف أن زوجته طلّقته وتزوجتْ وأن حضانة ابنتهما ذهبت إلى والدته بعد زواج أمها.• وهل أنت تؤدي دور السجين السياسي في العمل؟- نعم ويبدأ المسلسل بعد 20 عاماً من حصول هذه الحكايا، عندما يتلقى اتصالاً خلال وجوده في كندا كي يخبروه أن ابنته خُطفت، وفي الوقت نفسه، هو يجد صعوبة في العودة إلى بلده لانه مطلوب سياسياً، وتبدأ رحلة البحث عن ابنته ومن ثم تتطور الأحداث.• وهل المسلسل فيه إسقاط على الواقع؟- كثيراً.• إلى أي حد أصبحتْ تتدخل السياسة في الفن في المرحلة الحالية، أم أنها يجب ألا تتدخل فيه؟- السياسة صارتْ كـ «السندويش» في هذه الأيام و«بتلاقيها وين ما كان». يجب ألا نكذب على أنفسنا. السياسة ليست مناصب ومراسم وتصريحات وتحليلات وكلام فارغ، بل هي مصالح، والشعب العربي كله في سورية وخارجها، أسير السياسات والمصالح، والميديا تقدّم عكس الصورة.• هل ترى أن الميديا تقدم عكس الواقع؟- دائماً.• وهل هي تشوّهه؟- هذا يكفي...• وهل هذا يعني أن المُواطن العربي لا يملك ما يكفي من الفطنة كي يلمس هذه الحقيقة؟- لن نتطرق إلى هذا الموضوع، بل يكفي أن نتحدّث في الفن.• تمّ تكريمك في بيروت أخيراً. فهل ما زال التكريم يدغدغ ويُفرِح فناناً مثلك صاحب مسيرة فنية حافلة بالإنجازات والنجاحات واسمه أشهر من نار على علم، أم أنه يصبح شيئاً عادياً بالنسبة إليه؟- التكريم لا يمكن أن يكون شيئاً عادياً بالنسبة إلى الفنان، بل كل تكريم هو بمثابة امتحان جديد له. التكريم والجوائز والمهرجانات العربية هي في قسم كبير منها بالنسبة إليّ مهرجانات ملتبسة وتَدخل إليها كل أعراض الفساد بطبيعة الحال، وهناك جوائز مشتراة وجوائز مطبوخة وجوائز تُقدَّم وفق اعتبارات معينة ويفوز بها أناس على حساب آخرين، ولا سيما عندما تكون الحكومات هي التي تتدخّل فيها. مهرجانات الحكومات تتّسم بهذه المواصفات أكثر من غيرها، بينما المهرجانات الحرة هي تعبير عن تقديرٍ لفنان بات محطّ احترام الناس والجمهور قبل المهرجان. وهذا استحقاق طبيعي، ويصبح تكريم الفنان في أي مهرجان دعاية للمهرجان أكثر مما هو دعاية له.وبالنسبة إليّ شخصياً، تشرّفتُ عندما تمّ تكريمي في بيروت. والواقع أن مهرجان «بيروت غولدن أووردز» مع الأستاذ محمد حلواني ومهرجان «نقابة السينمائيين اللبنانيين» مع الأستاذ صبحي سيف الدين، عندما كرّماني فهما أحرجاني في الوقت نفسه، لأن التكريم في ذاته هو إعادة إنتاج علاقة جديدة مع الجمهور، باعتبار أن هذه التكريمات هي حرّة وتأتي من عقول حرة.وحين حضرتُ إلى التكريم، تعرّفتُ للمرة الأولى على الأشخاص الذين كرّموني ولم أكن أعرفهم سابقاً. وقد سررتُ وتشرّفت بالتعرف إلى الأستاذين محمد حلواني وصبحي سيف الدين. هذا التكريم «خضنّي» وجعلني أفكّر أنه يجب أن أكون جديراً بنيل شرف تكريمات مقبلة في حال حصلتْ، لأنها تعبير بشكل غير مباشر عن أن الناس راضون عني، مع أن رضا الناس غاية لا تُدرك، ولكن في الوقت نفسه فإن التكريم يجعلني أعيد حساباتي لأنه امتحان جديد سأخوضه مع جولة مقبلة من التكريم، ويجب ألا أستهين أبداً بهذا الاستحقاق لأنه ليس مجرد دعاية، بل هو تعبير عن إنجازاتٍ لمستُ من خلالها الناس، وأتمنى حتى هذه اللحظة أن أكون جديراً بها.