حرك نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح المياه الراكدة في المدارس، عندما أعلنها صريحة مؤكداً أن المدارس «متروسة مخدرات»، مطالبا بتضافر الجهود الحكومية والخاصة لوأدها، فيما رد تربويون عبر «الراي» بأن المؤسسات التربوية تحت عين الرقابة «وإن كانت هذه السموم منتشرة فهي محدودة وجهود الإدارات المدرسية حثيثة في تعقبها».وبين التهويل والتقليل، أكدت الجهات المعنية في وزارة التربية ممثلة بإدارة الخدمة النفسية والاجتماعية أن هناك خطا مباشرا مع وزارة الداخلية، للتعامل مع جميع الحالات فوراً إن وجدت وبسرية تامة. وكشف مدير الإدارة فيصل الأستاذ لـ«الراي» عن «وجود الظاهرة ولن ندفن رؤوسنا في الرمال بل نحاربها قدر الإمكان مع انها غير منتشرة بكثرة كما يتم تصويرها».وذكر الأستاذ أنه هناك لجنة «إجبارية» مشكلة بقرار من وكيل الوزارة في كل مدرسة متوسطة وثانوية بنين وبنات، ودورها توعوي ولديها الخطط والأنشطة والفعاليات للحد من هذه السموم وتنبيه الطلبة لخطورتها والتعامل مع جميع الحالات سواء كانت مخدرات او مؤثرات عقلية أو حبوب مسهرة أو أدوية طبية مؤكداً أن اللجنة تبين خطر هذه السموم على صحة الإنسان وعلى مستقبل الطالب الدراسي.وأضاف الأستاذ «دورنا توعية الطالب والأسرة والمجتمع المدرسي عبر مجموعة من الفعاليات والأنشطة وفي حال وجود شك لدينا بأي حالة فهناك خط مفتوح ومباشر مع وزارة الداخلية ممثلة بإدارة المخدرات حيث لديهم المختبرات لفحص أي مادة مشتبه بها، مبيناً أن حالات الإدمان على هذه السموم محدودة في المدارس ولا تشكل ظاهرة أبداً والتعامل يتم معها بسرية مع تفعيل الجانب التوعوي في المدرسة.وعن الإجراءات المتبعة مع المتعاطين لفت الأستاذ إلى اول خطوة يتم اتخاذها وهي إبلاغ إدارة المخدرات عن طريق إدارة الخدمة النفسية والاجتماعية وهي الجهة المعنية بذلك والمدركة للقانون جيداً ولم يحدث أبداً أن ظلمنا طالباً أو اتهمنا أحداً دون دليل ولكن نتخذ القرار بشكل مدروس ونتأكد 100 في المئة بكل حالة فالقضية يجب ان تكون واضحة كل الوضوح حتى لا نتسبب بهدم مستقبل طالب أو طالبة.وعن شبكات التوزيع التي يدعي البعض أنها تنشط في المدارس الثانوية ذكر الأستاذ» حالات التوزيع قليلة جداً ولا توجد بها ضبطية ومعظمها تنحصر في الحبوب المسهرة وأقراص الـ(ليريكا) وبعض العقاقير الطبية الأخرى والإدارات المدرسية تقوم بدورها على أكمل وجه في هذا الجانب ولا يوجد منها تقصير إن شاء الله».وشدد على أن «هؤلاء أبناؤنا ولن نقبل بضياعهم أبداً، ونعمل قدر الإمكان على التقليل من انتشار هذه السموم قدر الإمكان ولن نقول إنها غير موجودة ونضع رؤوسنا في الرمال ولكن نعترف أن هناك بعض الحالات ولكن التعاون كبير مع وزارة الداخلية والإجراءات فعالة من قبل الوزارة وإذا ظهرت للمجتمع عملية بيع في إحدى المدارس فكان من الأجدر على من سربت تلك العملية غلى مواقع التواصل الاجتماعي وهي تربوية فاضلة كان عليها التوجه إلى الجهة المعنية وهي إدارة الخدمة الاجتماعية والنفسية للإبلاغ عن الحادثة والتصرف بطريقة تربوية مغايرة لما تصرفت به والمساهمة كمواطنة قبل ان تكون تربوية بحفظ أبنائها وأبناء الآخرين وتحصين وطنها من هذه الآفات والسموم المدمرة.وفي موازاة ذلك، كشف تربويون لـ«الراي» عن مفاجآت من قلب الميدان التربوي مؤكدين أن منتجاً فنياً مشهوراً قبض عليه أخيراً كان قد شغل شبكة طلابية للترويج لبضاعته وتوزيع هذه السموم في المدارس وكان من بين أعضاء شبكته طالبات في بعض المدارس الثانوية.وقال تربوي متخصص أن الأكثر رواجاً في المدارس هي المؤثرات العقلية والحبوب بأنواعها إضافة إلى حالات محدودة جداً من الاصناف الأخرى الأكثر خطورة ومنها الهيرويين فيما قال إن الخمور أيضاً توزع في بعض المدارس دون وجود آلية واضحة للتعامل مع هذه الحالات.وبين أن الأخصائي النفسي أو الاجتماعي أو حتى مدير المدرسة ينأى بنفسه عن تعقب الطلبة المروجين لأن الكل يخاف ولا توجد حماية لهؤلاء إذا ما أشتكى ولي امر المروج على الباحث أو المعلم أو المدير.