في الكويت لا ينطبق المثل القائل «رش المياه عداوة» مع ما تشهده البلاد من تقاليد رش المياه التي تبعث على السرور والفرح، أثناء الاحتفالات الوطينة بعيدي التحرير والاستقلال. ففرحة الآباء والأمهات بأبنائهم وهم يشاهدون البسمة ترتسم على شفاههم، جعلتهم يوقنون بأن «رش المياه محبة».رغم حداثة ظاهرة الاحتفال برش المياه التي ظهرت بعد قرار الهيئة العامة للبيئة بمنع استخدام الفوم أثناء الاحتفالات بالأعياد الوطنية، لانطوائه على مخاطر صحية وبيئة، فقد أصبحت هذه الظاهرة السمة الأبرز التي تميز الاحتفالات الكويتية، ولاسيما عند الأطفال الذي ينتظرون هذه المناسبة بفارغ الصبر.جهود الهيئة العامة للبيئة نجحت سابقا في إصدار قانون بتجريم استخدام الفوم في الاحتفالات الوطنية، بات لا يروق لها مشاهد كميات المياه التي تهدر في هذه الاحتفالات دون وجه حق، فهل تنجح هذه المرة بالتعاون مع وزارة الكهرباء والماء في دفع مجلس الوزراء إلى تبني قانون مماثل يجرم هدر المياه في الشوارع أثناء الاحتفالات، وتكون قادرة في نفس الوقت على مواجهة الشارع الذي لم يعد لديه وفق آراء عينة التقتهم «الراي» خيارا سوى الاحتفال برش المياه.ولأن الموضوع يتعلق بالماء، توجهت «الراي» إلى «أهل مكة» وهم منتجو المياه، لتتعرف على انطباعاتهم حول ظاهرة رش المياه في الاحتفالات الوطنية، حيث يبذل هؤلاء العاملون في محطات تقطير المياه ومحطات الضخ والتوزيع، جهدا مستمرا لتأمين ايصال المياه بكميات مناسبة لعموم المستهلكين.يقول هؤلاء العاملون «ان أكثر شيء يحز في خاطرنا ان نرى عرقنا يهدر في الشوارع دون وجه حق، متمنين على هؤلاء ان يعبروا عن فرحتهم بشكل أو بآخر بعيداً عن هذه النعمة التي يكلفنا إنتاجها جهدا و أموالا كبيرة». ويضيفون «ان المشكلة ليست في كثرة أو قلة معدلات المياه المهدرة من قبل المحتفلين، وإنما في كيفية غرس المفاهيم في نفوس أطفالنا التي تؤكد أهمية المحافظة على نعمة المياه من الهدر، كيف نغرسها ونحن نسمح لهم برش المياه وهدرها في آن واحد، وكيف بعد ذلك يصدقنا أطفالنا عندما نقول لهم ان المياه نعمة تجب المحافظة عليها».ويتابعون «نحن نريد ان نفرح ونسعد أطفالنا، فكل واحد منا لديه أطفال وأسرة يريد اسعادها في ذكرى الاحتفالات، ولكن علينا ان نبحث عن الوسيلة المناسبة التي يمكن ان تفرحهم دون ان نهدم مبادئنا التي نريد ان نربي أطفالنا عليها».من ناحية أخرى التقت «الراي» بعدد من المواطنين لمعرفة رأيهم في رش المياه في ذكرى الاحتفالات الوطنية والانتقادات الموجهة لهذه الظاهرة من قبل الهيئة العامة للبيئة، فقال أبوفهد «ان أطفالنا ينتظرون الأعياد الوطنية بلهفة حتى يلهون برش المياه ويطلبون منا قبل الاحتفال بشهر كامل شراء متطلبات الاحتفال من ملابس ومسدسات مياه وبلونات مياه وغيرها، لذا أرى ان الفرحة من دون رش مياه لن تكون مكتملة».أما المواطن ناصر الصانع فيؤيد سلفه ويرى «ان كمية المياه التي يستخدمها الأطفال في الرش أثناء الاحتفالات الوطنية لا تتجاوز نسبة 1 في المئة من كميات المياه التي يتم هدرها في غسيل السيارات عندما تكون الأجواء مغبرة وري الحدائق، فمن الأفضل ألا تتفلسف البيئة في أمور من شأنها ان تطفئ فرحة أطفالنا بالأعياد الوطنية ويكفيها منعها الفوم».وأما في وزارة الكهرباء والماء ففي أكثر من مناسبة ذكرت الوزارة عبر عدة بيانات في توقيتات مختلفة بأنها لا يوجد لديها قانون يعاقب المستهلكين، وكل ما تملكه توجيه انذار لصاحب حالة الهدر لمراجعة الوزارة لدفع ما عليه من مستحقات لعله يدرك قيمة المياه التي يهدرها.وقال وكيل الوزارة المهندس محمد بوشهري لـ «الراي» ان الوزارة تشارك المواطنين خلال هذه الأيام فرحة الاحتفال بالأعياد الوطنية وتتمنى من الله ان يديم هذه النعمة على الكويت.وأضاف بوشهري ان الوزارة لا تدخر جهداً في توفير خدمتي الكهرباء والماء لعموم المستهلكين وتتمنى على جميع المحتفلين ان يراعوا هذه الجهود المبذولة من قبل أبنائهم وبناتهم العاملين في وزارة الكهرباء والماء الذين يعملون على مدار الساعة لتأمين وصول الخدمات لجميع المستهلكين، وعلينا ان ندرك قيمة قطرة المياه التي تكلف الوزارة منذ إنتاجها وتوزيعها وصولا للمستهلكين الكثير من المال والجهد، مبينا ان هناك أساليب كثيرة يمكن التعبير بها عن فرحتنا بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا.وأوضح بوشهري ان ثقافة الاحتفال يجب ان تكون راقية تتناسب مع طبيعة المجتمع الكويتي وألا تكون مقتصرة في هذه الاحتفالات على هدر المياه، لافتا إلى انه في إحدى السنوات السابقة تم رصد زيادة استهلاك في معدل المياه تقدر بـ 14 مليون جالون مقارنة بالأيام العادية، الأمر الذي يكلف الدولة أموالا طائلة.
محليات
«البيئة» غير راضية عن الظاهرة وقد تتحرك في هذا الاتجاه... والمنتجون: هدرٌ لا يقدّر جهود توفيرها
هل يُمنع «رش المياه» في الاحتفالات الوطنية ؟!
08:33 ص