وفي سياق متصل، تم تكريمي في العام 2016 في تونس والجزائر وأهديتُ تكريماتي لكل فناني سورية الذين هم خارجها نتيجة الظروف، لأنهم أصحاب المشروع الفني القائم في سورية وهم أعمدة أساسية في المشهد الفني في سورية ولا يمكن الاستغناء عنهم أبداً. نحن وصلنا إلى مشكلة في الأزمة السورية، وكأن الجمهور سينقسم بين جمهور موالاة وجمهور معارضة، في وقت لا يوجد جمهور موالٍ وجمهور مُعارِض في الفن، بل هناك جمهور سياسي موالٍ وجمهور سياسي معارِض. أما جمهور الفن، فهو جمهور ثقافي. والفنان مَعني بتقديم مشروعه الفني وليس السياسي، وعندما يقدم مشروعاً سياسياً، فهو يراهن على محبة الناس. الناس لا ينتخبون الفنان إنما يحبّونه، أما السياسي فإن الناس ينتخبونه وهو يَشتريهم.• في رأيك، ما سر استمرار مسلسل «باب الحارة» الذي انتهيتم من تصوير الجزء التاسع منه، بالرغم من الانتقادات التي يتعرض لها. فهو يُهاجم دائماً ويتم التحدث عند عرْض كل موسم منه عن أخطاء إخراجية وتمثيلية وتاريخية... الخ. وبالرغم من كل ذلك، فهو مستمر ويحظى بنسبة مشاهدة عالية جداً ويُفاجِئ دائماً بأنه من الأعمال الاكثر رواجاً وطلباً؟- الجواب على الشقّ الأول من السؤال حول أن «باب الحارة» يُهاجم جداً، فلأنه أصبح ملك الجمهور، والجمهور حسابه عسير وأنا أرحّب بكلّ حساب عسير وصادق لأنه يمتحن الفنان. ومع ما قدّمه «باب الحارة» من اقتراحات حكايا، أعتقد أن البعض منها كان مرْضياً عنه والبعض الآخر غير مرضي عنه. سبق أن تركتُ المسلسل في جزئه الثاني، وبعدها لم أتواجد في 90 حلقة، على أساس مات «أبو عصام». ومع عودة «أبو عصام»، حاولنا تقديم حكايا مهمة وأعتقد أننا وصلنا إلى مستوى يجب أن يناقش. لا أريد أن أقول إنه جميل، لأنه لا يحق لي أن أصف أي عمل أشارك فيه بالجمال، لأن الأمر يتحول إلى تهمة وإدعاء. الناس هم الذين يتكلّمون عن العمل وليس أنا. أنا لم أبدِ أي رأي حول «باب الحارة» على الإطلاق، حتى عندما كنتُ خارجه، بل كنت أستمع إلى الناس، وأعتقد أن الناس والجمهور دائماً على حق مهما كان رأيه، حتى لو رفض كل المشروع، وهذا حق الجمهور الأول والأخير. الجمهور هو البورصة الأساسية لنجاح أي عمل، ويستحيل أن يتحقق أي نجاح من دونه. ولأن «باب الحارة» أصبح مسلسلاً غالياً على الجمهور، فإنه يحسابه بطريقة صعبة.• والنقّاد يحاسبون أيضاً؟- طبعاً. النقاد يحتكمون أيضاً إلى رأي الجمهور. أما بالنسبة إلى ما هو سر أن مسلسل «باب الحارة» ما زال قائماً وموجوداً، فلأنه أولاً يقدم جرعة كبيرة من الاهتمام على صعيد «الميديا»، وهذا يشكل عنصر جذب كبيرا للإعلان وللدعايات، وهو يحقق دعاية كبيرة جداً. وثانياً، مسلسل «باب الحارة» بالنسبة إلى الجمهور، أصبح طبقاً رمضانياً شهياً لا بد من حضوره على المائدة. هو مادة رمضانية بامتياز. هذه وجهة نظري والجمهور هو صاحب القرار دائماً.• هل أنت راضٍ عن النسخة الأخيرة من المسلسل، أم توجد لديك اعتراضات؟- هي ليست اعتراضات، ولا يمكن التحدث في هذا الموضوع وكأنه حصلتْ مشاكل. هو مشروع مقترح جماعي موجود، والحكاية جميلة وأعتقد أنها ستكون مؤثّرة وأنا أتمنى ان تكون مؤثرة وجذابة. نحن على أبواب رمضان وما علينا سوى أن ننتظر.