بعد أن تحركت عجلة الأدوات الاستثمارية في البورصة أخيراً باعتماد قواعد»صانع السوق»تتجه الأمور نحو تدشين تعليمات جديدة من شأنها إحداث مُعالجات «جريئة» لقضية سيولة أسهم الشركات المُدرجة، والتي تتسبب في تعثر الكثير من خطط التطوير.ويبدو أن هيئة الأسواق «مرتاحة» لخروج الشركات غير السائلة من السوق في الوقت الحالي عبر الانسحابات الاختيارية، إذ لا تُمثل عاملاً مقلقاً كونها ضمن الشركات الجامدة التي لا تُفيد البورصة في شيء، في الوقت الذي تفتح أبوابها للإدراجات النوعية التي يترتب عليها توافر كيانات تشغيلية ذات قيمة سوقية كبيرة على غرار»ميزان القابضة»و»فيفا»وغيرها.ويرى مصدر رقابي رفيع المستوى أن عدداً كبيراً من الشركات المنسحبة لم تحقق المُعادلة الصعبة، وهي مُعدل الدوران المقبول منذ بداية العام، ما يستدعي اتخاذ إجراءات سريعة تواكب خطط التطوير خلال في الفترة القريبة المقبلة.وتبين الإحصائيات أن مُعدل الدوران على مستوى بعض الأسهم بلغ 0.5 في المئة أو 1 في المئة أو بحد أقصى 5 في المئة، ما يتنافى مع مساعي التطوير، في الوقت الذي أضر ذلك بقيمتها السوقية، ثم أفرز أسعاراً سوقية يرى القائمون عليها بأنها غير عادلة في ظل تداول عدد قليل جداً من الصفقات، بل إعادة تسعيرها لأكثر من مرة عقب مرور 90 يوماً عليها بلا أي عمليات.وقال مصدر رقابي لـ»الراي»إن»هيئة أسواق المال»على دراية بأن هناك نحو 60 في المئة من الشركات المُدرجة حالياً (بخلاف المنسحبة) مملوكة لعدد محدود من المساهمين، وأسهمها موزعة بين ما لا يزيد على 4 ملاك بحصص تبلغ 50 إلى 60 في المئة، ما سيكون سبباً أو نقطة بداية لبحث إمكانية توسيع قاعدة تلك الشركات من خلال طرح حصص منها على مساهمين جُدد، أو اتخاذ خطوات أخرى تحقق هدف السيولة على أسهمها.كما أضاف المصدر أن هناك حالات توضح أن أكثر من 80 في المئة من رؤوس أموال شركات مملوكة لصالح جهة واحدة او جهتين، ما يعرقل نجاح أدوات استثمارية ستعمل على رفع معدلات السيولة المتداولة مثل»صانع السوق»أو مزودي السيولة او المتخصص، وجميعها أدوات يتوقع أن يراها السوق في المستقبل.وأشار إلى أن 100 شركة (نصف السوق) من أصل ما يزيد عن 200 مُدرجة في السوقين الرسمي والموازي سجلت مُعدل دوران يقل عن 10 في المئة على رأس المال، منذ بداية العام الحالي وحتى إقفالات الخميس الماضي، منها 75 شركة بما يعادل 75 في المئة من الـ 100 شركة بمُعدل دوران دون 5 في المئة من رأس المال منذ بداية العام.وقال إن 50 شركة سجلت مُعدل أقل من 2 في المئة على رأس المال، وغالبيتها بحسب نهاية الأسبوع الماضي دون الـ 1 في المئة، لافتاً إلى أن هناك نحو 30 شركة فقط حققت مُعادلة لافتة كأعلى مُعدل دوران بلغ أكثر من 50 في المئة على رأس المال لكل منها (منها شركات استفادت من المضاربات).وتتجه النية لدى الجهات الرقابية لمواجهة مشكلة سيولة الأسهم وتوفير البيئة المناسبة لعمل»صناع السوق»من خلال قواعد قد لا تخلو من إلزام الشركات المُدرجة بتوفير حيز مُحدد من السيولة على أسهمها عبر اسغلال أدوات مرخص لها، منها إقراض واقتراض الأسهم، إضافة الى تعاقدات مع صُناع سوق.وذكرت المصادر أن وجود 3 أسواق في المستقبل، هي (الأول والرئيسي والثانوي) سيسهم بطبيعة الحال في فرز الشركات، وجعل الصورة أكثر وضوحاً في ظل تعاملات بمؤشرات جديدة، وإن ترتب على ذلك خروج عشرات الشركات من الأسواق الرئيسية، ونقلها الى أسواق أخرى.وقال المصدر»إنه كلما ازداد حجم الأسهم السائلة أو المتاحة للتداول في شركة بعينها ارتفع مُعدل دوران السهم والعكس صحيح».وتتفق رؤى الجهات الرقابية الباحثة عن أطر علاجية لتلك المشكلة مع آراء الشركات الاستشارية الكُبرى مثل»ناسداك»و»أو إم إكس»وغيرها ممن نصحوا بالإبقاء على الشركات التشغيلية فقط في الأسواق الرئيسية لتسهيل مهمة صناع السوق، وغيرها من الأدوات الاستثمارية التي تخضع للبحث حالياً من قبل هيئة أسواق المال.وبحسب المصدر فإن «صانع السوق» المُقر أخيراً أو «المتخصص» أو «مزودي السيولة»، وجميعها أدوات تتطلب سيولة في الأسهم، ستحقق فشلاً كبيراً ما لم تكن هناك مُعالجة مُباشرة وجريئة لقضية سيولة الأسهم وجمود المليكات التي تعاني منها البورصة منذ إطلاقها.ولا شك أن لدى «هيئة الأسواق» تصوراتها في شأن الشركات الورقية، او التي لا تعتمد نماذج أعمال تشغيلية تعينها على مواجهة تقلبات الأسواق، علماً أنها تعتبر من أسوأ الشركات في السوق (تاريخياً)، ولا تشكل أي إضافة نوعية للبورصة وقطاعاتها المختلفة، ومع ذلك فإن المضاربين يتحركون بنشاط مكثف على أسهمها، فما السبيل الذي ينتظر أن تسلكه «هيئة الأسواق» خلال الفترة المقبلة لمواجهة مثل هذه التحديات، هل سُتبقي على تلك الشركات، وتتخذ قرارات بإقصاء أسهماً تشغيلية «خاملة»؟ أما إنها ستضع قواعد تتحول من خلالها الأخيرة الى سلع سائلة تُتيح المجال للدخول عليها، والخروج منها بسلاسة؟ ما سبق يمثل نقطة انطلاق حقيقية لتطوير السوق، فماذا ستفعل «الهيئة» ومن بعدها البورصة في هذا الشأن، وهل ملاك تلك الشركات على قناعة بضرورة التعاون مع الجهات الرقابية والتنظيمية لمُعالجة الأمر لخلق سوق قادر على جذب السيولة.
اقتصاد
100 شركة مُعدل دورانها أقل من 10 في المئة
مُعالجات «جريئة» على الأبواب لمسألة جمود الملكيات
02:51 م