في ظل أنماط الحياة المعاصرة التي تتسم بقلة الحركة وكثرة الأغذية والمشروبات ذات الدهون والسعرات الحرارية العالية، أصبح كثيرون يعانون من التأثيرات والمضاعفات الكثيرة التي تنجم عن مشكلة ارتفاع نسبة الكولسترول في الدم.والكولسترول عموما هو مادة دهنية شمعية، وهي المادة الأساسية في تكوين أغشية خلايا جميع أنسجة الكائنات الحية. ويلعب الكولسترول دوراً مهماً في عملية الاستقلاب أو التمثيل الغذائي، ويوجد منه في الجسم نوعان أحدهما مفيد (HDL) عندما يكون في حدود معينةK بينما الآخر ضار (LDL) إذا زاد عن مستوى معين.يؤدي ارتفاع نسبة الكولسترول بنوعيه في الدم إلى نشوء وتكتل ترسبات داخل جدران الأوعية الشريانية، فتكون نتيجة ذلك أنها تقسو وتتصلب فيصعب على القلب ضخ الدم فيها. ومن الممكن أن تتفتت هذه الترسبات لاحقا لتتحول إلى تجلطات دموية صغيرة تسبح مع الدم إلى أن تصل إلى شريان صغير فتسده فيتسبب ذلك في مشكلة ما. فمثلاً، تحدث ذبحة صدرية إذا كان شرياناً قلبيا، و تحدث سكتة دماغيةإذا كان شرياناً دماغياً.في التالي نستعرض عددا من الاجراءات التي يفيد اتباعها في مكافحة تلك المشكلة التي تهدد صحة كثيرين.• تفادي الدهون المشبعة يوصى دائما باتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، أي يحتوي نسبا قليلة من الدهون المشبعة. ويسهم مثل ذلك النظام في ضبط وتخفيض مستوى الكولسترول السيئ (LDL)، وهو نوع من البروتين الشحمي منخفض الكثافة. ولتحقيق ذلك، ينصح عادة بتقليل أو حتى الامتناع عن تناول معظم الأغذية الغنية بالدهون المشبعة، ومن أهمها:- منتجات اللحوم الدهنية المعالجة، كالنقانق واللانشون- منتجات الألبان عالية الدسم، كالزبد والأجبان.- الكريمات والمثلجات.- الحلويات والبسكويت.- منتجات الكاكاو والشيكولاتة بالحليب.- زيت وكريم جوز الهند وزيت النخيل.كما يوصي الأطباء واختصاصيو التغذية بألا تتجاوز كمية الطاقة الغذائية التي يحصل عليها الشخص من الدهون المشبعة ما نسبته 11 في المئة من إجمالي ما يأكله. وتعادل هذه النسبة من الدهون المشبعة 30 غراماً للرجال و20 غراماً للنساء في اليوم الواحد.لذا ينبغي الحرص على قراءة المعلومات الغذائية المدونة على عبوات الأطعمة التي يتم شراؤها جاهزة، وذلك لمعرفة كميات ونسب الدهون المشبعة الموجودة في مكوناتها.• تناول أحماض أوميغا 3 الدهنيةيعتقد كثير من الباحثين أن الدهون الموجودة في الأفوكادو والأسماك الدهنية، مثل سمك الماكيريل والسالمون والتونة، هي من أنواع الدهون الجيدة. وتعرف هذه الدهون بأحماض أوميغا 3 الدهنية، والتي يمكن للجرعات العالية منها أن تخفض مستويات الشحوم ثلاثية الغليسيريد عند بعض المرضى؛ إلا أن الافراط في تناول أحماض أوميغا 3 الدهنية قد يسبب البدانة.