وقال تربوي آخر «لا نستطيع تحويل الطالب المروج إلى السجن المركزي أو سجن الأحداث إلا بموافقة ولي أمره وبعد دورة طويلة من الإجراءات نكتشف عدم وجود أي صلاحيات لدينا في التعامل مع الطلبة المروجين ولا يوجد قانون واضح وصريح مؤكداً نعم المخدرات موجودة وعمليات الترويج مستمرة ولكنها ليست ظاهرة».وكانت «الراي» نشرت تقريرا لوزارة التربية أكدت فيه أهم الحبوب والمؤثرات العقلية المنتشرة في المدارس ومنها حبوب الكبتاجون «الكبتي» والترامادول ولاركا وكيميكا «الحشيش» والكحول مؤكداً أن الأسباب التي تدفع الطلبة إلى تعاطي المخدرات كثيرة أهمها إشباع حب التجريب ومجاراة رفقاء السوء والضغوط النفسية وغياب رقابة الأسرة وضعف الوازع الديني وقلة وعي الطلبة بأضرار المخدرات.وتطرق التقرير إلى آثار تعاطي المخدرات لدى طلبة المدارس، وأهمها انخفاض درجات التحصيل الدراسي والغياب من المدرسة والميل إلى الانطواء والعزلة وشحوب الوجة وضعف القدرة على التركيز وتقلب المزاج والتوتر والكذب وفقدان الشهية للطعام والأرق واضطرابات النوم، إضافة إلى الإصابة بالإيدز«نقص المناعة» والشعور بالصداع المستمر واحتقان العينين والعنف والسلوك العدواني وبطء التفكير والاكتئاب وإيذاء الأسرة والسرقة. ولفت التقرير إلى طرق الوقاية والمكافحة من المخدرات وأهمها قيام الدولة بحملات للوقاية من المخدرات وتشديد الرقابة على الطلبة في المدرسة والبعد عن رفقاء السوء والتعريف بالمخدرات وخطورتها بالمناهج الدراسية وتشجيع الطلبة على ممارسة الأنشطة الرياضية إضافة إلى استثمار وقت الفراغ عند الطلبة في أعمال مفيدة وتعزيز المواطنة في نفوس الطلبة للمشاركة في التنمية بإيجابية وتعزيز التواصل بين المدرسة وأولياء أمور الطلبة وتوطيد العلاقة بين الآباء والأبناء والمشاركة في برامج الوقاية من تعاطي المخدرات والاكتشاف المبكر للتعاطي عند الطلبة وتكثيف الرقابة على عملية صرف الأدوية المخدرة وعدم تناول أي مواد من شخص غير معروف وعلاج الطالب المتعاطي في سرية تامة.وتضمن التقرير استبانة لاستطلاع آراء أولياء أمور طلبة المرحلة الثانوية في شأن مشكلة المخدرات في مدارس الكويت حيث ضمت 29 سؤالاً أعدتها اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات ووزعت على أولياء الأمور عن طريق قطاع البحوث التربوية والمناهج إذ دارت الأسئلة معظمها على مدى انتشار هذه الآفة بين طلبة المدارس والبيئة التربوية بشكل عام.وبحسب الاستبانة نص السؤال الأول على ما مدى انتشار تعاطي المخدرات بين الطلبة في مدرسة ابنك/ابنتك؟ فيما وضعت 6 إجابات، الأولى كانت لا يوجد طلبة يتعاطون المخدرات في المدرسة والثانية أقل من عشرة طلاب يتعاطون في المدرسة كلها والثالثة من 10 إلى 19 طالباً والرابعة من 20 إلى 29 طالباً والخامسة 30 طالباً فأكثر فيما كانت الأجابة الأخيرة «لا أعلم» وهي الإجابة التي اختارها معظم أولياء الأمور.وتطرقت الاستبانة إلى الأسئلة الأخرى ومنها هل سبق أن رأيت أي نوع من أنواع المخدرات؟ وهل سبق لك أن جربت أي نوع منها؟ وهل تدخن؟ ولو علمت افتراضاً أن ابنك أو ابنتك يتعاطى المخدرات فماذا تفعل؟ مبينة 8 إجابات لهذا السؤال وهي أنصحه بالكف عن التعاطي وأوجه له المزيد من الاهتمام وأعاقبه وأعرضه على الطبيب لعلاجه واستشير مدير المدرسة وألجأ إلى الاختصاصي الاجتماعي والنفسي في المدرسة وأتكتم على الموضوع تماماً خشية على سمعة العائلة وأحتار ماذا أفعل.وذكرت الاستبانة المزيد من الأسئلة الخاصة بدور المدرسة الوقائي في الحد والتقليل من خطر هذه المشكلة منها هل ترى ان المدرسة تسهم في مواجهة مشكلة تعاطي الطلبة للمخدرات؟ وهل تعلم بوجود لجان للتوعية من أخطار المخدرات في دولة الكويت وهل اطلعت على مطبوعات ونشرات لجان التوعية من أخطار المخدرات في دولة الكويت؟ وهل أنت بحاجة إلى توعية من أخطار المخدرات؟ وهل أنت بحاجة إلى دليل إرشادي يوضح كيفية التعامل مع ابنك أو بنتك في حال اكتشافك أنه يتعاطى المخدرات؟ وما مدى إسهام المناهج الدراسية في تعريف ابنك/ابنتك بأخطار المخدرات؟

