كنا تحدثنا في المقالة السابقة عن حب الذات الجميل والذي يدفع الإنسان إلى التقدم وتطوير ذاته للوصول إلى السعادة في حياته والتي هي مطلب كل البشر.وسنكمل في هذه المقالة عن تقدير الذات والمرتبطة بشكل وثيق بحب الذات، فهذان المفهومان متكاملان ولهما نفس المنبع، فمن يحب ذاته يعني أنه يقدرها ويحترمها، ومن يقدر ذاته يعني أنه يحبها، وكلاهما سبب لنجاحنا وسعادتنا في هذه الحياة.فماذا نقصد بتقدير الذات؟ إن تقدير الذات تعني مقدار الصورة التي يرى فيها الإنسان نفسه، أو الميزان الذي يحسب فيها قيمته، من منظاره هو، وهل هي عالية أم منخفضة.إن تقدير الذات هو بوابة كل أنواع النجاح للإنسان في حياته. فما بالك إذا كان تقدير الإنسان لذاته وتقييمه لنفسه ضعيفاً. هل ستتوقع له النجاح في حياته؟ وكيف سيصعد سلم النجاح وهو في قرارة نفسه يظن أنه لا يستحق هذا النجاح؟إن تقدير الذات ليس صفة أو سلوكاً متوارثاً، بل هو سلوك مكتسب يتولد في الإنسان نتيجة تجاربه وطريقة حياته، وكذلك ردود أفعاله تجاه التحديات والمواقف التي يتعرض لها.وهنا يتساءل البعض كيف نميز بين الأشخاص ذوي تقدير الذات المنخفض وتقدير الذات العالي؟إن من السمات الشخصية للإنسان المنخفض في تقدير ذاته، الانطوائية والخوف من التكلم أمام الآخرين، والتعب في إرضاء الناس ليكسب حبهم وتعاطفهم أو ليتجنب نقدهم. وأحياناً يكون العنف والعدوانية وعدم تقبل النقد من علامات عدم تقدير الذات، لأنه يفضل الهروب من مواجهة مشكلته.على حين أن الإنسان ذو التقدير المرتفع لذاته، يتمتع بالهدوء والسكينة وحسن الخلق، وكذلك الحماس والإرادة القوية، بالإضافة إلى الصراحة والقدرة على التعبير من دون تجريح بالآخرين أو الإساءة إليهم، كما يتسم بالتفاؤل والإيجابية وعلاقاته الاجتماعية الناجحة والاعتماد على النفس والقدرة على اتخاذ قراراته بنفسه، وحسم أموره أولا بأول، ويعمل على تطوير ذاته وقدراته للأفضل وبشكل مستمر.وهنا كان لابد من التنويه أن كثيراً من الناس قد يلتبس عليهم الفرق بين تقدير الذات والثقة بالنفس. إن الثقة بالنفس هي نتيجة حتمية لتقدير الذات، وبالتالي فإن من يفتقد تقدير ذاته سيفقد الثقة بنفسه حتماً. فما هي العوامل التي تساعدنا على تقدير ذواتنا بشكل صحيح؟يوجد عوامل عديدة يمكن أن تساعدنا على تقدير ذواتنا بالشكل الصحيح، ولتحقيق ذلك:أولاً: اكتب قائمة تتضمن عشرة أعمال إيجابية تفتخر بها أنجزتها هذه السنة.إن هذه العملية سوف تشعرك بأنك قادر على الإنجاز فركز على الإيجابيات، أما السلبيات فلكل منا إخفاقات وكبوات، لكن العبرة هي في النهوض وعدم الاستسلام وإكمال مسيرتنا نحو أهدافنا .ثانيا: اجعل معظم أوقات فراغك مع أناس تحبهم ويحبونك ويحترمون آراءك ويقدرون حضورك وتواجدك بينهم، وابتعد عن أناس لن تحصد منهم سوى الإحباط وتكسير المجاديف.ثالثاً: كن جريئاً في التعبير عن رأيك وأفكارك، مبتعداً عن التجريح والاستهزاء بالآخرين، وانتقي الكلمات المناسبة للتعبير عن رأيك وأفكارك ولا تستهن أو تقلل من آراء الآخرين وأفكارهم.رابعاَ: لا تنتظر تقدير الآخرين وتصفيقهم لك وكن أنت أول من يصفق لنفسه على الإنجازات التي تحققها.خامساً: لا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، وخاصة فيما يتعلق بتطوير ذاتك وشخصيتك، وبادر إلى تحقيق أهدافك طالما كنت قادراً على ذلك.سادساً: لا ترضى بأقل من دور البطولة المطلقة على مسرح حياتك، لأن الآخرين لن يعطوك هذا الدور.سابعاً: استثمر وقتك في القيام بالأشياء المهمة في حياتك، وهذا لن يتم حتى تنجح في إتقان فن ترك الأشياء غير المهمة.إن حبنا لذاتنا بالطريقة الصحيحة يمنحنا تقديراً لذواتنا الذي على أساسه نستطيع أن نكون إيجابيين في تفكيرنا ويدفعنا إلى تطوير حياتنا، وصولاً للأهداف التي نسعي لتحقيقها، وتوصلنا إلى السعادة التي يسعى إليها كل البشر وفي كل العصور وعلى اختلاف مشاربهم، وستجد أن السعداء هم من يقدرون ذواتهم ويحترمون اختياراتهم.* مدرب الحياة والتفكير الإيجابيTwitter : t_almutairiInstagram: t_almutairiitalmutairi@hotmail.com