ويُعتقد أن تناول الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع مستوى الشحوم ثلاثية الغليسيريد لحصتين على الأقل من الأسماك الدهنية أسبوعياً سوف يكون مفيداً، إلا أنه لا توجد أدلةٌ على أن لتناول مكملات أحماض أوميغا 3 الدهنية نفس الفائدة.• تعاطي العقاقيرهناك عقاقير كثيرة يشيع وصفها لضبط ومعالجة ارتفاع الكولسترول، وهي العقاقير التي يعمل كل واحد منها بطريقة معينة. لكن كقاعدة عامة، يجب عدم تعاطي أي عقاقير مخفضة للكولسترول أو لضغط الدم إلا تحت إشراف طبي.ومن بين أشهر تلك العقاقير وأكثرها شيوعا ما يلي:- الـ«ستاتينات» (statins)تعمل عقاقير الـ«ستاتينات» عن طريق قيامها بمنع إنزيمات الكبد من تصنيع أو إنتاج الكولسترول، ما يؤدي بدوره إلى انخفاض مستوى الكولسترول في الدم.وعادة، لا يصف الأطباء عقاقير الـ«ستاتينات» إلا للمرضى المعرضين لخطر كبير للإصابة بأمراض القلب، ويكون عليهم استعماله طوال حياتهم. و بمجرد إيقاف استعمال هذه العقاقير، تبدأ مستويات الكولسترول بالارتفاع مجدداً لديهم.وهناك آثار جانبية لاستعمال الـ«ستاتينات»، بما في ذلك: الصداع، والآلام العضلية، واضرابات في الجهاز الهضمي كالإسهال أو الإمساك.- عقار «إيزيتيميب»هذا العقار هو عبارة عن دواء يعمل عن طريق منع امتصاص الكولسترول إلى الدم من الطعام ومن العصارة الصفراء في الأمعاء. وعادة ما تكون فعالية هذا الدواء أقل من فعالية الـ«ستاتينات»، ولكن احتمال تسببه في آثار جانبية يعتبر أقل.ويمكن تعاطي عقار «إيزيتيميب» بالتزامن مع الـ«ستاتينات» إذا قرر الطبيب المعالج أن ذلك مناسب. وتكون الآثار الجانبية الناجمة عن هذه التوليفة هي الآثار ذاتها التي تنجم عن تعاطي الـ«ستاتينات» فقط، اي آلام عضلية واضطرابات في الجهاز الهضمي.- الأسبرينفي بعض الحالات، قد يصف الطبيب للمريض أن يتعاطى جرعة يومية منخفضة من الأسبرين، لكن هذا يعتمد عادة على عمر الشخص إلى جانب عوامل خطورة أخرى.فجرعة الأسبرين اليومية المنخفضة يمكنها أن تفيد في منع نشوء تجلطات دموية داخل الأوعية الدموية، وخصوصاً لدى المرضى الذين سبق لهم أن أصيبوا بنوبة قلبية، أو أصيبوا بأحد أمراض الأوعية الدموية، أو عند خشية تعرُّض المريض للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.• نصائح عامةختاما، اليكم هذه النصائح العامة المتعلقة بمشكلة ارتفاع الكولسترول:- فور تشخيص إصابتك بارتفاع الكولسترول، احرص على أن تحصل من طبيبك المعالج على كافة الإرشادات السليمة اللازمة للسيطرة على ذلك الارتفاع، والأهم من ذلك هو أن تتبع تلك الإرشادات بدقة.- إذا لم ينخفض مستوى الكولسترول لديك بعد تطبيق تلك الإرشادات على مدار 3 أشهر متواصلة على الأقل، فعليك أن تلجأ إلى طبيبك ليقرر ما إذا كنت في حاجة إلى تعاطي عقاقير خافضة للكولسترول.- تعديل نظامك الغذائي والإقلاع عن التدخين وممارسة التمارين الرياضية بانتظام هي أمور تفيد كثيرا في الوقاية من ارتفاع الكولسترول.
- طب
ارتفاع الكولسترول... كيف تحمي صحتك من شروره؟
05:26 م