بين الواقع والدراسات

الحرب عبر المناهج

قال الوكيل المساعد للبحوث التربوية والمناهج الدكتور سعود الحربي لـ«الراي» إن المناهج الدراسية في الكويت تحذر من السلوكيات السلبية كافة وعلى رأسها المسكرات والمخدرات في جميع الصفوف الدراسية. وبين الحربي أن هناك لجنة مشكلة لمحاربة هذه السموم ووضع الحلول الملائمة لتحصين دور العلم والمؤسسات التربوية من خطرها وأن اللجنة تضم أعضاء من الهيئة العامة للتعليم التطبيقي والتدريب وجامعة الكويت وبعض المتخصصين من وزارة التربية سواء في قطاع المناهج أو في الخدمة النفسية والاجتماعية.

تلويح بقانون الأحداث الجديد

كشف مدير إدارة الخدمة النفسية والاجتماعية فيصل الاستاذ عن تنسيق مع إدارة المخدرات لتطبيق نشاط في المدارس الثانوية بعنوان «ثقافتي القانونية» وسيكون التركيز خلال الفترة المقبلة على القانون الجديد بتخفيض سن الحدث إلى 16 عاماً وما يترتب عليها من إجراءات ومساءلة لهؤلاء الطلبة.

طالبة أعجزت «التربية»!

تربوية تحدثت لـ«الراي» عن رصد طالبة تروج للحبوب في إحدى المدارس الثانوية فعجزت إدارة المدرسة عن التعامل معها بقانون واضح يسهم في الحفاظ على البيئة المدرسية ويحصن زميلاتها من خطرها، وبعد الكتاب تلو الكتاب إلى الوزارة وبعد إبلاغ جميع الجهات المعنية نقلت الطالبة إلى التعليم المسائي وهنا نقلنا الخراب إلى بيئة خصبة ومفتوحة لينمو ويترعرع.

«الأسرة» المتهم الأول

أكد تقرير نشرته «الراي» لوزارة التربية أن للتفكك الأسري دوراً كبيراً في هذا الجانب، وعدم التفاهم بين الآباء والأبناء والقسوة داخل الأسرة والتدليل الزائد للأبناء والتعثر الدراسي ووفرة المال وسهولة الحصول على المخدرات وضعف تطبيق القانون والشعور بالفراغ، إضافة إلى الحرمان من العاطفة الأسرية وضعف الثقة بالنفس وتقليد المشاهير بوسائل الإعلام ومواقع الإنترنت السلبية وضعف التوعية الإعلامية.

لجنة وزارية

تضمن التقرير استبانة توصلت نتيجتها إلى أن مشكلة المخدرات من المشاكل الخطيرة عالمياً ومحلياً، تتطلب مواجهتها وضع الخطط الاستراتيجية وتكثيف جهود كـافــة شرائح المجتمع وفــئاته للـحد مــن هـذه المشكلة ومحاولة القضاء عليها، ومن هذا المنطلق اهتمت وزارة التربية بتـشكيل لجنة مـؤلفة من مختصين من جهات عدة، من أجل إجراء دراسة للتعرف على مدى انتشار مشكلة تعاطـي المخـدرات بـين طــلبة المدارس.