«المشاهير يأتون ويذهبون... لكن الكُتّاب المتميزين يملكون القدرة على ترك أثر واضح في الأجيال المقبلة».إنها المديرة التنفيذية عضوة مجلس أمناء مؤسسة الإمارات للآداب ومديرة مهرجان «طيران الإمارات للآداب» إيزابيل أبو الهول، معربةً عن رأيها في ثنائية المشاهير والكتاب، مردفةً: «أنا لا يمكنني الحكم إن كان المثقفون والكتّاب في العالم العربي يحظَون بمستوى عالٍ من الدعم، مقارنة مع المشاهير في مجالات أخرى».وفي هذا الحوار الذي أجرته معها «الراي» قالت أبو الهول: «أظن أن كل الأعمال الجيدة للكتاب تستمرّ لتفيد الأجيال الآتية، بينما المشاهير لا يتركون الإرث نفسه الذي يخلّفه الكاتب».الحديث مع أبو الهول غني بالفكر والثقافة، أشارت في ثناياه إلى «أن سمو الشيخ محمد بن راشد كان الملهمَ الذي دفعها إلى تأسيس مهرجان (طيران الإمارات للآداب) الذي انطلقت فعالياته قبل أيام وتستمر حتى 11 من الشهر الجاري في مركز (دبي الدولي للكتاب) في منطقة الشندغة التاريخية»، موضحة أنها فوجئت بعطش الجمهور، الذي يفوق عتبة الـ 40 ألف زائر، إلى النقاشات الحية والذكية، وتبادل الآراء مع المجتمع المتنوع الثقافات في دبي.وتطرقت أبو الهول إلى زوايا وفعاليات متباينة تتعلق بالمهرجان وعلاقتها الشخصية به... تأتي في هذه السطور:• في البداية، هل يمكننا التعرف أكثر على إيزابيل أبو الهول؟- امرأة بريطانية، ولدتُ وتلقيت تعليمي في مدينة «كامبريدج» في بريطانيا، وفي العام 1968 قَدِمت إلى دبي المدينة التي أصبحت وطني منذ ذلك الحين، حيث بدأت حياتي العملية فيها بمجال التعليم في مدارس رياض الأطفال، واستمررت في هذا المجال لسنوات، قبل أن أسهم في تأسيس مدارس الاتحاد الخاصة، ودفعني شغفي الكبير بالكتب إلى تأسيس سلسلة مكتبات «مجرودي» العام 1975، كما أسست داراً لنشر كتب الأطفال باللغتين العربية والإنكليزية، وبدعم من مؤسسة «محمد بن راشد آل مكتوم» قدَّمت مبادرة «بستان القصص» ضمن خطة طموحة لتطوير التعليم باللغة العربية، وتعزيز دور المطالعة في حياة الطفل.وفي 2008 أسست مهرجان «طيران الإمارات للآداب». وفي 2010 حصلت على لقب «شخصية العام الثقافية» من قبل صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم الشارقة، ثم مُنحتُ وسام الإمبراطورية البريطانية من قبل جلالة الملكة إليزابيث، ملكة بريطانيا العظمى. وفي 2012 حصلت على لقب «أيقونة الثقافة» لدولة الإمارات العربية المتحدة. وفي 2013 حصلت على التقدير والاعتراف الرسمي بحملتي وجهودي الدؤوبة لمحو الأمية وغرس حب المطالعة وحب الكتاب في نفوس الأطفال. وفي 2014 نلت جائزة «الشخصية الثقافية المميزة» من مؤسسة «العويس الثقافية» في دورتها الـ 21، وأيضاً على جائزة «تايم آوت» للمساهمة المتميزة العام 2014.وفي 2013 و2014 اختارتني مجلة «أعمال الشرق الأوسط» ضمن البريطانيين الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط، ومنحتني لقب المرأة الأكثر إلهاماً من بين البريطانيين الذين يعيشون في دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذلك في 2013 وإبّان انعقاد الدورة الخامسة لمهرجان «طيران الإمارات للآداب» عينني صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بمنصب رئيسة تنفيذية للمؤسسة وعضوة مجلس أمنائها. وفي 2015 حصلت على لقب «سيدة الإنجاز» من قبل جوائز «Femina» الشرق الأوسط. ومع هذا كله، أشارك في تقديم البرنامج الأسبوعي «حوار حول كتاب» على إذاعة «دبي آي 103.8».• وما الذي دفعك فعلياً لتأسيس مهرجان «طيران الإمارات للآداب»؟ وهل كانت انطلاقته بنفس المستوى الذي كنت تتوقعينه؟- لقد ألهمتني منذ البداية رؤية وقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وهي تركّز في أحد جوانبها على جعل المستحيل ممكناً، وتمكين كل شخص من اعتبار دبي ودولة الإمارات وطناً له، وإطلاق أحلامه وتحويلها الى واقع. فأردت أن أعزز مغزى تلك الرؤية وأشجّع الناس، خصوصاً الأطفال على القراءة من أجل متعة القراءة بحد ذاتها، نظراً للفوائد الجمّة التي تتيحها القراءة المستمرّة. لقد نظّمنا أول مهرجان في العام 2009 ونما وتطوّر وتضاعفت أهميته عاماً بعد عام. وقد فوجئتُ في العام 2009 بعطش الجمهور وحماسته للنقاشات الحية والذكية، وتبادل الآراء مع المجتمع المتنوع الثقافات في دبي، والشعور بالتشويق والسعادة برؤية الكتّاب المشهورين والاستماع إليهم. منذ البداية، كان المجتمع التعليمي معنياً بنشاطنا وتبنّى المهرجان باهتمام كبير وكان هذا الأمر مهماً جداً، وكان الهدف من فكرة برنامج المهرجان التعليمي الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الشباب وتشجيعهم على القراءة والاستمتاع بها. في العام 2009، استضفنا 65 كاتباً في دبي، وفي العام 2017 تخطى العدد الـ 180 كاتباً.• ما التغييرات التي حصلت في المهرجان منذ بداية انطلاقته إلى اليوم؟- لقد نما المهرجان من 3 أيام إلى 9 أيام وفاق عدد حضوره في العام الماضي عتبة الـ 40 ألف زائر. وهذا العام، سيكون تأثير المهرجان إيجابياً على 25 ألف طالب من خلال «أيام التعليم»، «جلسات الطلاب»، «زيارات الكتّاب للمدارس» والمسابقات.• بعد حصول المهرجان على لقب «أفضل مهرجان في الشرق الأوسط»، مرات عدة، ما الجديد الذي سنراه ونلمسه في الدورة الحالية التي انطلقت بتاريخ 3 وتستمر حتى 11 من الشهر الجاري؟- لكل دورة من مهرجان نكهتها الخاصة من خلال انضمام مجموعة جديدة من الكتّاب إلى الكتّاب السابقين، وهناك تناغم خاص بين الكتّاب، فكل كاتب مشارك هذا العام يستحقّ موقعه على قائمة نشاطاتنا، وهو سيسعد الحضور ويلهمهم بعمله.• وما الفعاليات الخاصة والمرتبطة بعالم المأكولات لهذا العام؟- لدينا هذه السنة نشاط الغذاء المقدّم من نيشا كاتنا، وشاي بعد الظهر من تصميم ناديا حسين الفائزة بجائزة «غريت بريتيش بيك أوف 2015»، وعودة ميردر ميستري، وأمسية أبيات من أعماق الصحراء اللذين يلقيان إقبالاً كبيراً، إضافة إلى فعاليات جديدة «التوابل على طريق الحرير: نقاش نادي العشاء» مع بيتر فرانكوبان وسابرينا غايور، وحدث «مأدبة عشاء من أجل سورية»، وهو عشاء خيري سيعود رَيعه إلى الهلال الأحمر الإماراتي لتوفير المساعدة الإنسانية لأطفال سورية.• وهل هناك فعاليات أخرى ستتوافر في المهرجان؟- سنغطي جلسات الحوار فئة الكوميديا والرسوم المتحرّكة الجديدة التي ستتضمن ميس مارفل والمشاركة في ابتكارها سنا أمانات، ومبتكر «فريج» محمد سعيد حارب، والألعاب والتكنولوجيا مجموعة من المواضيع ومن ضمنها إيلون ماسك، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعية وقطاع الألعاب. كما سيستمتع الزوار بقراءة مسرحية حية لعمل لأحد الكتّاب، وسيتم تأدية «حياة صوفية» من ليلى أبو العلا، وهي نسخة مقتبسة عن قصة قصيرة من كتابها «الأنوار الملوّنة» والمعدّلة لإذاعة «BBC4» كجزء من دورة بمشاركة ممثلين محليين، وإلى أولئك الذي يرغبون في إحياء ذكرى جين أوستن سيتيح لنا المبدع في الاقتباسات على الشاشة الكبيرة أندرو ديفيس الاحتفال بقصصها وشخصياتها المفضّلة مثل إلينور داشوود، إليزابيت بينيت ومستر دارسي، وختاماً أنا أضمن لكم أن كل شخص سيجد ما يحبّه في المهرجان.