«ساير الجنة»... فيلم يلفت الأنظار إلى طفولة تفتقد الحنان، ويدعو إلى التمسك بالتقاليد.فضمن فعاليات مهرجان القرين الثقافي في دورته الـ 23، عرض مساء أول من أمس في سينما ليلى جاليري «سينسكيب» الفيلم الإماراتي العائلي «ساير الجنة»، وهو فيلم اجتماعي وتربوي بامتياز يتناول جملة من القضايا في المجتمع الخليجي عامة، والمجتمع الإماراتي على وجه الخصوص، ومن أبرز قضاياه، الترابط الأسري وبر الوالدين، واحترام الصغار للكبار، ويهدف الفيلم إلى غرس القيم والمفاهيم الصحيحة في نفوس الأطفال والناشئة، ويرسخ العادات الأصيلة في أذهان الجيل الحالي، خوفاً عليها من الاندثار تحت غبار العولمة والثورة التكنولوجية الحديثة، كما يحمل في ثناياه العديد من المواقف الإنسانية العميقة.الفيلم من تأليف وإخراج سعيد سالمين، ويتقاسم بطولته أحمد الزعابي، عبدالله مسعود، فاطمة الطائي، مريم سلطان، وجمعة الزعابي، في حين تولت شركتا «إيماجنيشن» و«الرؤية الفنية» وآخرون مهمة إنتاجه.تدور أحداث الفيلم الذي ينتمي إلى أفلام الطرق، حول الفتى سلطان الذي يفقد والدته في طفولته، ويكابد قسوة زوجة أبيه التي تعنفه باستمرار، قبل أن يعثر على صندوق قديم يحتوي على صورة لجدته، وخلف الصورة يوجد عنوانٌ يعتقد الطفل أنه محل إقامتها في مدينة الفجيرة، لتنطلق بعد ذلك رحلته للبحث عن الحنان المفقود برفقة صديقه سعود، فبعد عناء طويل يجد سلطان سيدة تشبه جدته، فيظنها هي، لكنها لم تضن عليه بالدفء والحنان اللذين يفتقر إليهما في عمره الصغير.وبرغم الحبكة الدرامية المتقنة التي شهدها العمل السينمائي، ومرونة التنقل في أكثر من موقع خلال التصوير، فإن النهاية اكتنفها الكثير من الغموض، وإن كان مخرج العمل سعى إلى فك رموزها، خلال الندوة النقاشية التي أعقبت عرض الفيلم، وقد تباينت آراء المنتدين حول النهاية، لكن المخرج سعيد سالمين أكد أنه يفضل النهايات المفتوحة التي تتعدد فيها مستويات القراءة للفيلم، إذ يحاول كل شخص أن يضع النهاية التي يراها في مخيلته، وتتناسب مع ثقافته ورؤيته الخاصة!سالمين تطرق أيضاً إلى الصعوبات التي واجهته أثناء كتابة النص، إلى جانب إخراجه للفيلم، لافتاً إلى أن العمل مع أطفال لم يسبق لهم التمثيل كان أمراً بالغ الصعوبة والتعقيد، حيث أخذ وقتاً طويلاً بغية تدريبهم، ولكي يعتمد عليهم في بطولة هذا الفيلم.وفي إطار النقاش كانت للمخرج حبيب حسين، مداخلة قصيرة ولكنها دالة، فقد شدد على ضرورة إدخال الجانب الإنساني في السينما الخليجية، عوضاً عن الأكشن والعنف اللذين تزخر بهما السينما العربية والعالمية، ملخصاً رؤيته بالقول: «ما أحوجنا اليوم إلى القضايا الإنسانية، في ظل الظروف الراهنة».من زاويته، عرج الناقد السينمائي عماد النويري على المسيرة السينمائية لدولة الإمارات، التي باتت تشهد طفرة حقيقية في السنوات الأخيرة، لافتاً إلى أن الإمارات قد تكون الدولة الخليجية الوحيدة التي تنفق على الإنتاج السينمائي بما يكفل ظهور أعمال متميزة، ومشيداً بعدد من المخرجين الإماراتيين الذين وضعوا بصمة كبيرة في هذا المجال، ومنهم المخرج سعيد سالمين.في هذا السياق أشار منسق «استوديو الأربعاء» علاء البربري في مداخلته أن نهاية الفيلم ربما كانت صادمة وغير متوقعة، غير أن الفيلم قدم دعوة صريحة إلى الجيل الحالي لاكتشاف أصالة الماضي، وهو ما عبّرت عنه بوضوح شخصية الطفل سلطان الذي يمثل الحاضر ورحلته للعثور على جدته التي ترمز إلى الماضي، كما يحمل الفيلم في طياته رسالة مهمة لهذا الجيل، مُفادها ضرورة التشبث بالعادات والتقاليد الثابتة والنبيلة التي جُبل عليها الآباء والأجداد منذ القدم.
فنون - سينما
فيلم إماراتي عرضته «سينسكيب» ضمن فعاليات «القرين الثقافي» الـ 23
«ساير الجنة»... رحلة البحث عن الحنان المفقود!
09:46 ص