موسم 2016 المسرحي في لبنان، كان جيداً خدمته أوضاع أمنية تحت السيطرة في أصعب مراحل التطورات في سورية، وضغط النازحين على معظم المناطق، ولم تؤثر التعقيدات السياسية التي أخّرت انتخاب رئيس للجمهورية عامين وخمسة أشهر، على مجريات النشاطات الفنية التي باتت خبزاً يومياً عند اللبنانيين الذين اعتادوا على المناخات المضطربة وتعايشوا معها، وأنجزوا في ظلها الكثير من النشاطات والإبداعات المختلفة في ميادين الدراما والموسيقى والسينما، هذا عدا برامج «التوك شو» التي تحفل بها فضائياتهم على مدى العام.هناك أعمال معادة للرحابنة مروان،غدي، وأسامة، وجديدهم في دبي «الفارس»، وكذلك الفنان إيفان كركلا، وما قدمه الفنان إلياس الرحباني، أو أسامة الرحباني مع نجمة العام هبة طوجي التي أضاءت عالمياً على المسرح الفرنسي، وكم كان مهماً دعوة الفنانين التونسيين الكبيرين الفاضل الجعايبي وزوجته الكاتبة والممثلة جليلة بكار وتقديمهما أحدث نتاجهما المسرحي «العنف»، وكذلك فاجأت الفنانة العالمية فانيسا ريدغريف الوسطين الفني والثقافي بمشاركتها في تقديم مسرحية بالإنكليزية عنوانها «دنيا أحببتها: قصة امرأة عربية» والمعنية بالتكريم هي السيدة وداد المقدسي قرطاس.ربما فاتتنا بعض العناوين في السياق مثل العمل الجميل للمخرج والممثل عصام بو خالد ضمن احتفالية مسرح المدينة بالذكرى العشرين لانطلاقته، حيث قدّمت مجموعة من المسرحيات يومياً من بينها ما لعب بطولتها الفنان جورج خباز، وبرناديت حديب «الملك يموت»، نص وإخراج الفنان العائد نهائياً من باريس فؤاد نعيم (زوج الفنانة الكبيرة نضال الأشقر)، وما انتقدت فيه المخرجة لينا خوري أسلوب المسلسلات اللبنانية في التمثيل «بانتظار العرض مصيبة كبيرة»، في إعداد تقاسمته مع الفنان غبريال يمين، الذي اقتبس للمخرج جاك مارون مسرحيته الجديدة «فرضاً إنو»، وتقاسم بطولتها بأسلوب أخاذ ومنافسة راقية مع زميله طلال الجردي على خشبة «مونو»، حيث يستمر مارون في التنويع الرائع منذ «كعب عالي» مع ريتا حايك.لينا كان لها حضور لافت في المسرحية السياسية المعقدة عن نص للراحل (قبل عشر سنوات) عصام محفوظ، بعنوان «لماذا رفض سرحان سرحان ما قاله الزعيم عن فرج الله الحلو في ستيريو71» مع أسامة العلي، طارق تميم، طلال الجردي، علي سعد، ووجد الجمهور متعة خاصة في متابعة حيثيات مسرحية «عنبرة»، نص وإخراج علية الخالدي، مع نزهة حرب في دور عنبرة، وهو ما يدعو لتحفيزها على عدم التوقف عن الجديد.والمفاجأة الرائعة جاءت مع المنتج الذواقة فريد مرعي، الذي يلتزم خط الأوبرا وتعزيز مكانتها وحضورها بالعربية، لذا أطلق سابقة مسرحية أوبرالية بالعربية أنجزها المايسترو مارون الراعي عن نص لأنطوان معلوف، عنوانه «عنتر وعبلة» تقاسم بطولته غسان صليبا، والسوبرانو لارا جوخدار، وقدّم العمل في عرضين فقط على خشبة كازينو لبنان، كأول إنتاج لشركة «أوبرا لبنان» التي تحمل مشاريع عديدة للمستقبل القريب، منها «بلقيس»، الذي أنجزه معلوف أخيراً.وطرحت فرقة الميادين جديد الفنان الكبير مرسيل خليفة «أندلس الحب» بمناسبة الذكرى 75 لولادة الشاعر محمود درويش، وعلى مدى ساعة كاملة عزف مارسيل مع ابنيه رامي (على البيانو) وبشار (إيقاعات)، وجيلبرت يمين (قانون). وجرى على خشبة قصر الأونيسكو تكريم المؤلف الموسيقي أحمد قعبور، بإدارة المايسترو أندريه الحاج يقود أوركسترا الكونسرفاتوار وكورال خالد بن الوليد- المقاصد، وقدمت 13 أغنية من ألحانه وغنى قعبور رائعته «أناديكم».