• هل صحيح أنه سيَظهر لديك ولد جديد في الموسم الجديد؟- هذا صحيح. أبو عصام سيُرزق بطفل.• كم عدد الأعمال التي ستطل من خلالها في رمضان 2017؟- لا أعرف. حالياً هناك «باب الحارة» و«ترجمان الأشواق». المشكلة أننا نصوّر الأعمال، ولكننا لا نعرف إذا كانت ستُعرض في رمضان أم خارجه.بالنسبة إلى «باب الحارة» فهو عمل رمضاني، ولكن لا نعرف بالنسبة إلى الأعمال الأخرى، علماً أن المنتجين يفضّلون أن يعرضوا في رمضان، لأن السوق تفتح أكثر والأرباح تكون أكبر والأسعار أفضل بالنسبة إلى الحلقة التلفزيونية.• لماذا حرصتَ على العمل في الدراما السورية وهل أنت ضدّ عمل الممثل في الدراما غير السورية؟- على العكس تماماً، وأنا شاركتُ في الدراما المصرية بأكثر من عمل.• ولكنك لم تكمل؟- هذا صحيح. أنا بطيء في اتخاذ القرارات بالنسبة إلى المشاريع الفنية التي تصلني من خارج سورية، و«لسة الطبخات موجودة في المطبخ». توجد بين يديّ أعمال بعضها لمصر وبعضها الآخر لغير مصر، أي خارج سورية.• وكلها مشاريع قائمة؟- نعم كلها مشاريع قائمة ومقترحة، ومن الممكن أن تتم بكل بساطة. أحياناً الشؤون الشخصية تؤثر على قراراتي ويمكن أن أرفض عملاً خارج سورية لكي أبقى إلى جانب أولادي وعائلتي.• كيف تصف الدراما السورية اليوم؟ هل هي في مرحلة ازدهار أم في مرحلة تَخبُّط وتَراجُع؟- الدراما السورية الآن في وضع «خضّ بدن»، ومختلة التوازن. هي اليوم في مرحلة خارج التوازن، لأن المشهد الفني في سورية اليوم مرتبك. هناك أعمدة أساسية، من نجومٍ ومخرجين وكتّاب ومثقفين ومنتجين ومساهمين رئيسيين في بناء ونهضة الدراما السورية موجودون خارج البلد. وهؤلاء شركاء حقيقيون، وكان لهم حضور وإنجازات كبيرة في تاريخ الدراما السورية. الأزمة ساهمت إلى حد بعيد في التأثير على الدراما، سواء على مستوى الإنتاج أو على مستوى ما يُقدّم في شكل عام.• هل يمكن اعتبار أن «باب الحارة» هو العمل الذي يجعلنا نقول إن الدراما السورية لا تزال موجودة ومستمرة، وهنا أقصد كعمل متابَع؟- على الإطلاق. لا يمكن لمسلسل «باب الحارة» أن يختصر الدراما السورية وأن يكون المعبّر الوحيد عنها أبداً. هناك أعمال أهمّ بكثير من «باب الحارة»، وأنا أقول هذا الكلام على مسؤوليتي مع أنني بطل «باب الحارة».• أقصد أن «باب الحارة» هو أوّل عمل يَحْضر في أذهان الناس، عندما يتم التطرق إلى موضوع الدراما السورية، لناحية المتابعة وليس كمضمون وكقيمة فنية؟- «هذا حكي بالسوق»، وأنا أحترمه، ولكنني أختلف معه في الموقف.• الأعمال الأخرى رغم جودتها، لا تحظى بنسب مشاهدة كالتي يحظى بها مسلسل «باب الحارة». هل هذا أمر مؤلم؟- في العام 2008 قدّمتُ عملاً بعنوان «الاجتياح»، وهو حصد الجائزة الذهبية الأولى في العالم كمسلسل، وهي جائزة «إيمي أووردز» في نيويورك. ورغم ذلك، لم تعرضه قناة عربية ما عدا «mbc». هو عمل يتحدث عن فلسطين. حتى القنوات الفلسطينية والقنوات التي تتكلم عن تحرير فلسطين لم تعرضه. إنها مشكلة، و«نحنا شو بدنا نواجه لنواجه».
فنون - مشاهير
لقاء / بطل المسلسل تحدّث بشفافية عن إيجابياته وسلبياته
عباس النوري لـ «الراي»: هناك أعمال أهمّ بكثير من «باب الحارة»!
عباس النوري
01:51 م