منذ فجر التاريخ، وقبل اكتشاف العقاقير الصيدلانية المتعارف عليها حالياً، أدرك الإنسان أن هناك أغذية كثيرة تنطوي على مناجم استشفائية مفيدة جداً سواء للوقاية من الأمراض أو لمعالجتها. وهذه الزاوية تسلط الضوء على بعض «الكنوز» الكامنة في تلك «المناجم».رائحته الزكية تثير الشهية وتحرك الرغبة في تذوق طعمه... حتى إذا لم يكن المرء جوعانا.إنه «الزعتر البري» الذي أثبتت دراسات وتجارب علمية أنه ينطوي على فوائد غذائية متنوعة كثيرة، من بينها أنه ينشط وظائف المخ والجهاز الهضمي، ويكافح حب الشباب، ويكبح سرطاني الثدي والقولون.يحوي الزعتر البري عناصر ومركبات عدة مفيدة تغذويا وعلاجيا. فإلى جانب قيمته الغذائية العالية، تُستخلص من الزعتر البري مواد زيتية وعطرية تدخل في صناعة بعض العقاقير الحديثة، فضلا عن أنه يستخدم منذ قديم الزمان في تحضير وصفات علاجية تقليدية في مجال طب الأعشاب، إذ إن زيت الزعتر والزيت العطري الذي يستخلص غنيان بمادة الثيمول المضادة للجراثيم، والتي تعتبر المادة الفعالة الأساسية في تركيبة مستحضرات تطهير الفم السائلة. وبفضل مادة الثيمول، كان المعالجون قديما يستخدمون زيت الزعتر لمكافحة الفطريات والبكتيريا قبل أن يكتشف العلم الحديث المضادات الحيوية.في التالي نلقي مزيدا من الضوء على هذه الفوائد الكامنة في تلك العشبة التي تتميز بكونها غذاء ودواء:• المخ والجهاز الهضميإلى جانب احتوائه فيتامينات C وA وK وعناصر الحديد والمنغنيز والكالسيوم، يتميز شاي الزعتر البري بكونه غنيا بعناصر غذائية مفيدة، بما في ذلك مادة الثيمول العطرية المضادة للأكسدة والتي تسهم في زيادة أحماض أوميغا 3 الدهنية في خلايا الدماغ. كما يفيد هذا الشاي أيضا في تنشيط وتطهير الجهز الهضمي، فالأحماض الدهنية الموجودة فيه تساعد على تحسين عملية الهضم وتخليصه من أنواع البكتيريا والجراثيم الضارة.• سرطاني القولون والثديخلصت دراسة أجريت في البرتغال قبل 4 سنوات إلى أن خلاصة الزعتر البري تلعب دورا ايجابيا ومؤثرا في الوقاية من سرطان القولون، إذ أن الزعتر يحوي مكونات مطهرة وبمضادات حيوية طبيعية تتمتع بمفعول كابح لنمو وانتشار الخلايا السرطانية. كما رجّحت دراسة أخرى أجريت في جامعة جلال بايار التركية أن لمستخلصات الزعتر البري تأثيرا شفائيا فعالا في مكافحة خلايا سرطان الثدي، إذ ان عناصره تسهم في القضاء على تلك خلايا الخبيثة والحؤول دون انتشارها إلى أنسجة أخرى. ورأت الدراسة أن هذا الأمر يؤهل الزعتر البري كأحد أكثر الأعشاب المرشحة للدخول في انتاج عقاقير لمعالجة سرطان الثدي.• ارتفاع ضغط الدمأظهرت نتائج دراسة بحثية مختبرية صربية أجريت قبل سنوات قليلة أن الزعتر البري يسهم بشكل ملحوظ في ضبط مستوى ضغط الدم. ووفقا لنتائج الدراسة التي أجريت على فئران تجارب، فإن للزعتر البري قدرة ملحوظة على تخفيض ضغط الدم وإعادته إلى مستوى قريب من مستواه الطبيعي. ورغم أن تلك الدراسة ما زالت تحتاج إلى مزيد من الأبحاث لتحديد العناصر التي تخفض ضغط الدم، فإن هذه الفائدة أصبحت شبة مؤكدة.• الزعتر كغذاءإلى جانب فوائده العلاجية المشار إلى بعضها آنفا، يقوم الزعتر البري بدور تغذوي مهم، حيث يندرج ضمن الأعشاب والتوابل المشهية التي تضاف لإكساب نكهة متميزة إلى بعض الأطعمة المطبوخة، بما في ذلك اللحوم والدجاج والأسماك والفطائر والمعجنات المخبوزة، كما تضاف خلاصاته إلى بعض أصناف المشروبات والمرطبات الباردة.