القلم الصادق يصنع مجداً، والكتابة الجميلة تفتح أبوابا مغلقة في وجه صاحبها، ويجب أن يكون الكاتب مخلصاً لحرفه ولوجعه ولمن يتابعه، حتى تثمر كتاباته فيصبح له قراء يحبونه ويحترمونه ويتتبعونه.
/>ارتقت الكتابة ارتقاءً معيشياً مادياً بالكثير من الكُتاب والروائيين، الذين عاشوا في بداياتهم فقراء ومحتاجين، فحينما صدقوا بإبداعهم مع الكِتابة صدقت الكتابة في عطائها الكريم معهم.
/>غابرييل غارسيا ماركيز، كاتب وروائي كولومبي، عاش في شبابه في منزل جدته، حيث كان يتقاسم هو والنمل فتات الطعام من شدة الفقر. ومن أجل طلب العيش رحل من بلده إلى أوروبا فأخذ يعمل في جمع القناني الفارغة وبيعها على المصانع. غابرييل كانت لديه موهبة الكتابة، لذا أخذ يكتب المقالات والقصص القصيرة منتقلاً من صحيفة إلى صحيفة من دون أن يمل، حتى بدأ كتابة روايته «مئة عام من العزلة» على مسودات استدان ثمنها من جاره. وحين اكتملت مسودة روايته ذهب إلى إحدى الطباعات، وطلب منها أن تطبع له نسخة واحدة من روايته كي يعرضها على دور النشر، فلما طلبت منه السيدة الطباعة مقدماً لأجر الطباعة، قال لها بكل ثقة: «بعد ان تُنشر هذه الرواية وتشتهر وتصل إلى العالمية سوف أعطيك أكثر من أجرك الذي طلبتيه!». وبالفعل بعد أن رأت النور هذه الرواية وصلت إلى العالمية وحصلت على جائزة نوبل في الآداب عام 1982، ثم ذاع صيت غابرييل كروائي مبدع وكسياسي واشترى صحيفة كوبية وبفضل إدارته أصبحت مشهورة جداً في بلاده.
/>آرثر كونان دويل، الطبيب الاسكتلندي، الذي ابتدع شخصية شارلوك هولمز القصصية الخيالية. كان ينتمي آرثر إلى عائلة فقيرة، وبعد تخرجه كطبيب سافر إلى لندن لممارسة مهنته وفتح هناك عيادة خاصة به. وبعد ثمانية أعوام من العمل في الطب لم يستفد آرثر من عيادته أي شيء مادي، ففكر أن يخوض تجربة الكتابة، فكتب قصته الأولى وكانت بعنوان «الغرفة ذات اللون القرمزي» فلاقت نجاحاً وقبولاً كبيراً عند الناس، فشجعه هذا النجاح على كتابة قصص جديدة، فكتب بعدها سلسلة قصص «شارلوك هولمز» التي اشتهرت شهرة واسعة في أوروبا وغيرها من البلدان، حتى طغت هذه الشخصية الوهمية على شهرة وشخصية مؤلفها بشكل كبير! فأصبح آرثر كونان دويل رجلاً ثرياً ومشهوراً في وطنه والعالم، وقدم العديد من الخدمات الخيرية للمرضى والفقراء والمظلومين، فكرمته ومنحته الملكة فكتوريا لقب الفارس «السير» عام 1902.
/>فرانسواز ساغان، كاتبة فرنسية مشهورة، لها العديد من الروايات العالمية. كانت في مقتبل عمرها فتاة فاشلة ومطرودة من المدرسة، فكانت تتسكع في أول الصباح في المكتبات العامة والمسارح، وعند نهاية اليوم الدراسي تعود إلى المنزل كيّ لا يكتشف أمرها من قبل أهلها، وفي يوم من الأيام ساعدتها الأقدار أن تلتقي في أحد المسارح بالمخرجة جاكلين أودري، إذ قالت لها فرانسواز ان لديها مسودة لروايتها «صباح الخير أيها الحزن». وبالفعل ساعدتها جاكلين على نشر أولى رواياتها، وكان عمرها آنذاك ثمانية عشر عاماً! وحين نزول روايتها هذه إلى المكتبات والأسواق حققت نجاحاً مذهلاً، فأخذت فرانسواز تؤلف وتؤلف حتى أصبحت ثرية ومشهورة.
/>هذه هي الكتابة، هذا هو القلم، من أخلص معهما أخلصا معه.
/>
/>حسين الراوي
/>alrawie1@hotmail.com
/>