• هل لك أن تذكري بعضاً من أبرز أسماء الكتّاب والمؤلفين ممن يشاركون في الدورة الحالية؟- تتضمن قائمة الكتّاب القصّاص الشهير جيفري آرتشر، ناديا حسين الفائزة بمسابقة «غريت بريتيش بيك أوف»، مذيع «BBC» جيمس نوتي، مقدّم البرامج التلفزيونية آلان تيتمارش، صاحب المشاريع الخلاقة جو مالوني، وهناك أيضاً مراسل «BBC» الحائز جائزة تقديرية فرانك غاردنر، الممثل والكوميدي والعالم بن ميللر، كاتب قصص الخيال العلمي بيتر هاملتون. كما تشارك كاتبة قصص الجرائم لأكثر الكتب مبيعاً في العالم ومنتجة السلسلة التلفزيونية كاثي ريشس، وكذلك إريك فان لوستبادر الذي نشر روايته العاشرة جيسن بورن، وحفيد إرنست همنغواي الكاتب والمترجم جون همنغواي. وتتضمن قائمة كتّاب قصص الأطفال فرانسيس هاردينغ «شجرة الكذب»، وكاتبة سلسلة هوريد هنري، فرانشيسكا سايمون، ومبتكر سلسلة فريج التلفزيونية محمد سعيد حارب، وكاتبة سلسلة غرينباي لوسي هوكينغ، والكاتبة الفلسطينية الحائزة على جوائز تقديرية سونيا نمر والفائزان بميدالية كارنيغي تانيا لاندمان «الجحيم والمد»، وبيرس تورداي «سيكون هناك قصر» والكثير غيرهم.• هل من شخصيات إماراتية مشاركة؟- طبعاً، وتتضمن كلاً من سمو الشيخ عبد العزيز بن علي النعيمي من عجمان «الشيخ الأخضر»، عمر سيف غباش سفير دولة الإمارات إلى روسيا وكاتب «رسائل مسلم شاب»، بدر نجيب، الشاب الإماراتي الذي يتحدّى المعايير بين الجنسين والفائز بالرواية الإماراتية إرمان اليوسف التي ستناقش مسيرتها المهنية في الكتابة، وكذلك الكاتب الشهير عبدالعزيز المسلّم.• هذا المهرجان يأتي تدعيماً للغتنا العربية، فما الذي تعنيه لك اللغة العربية، وما مدى صعوبة تعلمها من وجهة نظرك؟- أمنيتي هي أن يعمل الأهل والمدرّسون وأمناء المكتبات على تنمية الحب للغة العربية لدى الأطفال الذين هم مسؤولون عنهم وعلى حبّ القراءة منذ الصغر. اللغة العربية هي واحدة من أكثر اللغات المحكية في العالم وهويتنا مرتبطة بشكل وثيق بلغتنا الأم.• هل تعلم التحدث باللغة العربية صعب؟- تعلّم التحدّث باللغة العربية ليس أصعب من تعلّم أي لغة أخرى. ولكن، مع تطوّر اللغة عبر العصور اعتُمدت لهجات وكلمات مختلفة. وبينما هناك شكل موحّد معتمد للغة العربية الحديثة التي يستخدمها الجميع، يمكن أن يجد الأطفال أن تعلّم القراءة يشكّل تحدياً أكبر حيث إن اللغة المكتوبة تختلف قليلاً عن اللغة المحكية. أنا أؤمن بكل صدق بأن رحلة كسب اللغة المحكية والمقروءة تبدأ في البيت ومنذ الصغر. والحصول على الكتب المصوّرة بالنسبة إلى الأهل والمربين الذين يمضون وقتاً كل يوم في قراءة قصة لأطفالهم هو شيء مهم.• حصلت على العديد من التكريمات سواء في الإمارات العربية المتحدة أو في بريطانيا... فما الذي لا يزال في جعبتك بعد للوصول إليه؟ وما التكريم الأقرب والأبرز إلى قلبك؟- إن أكثر ما يُسعدني هو كوني «أُماً» لخمسة أطفال رائعين وجدة لأربعة أولاد، لا شيء في الحياة يمكن أن يمنحني سعادة وحباً أكبر من تربية الأطفال.• هل تعتقدين أن المثقفين والكتّاب في العالم العربي يحظون بمستوى عال من الدعم مقارنة مع المشاهير في مجالات أخرى؟- لا يمكنني الحكم على هذا الأمر ومعرفة ما إذا كان المشاهير أو الكتّاب يحظون بدعم أكبر، ولكنني أظن أن كل الأعمال الجيدة للكتاب تستمرّ لتفيد الأجيال المقبلة، والمشاهير يأتون ويذهبون، لكنهم لا يتركون الإرث الذي يخلّفه الكاتب.