خلقنا الله عز وجل ووفر لنا كل أسباب السعادة، لنعيش سعداء على سطح هذا الكوكب، ولكن للأسف يأبى البعض منا أن يتلقفوا هذه النعمة ، فتراهم يعيشون في نكدٍ وضيق نتيجة خيبات مروا بها، أو صدمات تعرضوا لها وخاصة من أحبتهم أو أقرب الناس إليهم.كل ما حدث لهم كان بسبب سوء تقديرهم وتوقعاتهم من الآخرين. فهم لم يحسنوا ترتيب أولوياتهم الحياتية ،حيث وضعوا أنفسهم واحتياجاتهم في أسفل قائمة أولوياتهم، ولربما نسوا أن يذكروا أنفسهم ضمن هذه القائمة من الأولويات.ومن خلال خبرتي واطلاعي على كثير من أولويات الذين أحاورهم، وجدت تشابهاً كبيراً في ترتيب هذه الأولويات. فالأولاد والأزواج والأهل هم في قمة أولوياتهم، ولم يتبق لهم سوى آخر القائمة في سلم هذه الأولويات. بل غالباً لا يتبقى لهم شيء من هذه الأولويات.فكيف يمكن للإنسان أن يلبي احتياجات الآخرين وهو مكبل وغير قادر على تلبية حاجاته، وكيف يمكنه أن يسعد الآخرين وهو يفتقد مثل هذه السعادة.ولكي نضمن سعادتنا كان من المفروض أن نعيد ترتيب أولويات حياتنا بالطريقة الصحيحة لكي نسعد بها، وأهم شرط من شروط ترتيب أولوياتنا بنجاح هو أن نكون على قمة قائمة هذه الأولويات، وهنا يتبادر الى أذهان بعض الناس أننا ندعو الى الأنانية والنرجسية والغرور. وشتان بين حب الذات المحمود والإيجابي وحب الذات المذموم والمرتبط بالتكبر والغرور والأنانية والنرجسية، بمعنى أنا فقط وليأتي الطوفان من بعدي .فحب الذات بمعناه الإيجابي هو ذلك الحب الجميل الذي يسمو ويرتقي بأخلاقنا ويدفعنا إلى تقدير ذواتنا والترفع عن الدنايا وصغائر الأمور.إنه ذلك الحب الذي يمنحنا السعادة ليعطينا ويمدنا بالقدرة على إسعاد الآخرين. فمن المؤكد أن من يعجز عن إسعاد نفسه ليس بقادر على إسعاد من حوله، ومن لا يهب الحب لنفسه لن يستطيع أن يهبه للآخرين، ومن لا يقدر ذاته ويعطيها حقها لن يكون قادراً على احترام وتقدير الآخرين.وهو ذلك الحب الجميل الذي يمد جسور التواصل والألفة مع الناس، ويجعل تعاملنا راقياً ومحبباً مع الغير. إن في حبك لذاتك هو دليل احترام وتقدير لها وترفع عن صغائر الأمور، وسيجعلك هذا الحب تتجاوز عن الهفوات، وستفرض احترامك على الآخرين وستكبر في عيني نفسك قبل عيون الآخرين. فمن يحترم نفسه ويقدرها هو الوحيد القادر على احترام الآخرين بطريقة صحيحة.إنه ذلك الحب الذي يمنحك القوة، والتي من خلالها تواجه تحديات الحياة بثقة وشجاعة وبرباطة جأشِ، لتبني مستقبلك على أسس متينة من الحب لك وللآخرين، للوصول إلى السعادة الحقيقية.فكيف لنا أن نحب أنفسنا حباً جميلاً لنصل إلى مبتغانا ولما نصبو إليه:أولاُ: عليك بتقبل ذاتك وظروفك الاجتماعية والاقتصادية وحتى الصحية والشكلية، لأن قبولك لذاتك يعني تحرير لها من الماضي والقبول بالحاضر، وذلك سوف يعطيك القدرة على التحكم بحياتك وتصرفاتك وانفعالاتك مستقبلاً.ثانياً: لا تجلد نفسك وتؤنبها، وتوقف عن إدانة الذات حينما تخطىء بحق نفسك أو الآخرين، حتى لا تقع ضحية عقدة الذنب، كل ما عليك فعله هو الاعتراف بخطئك والاعتذار لمن أخطأت بحقهم، واجعل من الخطأ عبرةً ودرساً تتعلم منه فلا تقع فيه تارةً أخرى.ثالثاً: انظر بصورة إيجابية إلى ذاتك، وارصد ما بنفسك من الإيجابيات والسلبيات، واكتشف نقاط القوة في شخصيتك، واعمل على تعزيزها لأن في ذلك تعزيز لثقتك بذاتك. تخلص من نقاط ضعفك نهائياً، فإن لم تستطيع فحولها إلى نقاط تستفيد منها لتعزيز رصيد قوتك.رابعاً: لا تستسلم لمشاعر السلبية والفشل واعمل الأشياء التي تضمن نجاحها، فذلك سوف يدخل السعادة في نفسك ويشعرك بالراحة، ويعزز من مشاعرك الإيجابية تجاه ذاتك.وأخيراً وليس آخراً، يبقى التحدي الأكبر والأهم في حياتك هو أن تحدد أولوياتك بالطريقة الصحيحة، بدءاً من الأهم فالمهم فالأقل أهمية، وضع نصب عينيك دوماً أن الأهم هو أنت وهذا ما سميناه من البداية حب الذات المحمود والجميل، فكن جميلاً لترى الوجود جميلاً.* مدرب الحياة والتفكير الإيجابيTwitter : t_almutairiInstagram: t_almutairiitalmutairi@hotmail.com
محليات - ثقافة
بلسم روح الحياة / الحب الجميل
12:13 ص