عاد مسار المحاكمات لأربعة من «حزب الله» في جريمة اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري امام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لايتسندام (الضاحية الشمالية لمدينة لاهاي) الى الواجهة بقوة في بيروت مع نشْر وثيقة لفريق الادّعاء في 16 الجاري وتضمّن ذكر الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله ورئيس وحدة الارتباط في الحزب وفيق صفا.وسرعان ما اتخّذت هذه الوثيقة أبعاداً سياسية بعدما اعتبرتها قناة O.T.V المحسوبة على تيار الرئيس ميشال عون «مناورة خارجية» من «المحكمة الدولية الخاصة بلبنان»، مستغربة استحضار اسم نصرالله، كما صفا «في توقيت مشبوه على خلفية مريبة ما يعيد إلى الذاكرة صورة المؤامرة الخبيثة التي أسقطها اللبنانيون مرّة وسيسقطونها كل مرة».كما رأتْ المحطة ان «التقرير المفصّل للمحكمة الذي ذكر فيه فريق الادعاء اسم السيد نصرالله، وللمرة الأولى، 21 مرة يلمّح الى علاقة مباشرة بين الامين العام لحزب الله والمتهَمين الخمسة، اي سليم عياش، حسن مرعي، حسين عنيسي وأسد صبرا (ومصطفى بدر الدين الذي قُتل قبل أشهر في سورية)، عبر وفيق صفا»، وذلك «من خلال التركيز على الاتصالات بين الاخير والمتَهمين»، لتخلص الى «ان الزجّ باسم السيد نصر الله لا يرى فيه البعض أقلّ من مشروع فتنة ومحاولة للتشويش على جو التقارب والتفاهم في البلاد»، ومشيرة الى ان «ما عجز عن إثباته القرار الاتهامي حاول الادعاء زرع شبهات حوله من خلال الصورة التي نُشرت (أُرفقت بالتقرير) وحُددت فيها بزيحٍ دائري المنطقة التي يُشتبه بتفخيخ السيارة (التي فجّر الانتحاري نفسه فيها بموكب الرئيس الحريري) فيها شرق بيروت اي الضاحية الجنوبية لبيروت».وتعليقاً على ما أوردتْه «او.تي.في» وبعدما اطّلعت «الراي» على الوثيقة المنشورة على موقع المحكمة الدولية، أكدتْ الناطقة الرسمية باسم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان وجد رمضان، ان ما جرى نشْره هو «وثيقة مرجع» قدّمها المدعي العام في المحكمة مواكبةً للإفادة التي يدلي بها حالياً أمام المحكمة غاري بلات (الخبير في شؤون الاتصالات والمحقق في مكتب المدعي العام) الذي يتولى التقديم الالكتروني لأدلة المدعي العام.وتوضح ان الوثيقة تتضمّن عرضاً للأحداث بالتسلسل الزمني التي جرتْ بين اغسطس 2004 و15 فبراير 2005، لافتة الى ان التقدمة الالكترونية التي يجريها بلات في إفادته ستستمرّ لاسبوع او اثنين «وكمرجع لمساعدة القضاة والجمهور تم نشْر هذه الوثيقة التي تورد بالتسلسل الزمني أحداثاً حول بدء عمل الشبكات (شبكات الاتصال لمراقبة الحريري) والتواصل بين أشخاص محدَّدين، والاحداث التي كانت تواكب تحرُّك هذه الشبكات وتَواصُل الأشخاص، اي انها تضع الإطار للأدلة التي يقدّمها الإدعاء»، وموضحة ان الوثيقة تكمّلها التقدمة الالكترونية التي يقوم بها غاري بلات، ورافضة إعطاء اي تعليقات خارج الإطار التقني والقانوني.ويُذكر ان الوثيقة تضيء على «المسرح السياسي» لجريمة 14 فبراير 2005 وتبدأ بـ «الخلفية السياسية، التمديد للرئيس اميل لحود والقرار 1559» وتمرّ بمراحل التحضير وتكوُّن شبكات الاتصال والمراقبة لرئيس الحريري الى مراحل التنفيذ والاغتيال.وتتضمّن الوثيقة المنشورة بالانكليزية محطات حول اللقاءات التي كانت تجري بين الحريري ونصرالله في الضاحية الجنوبية بين سبتمبر 2004 وفبراير 2005، بحضور المعاون السياسي للامين العام للحزب حسين الخليل ومصطفى ناصر، مشيرة الى اتصالات كانت تجري عبر بعض اللقاءات بين خليل ومسؤول الامن السوري في لبنان حينها رستم غزالة وبين الأخير وصفا، عارضاً حركة مراقبة الرئيس الشهيد عبر الشبكات والهواتف الواردة في القرار الاتهامي، وتواصل بعضها مع صفا.كما يتوقّف عند مواقف لنصرالله رافضة للقرار 1559 وصولاً الى وصفه بالقرار الاسرائيلي، وعند ايفاد الحريري ممثليْن له الى «لقاء البريستول» (يضمّ القوى المسيحية والنائب وليد جنبلاط المناهضين للوجود السوري في لبنان) ورفْض الرئيس الشهيد خلال لقاء مع غزالة «ودائع سورية» في لوائحه الانتخابية.وهل هذه المرة الاولى يتم فيها ذكر اسم نصرالله في وثيقة للادعاء؟ قال مكتب المدعي العام في المحكمة الدولية الخاصة بلبنان : «الاسم الذي أشرتِ إليه تمّ ذكره مرات عدة امام غرفة المحاكمة خلال تقديم الادلة ذات الصلة بالخلفية السياسية (للجريمة)».وعما اذا كان ذكر اسم نصرالله في الوثيقة قد يكون تمهيداً لتعديل ما سيطرأ على القرار الاتهامي في هذا الاتجاه؟ قال مكتب المدعي العام: «الأدلة المقدّمة من السيد غاري بلات خلال شهادته التي بدأت الثلاثاء والتي يشار اليها في السؤال مرتبطة بالقرار الاتهامي الحالي المعدَّل بحق المتهَمين الأربعة، وان مكتب الإدعاء، والتزاماً بسياسته الثابتة يفضّل عدم الردّ على تكّهنات».