بعد انتهاء فعاليات الحفل المبهر لتدشين رؤية الحكومة التنموية للأعوام المقبلة تحت شعار «كويت جديدة»، لابدّ من التوقف ملياً عند بعض الحقائق والأرقام الواردة في الخطة. فقد بينت الملاحظات الأولية على الميزانية الجديدة التي استعرضها نائب رئيس الوزراء، وزير المالية، أنس الصالح، أن جهود التقشّف وضبط الإنفاق بحاجة إلى «إعادة نظر».حسابياً، تبين الأرقام أن بند المرتبات وما في حكمها، ارتفع بنحو 324.6 مليون دينار، ليصل إلى 10.759 مليار، وذلك على الرغم من الحديث عن صور التقشف العديدة، والتي تمثلت بوقف الكثير من المزايا والمكافآت والبدلات وغيرها من علامات رفع الدعم عن بعض المواد والسلع.وأظهرت الأرقام كذلك ارتفاع بند الدعومات بواقع 207.5 مليون دينار، ليسجل وفق الميزانية التقديرية للعام المقبل نحو 3.13 مليار دينار، وذلك مقارنة بـ 2.93 مليار دينار خلال العام المالي الحالي.في هذه الأثناء، تباينت آراء «أهل البزنس» بخصوص المشاريع والأرقام التي جاءت في رؤية «نيو كويت»، إذ إن البعض اعتبر أنها مؤشر «جيد» في حين رأى البعض الآخر أنها لم تكن قدر المأمول.رئيس اتحاد المصارف، رئيس مجلس إدارة مجموعة «برقان» ماجد العجيل، عبّر عن تفاؤله بالخطة الجديدة، معتبراً انها تتضمن أعمالاً ممتازة، وأنها خطوة نوعية لجهة مشاركة الحكومة في طرح خطتها التنموية أمام جميع الجهات المعنية من شركات ومواطنين.في المقابل، اعتبر الخبير الاقتصادي، علي رشيد البدر، أن السؤال الملح الذي يطرح نفسه هو «هل برامج التنمية المستهدفة وفقاً للخطة المعلنة تزيد إيرادات الدولة من العملة الصعبة إلى الحدود التي يمكن معها أن توزاي مستقبلاً حتى ربع الإيرادات النفطية؟ وهل مشاريعها (الخطة) محفزة لقيام شركات وطنية قوية تتمدد إقليمياً؟».وفي إجابة عن هذه التساؤلات، قال البدر «لا أعتقد أنها تستطيع تحقيق هذه الأهداف»، مشيراً إلى أن التنمية الحقيقية لا تكتفي بتشييد الأبراج وشق الطرقات، فإذا كانت الخطط الحكومية المعلنة للتنمية حتى 2035 تضمن توفير مكاتب واسعة مطلة على البحر وطرق ومستشفيات، إلا أن جميعها تدرج تحت بند المشاريع الإنشائية التي لا يترتب عليها آثار مالية لجهة توفير العملة الصعبة للبلاد مستقبلاً، بل انه في حقيقة الأمر هي عبارة عن مشاريع تحتاج مستقبلاً إلى مصاريف إضافية من أجل أعمال الصيانة.من ناحيته، رأى أمين سر اتحاد العقاريين، قيس الغانم، أن إعلان الحكومة لرؤيتها (كويت جديدة 2035) لن تؤثر بشكل إيجابي على السوق العقاري، مشيراً إلى أن القطاع يحتاج إلى تعديل بعض القوانين قبل أن نفكر في رؤية جديدة.وشدّد الغانم في تصريح لـ «الراي» على ضرورة أن تكون هناك جدية في كل خطوة تقبل عليها الحكومة، معتبراً أنه لتحقيق هذه الرؤية ينبغي على الحكومة تذليل المعوقات من أمام المستثمرين في العقار، وإشراك القطاع الخاص في مشاريع الإسكان.وتمنى الغانم على الحكومة أن تعي تماماً ما ستقدمه للاقتصاد والقطاع بشكل خاص، داعياً إلى تقديم حلول لجميع المشاكل أولاً، حتى لا يفهم البعض الخطط والمشاريع على أنها «كلام بدون فعل».