اسمح لي عزيزي القارئ ومن دون مقدمات أن أدخل في الموضوع دخلة أمن الدولة على إرهابي نائم في بيته. فأرجوك لا تفزع، فأنت لست إرهابياً ولا أنا من أمن الدولة! ولكنها خواطر أتقاسمها معك في زمن لم يعد فيه شيء قابل للقسمة سوى ثروة الوطن، ولم يعد شيء قابل للجمع سوى المعاصي التي أثقلت كاهل هذا الوطن، ولم يعد شيء قابل للضرب سوى ضرب المثل على تراجع هذا الوطن، ولم يعد شيء قابل للنقصان سوى الدعوم التي تقدمها الحكومات.عموماً، من المعروف والمجمع عليه بين جميع صالونات الحلاقة في العالم أن دارون هو صاحب أكبر لحية بين العلماء، وأن نيتشه هو صاحب أكبر شنب بين الفلاسفة، ومن المعروف والمجمع عليه بين جميع الشعوب العربية أننا نلعن الاثنين ولكننا نطبق نظرياتهما، ونستحقر مقولاتهما في العلن ونقدسها في السر.فرغم أن نظرية التطور لتشارليز دارون علمية، إلا أن لها إسقاطات اجتماعية وسياسية، فمَنْ منا لا يزال يحلم باليوتيوبيا سواء على طريقة جمهورية أفلاطون الأولى أو جمهورية الفارابي الثانية أو يوتيوبيا توماس مور الثالثة؟بل أصبحنا نعيش في جمهوريات الموز حيث تطبق فيها قواعد الانتخاب الطبيعي والبقاء للأقوى ومن عنده قدرة على التكيف مع البيئة المحيطة به، أما أولئك الثائرون على واقعهم والاستثنائيون بين قوالب من البشر وقوالب من الأنماط السلوكية وقوالب من المدجنين حضارياً، أولئك الذين يتمتعون بأخلاق رشيقة تبدو غريبة في بيئة كل ما فيها أحدب، فلا مكان لهم وسوف ينقرضون مع مرور الزمن إما من خلال «الصيادين» وإما من خلال الأقفاص!فالفيل الذي يملك الخرطوم الأقوى سيكون قادراً على شفط خيرات الوطن حتى آخر قطرة نفط، بينما الفيل الذي لا يملك ميزة التكيف فسوف يتم شفطه شخصياً حتى آخر قطرة دم.والمرأة القادرة على شفط الدهون ونفخ ما تبقى منها ستكون قادرة على إغواء الآخرين حتى آخر فلس! وأرجوك عزيزي القارئ نحن في منتصف الطريق فلا تتوقف عن القراءة الآن وأكمل معي حتى آخر قطرة حبر.أما فريدريك نيتشه فيلسوف القوة وصاحب نظرية الإنسان السوبرمان القوي الذي يصدر بقوته وسلطته مفاهيم أخلاقية جديدة يتبناها الضعفاء ويسبحون بحمدها بكرة وعشياً، فمَنْ الذي ينكر أن الطبقة العليا تصدر للطبقة الوسطى حب الدنيا، والطبقة الوسطى تصدر للطبقة الدنيا حب الآخرة، والحكومات تصدر «العبيطة» لجميع الطبقات، بينما الفاسدون يصدرون ثروات الجميع للخارج ! فالإيداعات المليونية لم تفرق بين صاحب اللحية وصاحب الشنب.وهكذا سنكتشف أن جميع أحلامنا الوردية قد ضاعت بين فلسفة أطول لحية وأكبر شنب وأن الدساتير أصبحت عقد اتفاق على الاختلاف مدى الحياة، وأن لعبة السياسة هي ثاني أقدم مهنة في التاريخ وتشبه «الأولى» إلى حد كبير. ولن تقوم لنا قائمة ما لم نستحضر في أذهاننا أن القرآن في حاجة إلى أن يُفهم، والقانون في حاجة إلى أن يُطبق، والشعوب في حاجة إلى مَنْ يقودها وليس مَنْ يدوسها، وأنا في حاجة إلى أن أخلد إلى النوم... وأراك في المقال القادم.قصة قصيرة:في مكان ما من مخيمات اللاجئين، كانت الخيمة مثقوبة من الأعلى بحيث تسمح لأحمد ذي الأعوام الأربعة أن يرى القمر بينما تحكي له أمه القصة ذاتها كل يوم...القمر شمعة كبيرة يطفئها طفل بالليل، ثم يطلق عليه رجل حكيم سهماً نارياً ليشعله بالنهار.وفي كل مرة كان ينفخ باتجاه القمر، وفي الصباح يبحث عن الرجل بين الخيام.كاتب كويتيmoh1alatwan@
مقالات
خواطر صعلوك
أطول لحية... وأكبر شنب!
04:32 ص