في الأمس القريب كنا نسمع في مجلس/ديوانية أو نقاش طلباً من شخص يجلس بقربك يقول فيه: «عطني أذنك»، ويقصد منه البوح لك بمعلومة لا يريد غيرك سماعها ومسألة صحتها من عدمه تبقى في تقدير المتلقي، فإما يكون رده «على قولتك» أو «معقولة» أو «صدقت» أو»طيب ليش... حرام»!كانت ثقافة «عطني أذنك» محصورة بين اثنين لا ثالث لهما، وبالتالي فإن «سرية» المعلومة تبقى بين الاثنين إلا إذا نقلها المتلقي لشخص آخر وثالث ورابع حتى تصبح معلومة يتناقلها الناس و»تعال دور» المصدر والبحث في صحتها إذا كانت إشاعة مغرضة وإن كانت بشرى وانتشرت يأتي من ينفيها وبعضها يتحقق وبعضها تقفل صفحته بالضربة القاضية.اليوم نجد في كل يوم خبرا أو إشاعة عبر مواقع التواصل الإجتماعي ليس على نحو ثقافة «عطني أذنك» بل ثقافة «أصغوا إلي جميعا... في الكويت وخارجها» وبعض المصادر تتم ملاحقتها والبعض الآخر «دربه أخضر»!انتقائية حتى في اختيار نوع الأخبار وحساسية بعضها وكل وله جيش عرمرم من المتابعين وخذ «ريتويت» حتى تصل للمستلقي على فراشه...!منذ قرابة عقد من الزمان وأنا أبحث عن خبر يفرحني. خبر فيه حس أخلاقي يحترم حقوق الأغلبية الصامتة ويعيدنا إلى مربع الإصلاح الأول.واليوم أشبه بالبارحة حيث كثر الحديث عن إبطال مجلس الأمة الحالي، رغم أن القضاء على هذا الخبر سهل الوصول إليه: فلماذا لم تقم الحكومة بإرسال المراسيم للمحكمة الدستورية للاستئناس برأيها قبل إصدار المراسيم كما قامت به بعض الدول، وبالتالي تكون المراسيم محصنة بعد صدورها؟واليوم يخرج لنا النائب خليل الصالح بخبر فرض تأمين صحي على الوافدين الزائرين بعد ما «فاحت» ريحة القادمين للعلاج المجاني.هنا نطالب الحكومة بتوفير التأمين الصحي لجميع الكويتيين، فإن راجع المراكز الصحية الحكومية يختم له «معفي من الرسوم» وإن ذهب إلى المراكز/المستشفيات الخاصة، يجد تغطية شاملة لتكلفة العلاج شرط أن تكون رسوم العلاج في الخاص تخضع لتسعيرة معقولة تفرضها وزارة الصحة بما فيها العلاج والفحوصات.أما بالنسبة إلى الوافدين فتتم معاملتهم بالمثل... فنحن نعلم أن كل دولة توفر الرعاية الصحية لمواطنيها عبر شركات التأمين أو الحكومة والوافدين « كل شيء بحسابه والرسوم تدفع قبل أي إجراء أو كشف طبي»!وهنا وعلى نفس ثقافة «عطني أذنك» الجماعية، أكتب هذا المقال ليقرأه الجميع، فهو ليس بسر لكنه يبقى موضوعا يناقشه الكبير المتقاعد الذي خاب ظنه في التأمين، والصغير الذي يبحث عن من يدفع فاتورة علاجه بعد أن فقد الأمل في توفر التشخيص السليم أو لسبب بيروقراطية المواعيد أو تجنبا للأخطاء الطبية التي بعضها مميت.عطني أذنك... حاب أسألك سؤال: أنت مرتاح لما يدور من حولك؟ هل وصلت إلى مرحلة فقدان الأمل في الإصلاح؟ وهل من يمثلك تحت قبة البرلمان جدير بثقتك أم أن الكثرة تغلب الشجاعة؟الشجاعة التي لا تقود إلى خطوات إصلاحية لا خير فيها.الشجاعة التي لا تحفزك للانحياز للأفضل واختياره لا خير فيها.الشجاعة التي لا تتسم بالأخلاق وتغلفها روح العدالة والمساواة والاحترام وتكافؤ الفرص لا خير فيها.فإن تملكت الشجاعة على النحو المطلوب واستطعت الإجابة وفق المعايير الدستورية والأخلاقية سأميل إليك وأرخي مسامعي للاستماع إليك وخلاف ذلك ستجد أذنا لا تسمع وقد أصابها ما أصابها من إفرازات ثقافة عطني أذنك الجديدة القديمة... والله المستعان.terki.alazmi@gmail.comTwitter: @Terki_ALazmi