المخرجة لينا أبيض كانت الأنشط في تقديم الجديد ولها في معالجة النزوح السوري إلى لبنان مسرحية مؤثرة وصريحة بعنوان «نوم الغزلان»، في خمس لوحات جسّدها فاطمة الأحمد، مانويلا الأسمر، كوركين بابازيان، سمر بقبوق، ونيكول حاموش. والثانية «بس أنا بحبك» عن العنف ضد النساء عن أربع نساء وأربع تجارب، مع مي أوغدن سميث، دارين شمس الدين، ديما ميخائيل متى، ولينا أبيض. والثالثة «قفص» عن نص للشاعرة جمانة حداد، مع تجارب نسائية عديدة مع الرجال، وتلعب الأدوار رندة كعدي، مارسيل أبي شقرا، ديما الأنصاري، دارين شمس الدين، وميرا صيداوي. والرابعة «صوته» ومعها ممثلة وحيدة مستوحشة على الخشبة رندة كعدي.وسادت عدة نماذج من «الستاند أب كوميدي»، آخرها مع زياد عيتاني في «بيروت بيت بيوت» نص وإخراج يحيى جابر، ومع ريتا إبراهيم في «عالأوتوستراد»، وروان حلاوي في «إنت عمري»، ونيللي معتوق في «كيفك يا ليلى» بإدارة ميشال جبر، ووقف الفنان روجيه عساف على المسرح لوحده وقدّم «بيروت غيابياً»، مع الغائبين نزيه خاطر، والشاعر أنسي الحاج. «نحيفة» نص وإخراج كلمات وألحان وديكور وتمثيل ليليان نمري. وقدّم المخرج هشام زين الدين، الممثلة التي تعرف عليها الجمهور لأول مرة مروة قرعوني في مسرحية «تفل قهوة»، وكانت أنجو ريحان الاكتشاف المهم من خلال «أنا اسمي جوليا» نص وإخراج يحيى جابر.وقدّم الفنان الكويتي سليمان البسام جديده «في مقام الغليان: أصوات من ربيع مختلف» يدير فيه حلا عمران، ريبيكا هارت، في لوحات تعكس فشل الثورات العربية في تحقيق شيء على كل الصعد. وعرضت زينة دكاش في سجن رومية «جوهر في مهب الريح»، أدارت فيها 19 سجيناً. وضمن إطار مهرجان بيروت الدولي للتانغو، عرضت الخشبة الجديدة «the palace» عرض «تانغو الهوى». ومن أعمال الفانتازيا ما قدمته فيروز أبو حسن بعنوان «الفكر والروح». ووقف اللبناني ريمون حصني مع الفرنسية كليا بتروليسي، «يللا باي» يديرهما «ستيفان أوليفييه بيسون».وقُدمت العديد من المسرحيات الجامعية في إطار المهرجان الدولي للمسرح الجامعي، مع طلبة من جامعات «الحسن الثاني، الجيلالي اليابس بالجزائر، المعهد العالي للفنون المسرحية في مصر، وعدد من الجامعات اللبنانية». وجسّد سليم علاء الدين، عايدة وهبي، كريستي خوري، وشادي عرداتي شخصيات «صناعة الموت»، إعداد وإخراج نور صابوني عبد الحي. وتطوّر عرض «هشك بشك» إلى أوبرا، مع ياسمينا فايد، لينا سحاب، وزياد الأحمدية، والمايسترو لبنان بعلبكي.ودخلت رولى حمادة ميدان الكتابة المسرحية من خلال «حبيبي مش قاسمين» وتقاسمت بطولتها مع عمار شلق.هشام جابر قدّم امتاعاً سمعياً ومشهدياً في رائعته «عين الشيطان»، مع الصوت المصري الرائع مريم صالح، في بحث عن الشيطان في أغنيات سيد درويش. وغنّت اللبنانية منال ملاط في «أطفئوا الأنوار» بمزاج خاص. ونعتبر أن الفنان الكبير روجيه عساف لم يكن موفقاً في «الملك لير» بإدارة سحر عساف، كما لم يكن الكبير روميو لحود موفقاً في «كاريكاتور»، الإعادة المنقحة لـ «سنكف سنكف» التي تم تقديمها عام 1974.
فنون - مسرح
الجعايبي عرض «العنف» والبسام «في مقام الغليان»... وحضرت ريدغريف في 2016
خشبات لبنان استقبلت 44 مسرحية متنوعة
02:31 م